برز منذ أكثر من خمسة قرون مذهبٌ فِكري توصَّل إلى أنَّ الحديثَ عن إصابة الإنسان للحقائق حديثٌ غير مُجدي على الإطلاق؛ والوجه في ذلك أنَّ نظرة الإنسان إلى الأشياء محكومة بعموم تجارِبه الخاصة، والكلام عن (التجرُّد) في النظرِ لا يتجاوز…
مقالات
-
-
تحدَّثتُ في المقال السابق[1] حول الكليات الخمس (الجنس، النوع، الفصل، العرض الخاص، العرض العام) ومستوى برهانيتها من حيث الانتظام على الخالق جلَّ في علاه، وفي هذا المقال أُبيِّنُ -إن شاء الله تعالى- ضبطها المُحكم لتوالي العِلَلِ والمعلولات، ثُمَّ الانتهاء برهانًا…
-
نَظَرِيَّةُ الفوضَى فِي قِبَالِ بُرهَانِيَّةِ الكُلِّيَاتِ الخَمْسِ على الخَالِقِ جَلَّ فِي عُلَاه
بواسطة Adminهل سَقَطَ المَطَرُ ليروي الأرضَ فَتَخْضَرُّ ويخرج الزرعُ؟ قالوا: لا، بل سقط بلا مخطَّط، وكانت الأرض محلَّ سقوطه، فاستجابت له مواقعُ منها فاخضرَّتْ وخرج الزرع وأثمر بعضُه.. كلُّ هذا بلا تخطيط ولا مقاصد، ولا يتعدَّى الأمرُ أكثر من استجابات أظهرت…
-
يفهمُ عُمُومُ الناسِ الإلحادَ أنَّه القول بإنكار وجود خالقٍ لهذا الكون الواسع، فالملحد يُنكر الألوهية من رأس، ويذهب إلى أنَّ الفوضى هي الأساس في انتظام الأمور، ولذلك يُنسبُ فلاسِفَتُهم إليها فيُقال: (المُفَكِّر الفيلسوف الفوضوي) أو (اللا سلطوي). أرى أنَّ الإلحادَ…
-
بين السهولة والتعقيد: سمعنا، ونسمع كثيرًا عن ضرورة تقديم الإسلام للناس سهلًا بسيطًا كما هو، دون تعقيدات متعبة وتصعيبات مُنَفِّرة، ثُمَّ أنَّ هذه المطالبات امتزجت باعتراضات جديدة على عموم الخطاب الإسلامي، فهو كما يرى المُدَّعي: هزيل ضعيف سِمَتُهُ البعد عن…
-
دعونا نأخذها من مختلف الاتِّجاهات.. القائلون بأصالة الفوضى ينتهون إلى أنَّ نفسَ الفوضى التي يقولون بها آلت إلى منظومة وجودية تتكامل في إطار عامٍّ لا تحيد عنه، وإن حادت ففي داخل نفس التصارع المتحرِّك من الفوضى إلى النظام، وبالتالي فإنَّ…
-
يقال في مقام الجواب: الله موجود، وعلى الإنسان أن يعمل لنيل رضاه والفوز بالجنة. فيُقال: وعلى أيِّ القوانين يعمل؟ وكيف يعمل دون أن يفهم؟ فيُجاب: لقد أمرنا رسولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله) أن نتَمَسَّكَ بالثقلين، فنكون على الهدى وننال…
-
الخُلعُ.. هو مالٌ تبذله الزوجة ليخالعها عليه زوجها بعد أن تصِلَ في مشاعرها تجاهه إلى درجة الكُره، فلا تطيق الاستمرار في علاقتها الزوجية معه. تندرج تحت عنوان الخُلع مجموعةٌ من المسائل الفقهية، منها رجوع الزوجة عن بذل المال، وهنا سؤالٌ…
-
يجتهدُ فقهاؤنا الكِرام في تتبع الأدلة والنظر فيها نظرًا علميًا معمَّقًا بحسب ما تقتضيه القواعد والأصول طلبًا للكشف عن الحكم الواقعي المطلوب للباري تبارك ذكره، ولا شَكَّ في أنَّ هذه العملية تحتاج إلى جهد كبير يبذله الفقيه في دوائر علمية…
-
من أوضح الواضحات اختلاف الناس في أفهامهم وأمزجتهم وطباعهم؛ لاختلاف عموم ظروفهم الاجتماعية والتربوية وما نحو ذلك، ولو أنَّ شخصين عاشا نفس الظروف وفي بيئة واحدة، فإنَّ موقفًا واحدًا يتعرَّض له أحدُهما كفيل بأنْ يُميِّزَه عن الآخر ويجعله مختلفًا، وهذا…
-
يُشِيرُ القُرآنُ الكَريمُ في أكثر من موضع إلى انحصار الخير والصلاح في القِلَّة دون الكثرة، فيقول: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)، وفي التأكيد على ملازمة الكثرة للضلال، قال: (لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)، ولكنَّ هذه الحالة تُقَابَلُ بضِدِّها تمامًا…
-
“إنَّ تصورَنَا لِمَوضُوعٍ، ما هو إلَّا تصورنا لِمَا قَد ينتج عن هذا الموضوعِ مِنْ آثَار عَمَلِيَّةٍ لا أكثر”. اشتَغَلَ الغَرْبُ كَثِيرًا بالفِكر من حيث مادَّة الثقافات وكيفية تَشَكلها، وتحديد جهة أو جهات الاستقبال والإرسال المعرفي في الإنسان، ويبدو لي أنَّ…
-
طالما شُغِلَ بالي بمباحث الحقيقة والاعتبار على اتِّساع موارد تطبيقاتها، من العلاقة بين الألفاظ ومعانيها، إلى الانتزاعات (الذهنية) للمفاهيم والمعاني الحرفية من المواضيع الخارجية، مرورًا بالعلاقات الاجتماعية، والافتراضات وما نحو ذلك. ولم أكن لأطمئن إلى استسهال ما يُعبَّر عنه…
-
المرورُ و(عَصْرُ) المُخَالفَات.. وظاهرة (الوشم) يبدو أنَّ إدارة المرور في البحرين قد اتَّخذت بعض الإجراءات المشدَّدة، وربَّما غير المسبوقة، في التعامل مع المخالفات المرورية مثل السرعة وتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، وما نحو ذلك. استعملت الجهة المختصة أداتين رئيسيتين في رصد…
-
كيف كان المعصومُ.. معصومًا؟ العِصمَةُ -بحسب ما أرى- هي: الكمال في القوى الإنسانية الأربع، وهي: العقل النظري، والعقل العملي، والانقياد النفسي للعقلين، والفعل، فلا يبقى منفذٌ لناقض مطلقًا. فهي: القطع اليقيني في قوى العقلين والفعل مع انقياد تام من النفس.…
-
نفتقِرُ في مجتمعاتنا إلى مراكز متخصِّصة في عمليات الاستقراء بأنواعها؛ لِمَا لِعلمِيَّةِ المادَّة من أهمية في قوة الدراسة ومستوى قربها من الواقع، ولو أنَّنا نتوفر على إحصاءات عِلميَّةٍ لانكشفت لنا الكثير من الحقائق التي تُمَكِّنُنَا من دراسة الواقع على أُسُسٍ…
-
الشَّيخ المفيد طودٌ شامخٌ في العلم، والشَّريفَين الرَّضي والمرتضى يتفجَّر عن جنبيهما العلم، وماذا نقول في شيخ الطَّائفة الطّوسي، والمحقِّق الخواجه نصير الدِّين، والمحقِّق الحلِّي، والعلاَّمة، وفخر المحقِّقين، والشَّهيدَين العامليَّين، والمحقِّق الكركيّ، نعم وأيُّ مرتبةٍ علميَّةٍ وصل لها المحدِّثُ الخبير…
-
الحياة بين بلاءٍ وابتلاءٍ حُسين طارش حوزة خاتم الأنبياء (صلَّى الله عليه وآله) العلمية 20 جمادى الثانية 1438 هجرية {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} الابتلاء وفقًا للآية الكريمة أساسٌ في الخلق والحياة، فالدنيا لم تُخلْق ليُركن إليها، فهي مبنية على الجهد والكدح والكدر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}، فلا بد من الابتلاء والبلاء في هذه الدنيا. ومعنى كل من اللفظين -الابتلاء والبلاء: البلاء يأتي بمعنى الجزاء، ويستعمل في الخير والشر، قال تعالى :{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} وقال سبحانه :{كَذَلِكَنَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } وقال :{وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُبَلَاءً حَسَنًا}، فالبلاء يكون بالإنعام كما يكون بالإنتقامفيقال من الخير: أبليته أبليه إبلًاء، ويقال من الشر: بلوته أبلوه بلًاء. أما الابتلاء فهو بمعنى الاختبار والامتحان، قال جلَّ جلالُه: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} وقال تعالى: {وَإِذِابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} أي: وإذ امتحن إبراهيمَ رٓبُّهُ. والفرق بينهما أنَّ الابتلاء أخصُّ من البلاء، فهو اختبارٌ وتمحيص، أمَّا البلاء فهو الجزاء. ولِيُحسِن الإنسانُ تعامله مع الابتلاء عليه أن يعرف الحكمة والغاية منه، وهاهنا أذكر بعض الأوجه من حكمة…
-
نصرة الإمام الحسين في الإمام المهدي (عليهما السلام) حميد الغسرة حوزة خاتم الأنبياء (صلَّى الله عليه وآله) العلمية 20 جمادى الثانية 1438 هجرية قال الإمامُ الحسينُ (عليه الصلاة والسلام): “هل من ناصر ينصرنا، هل من ذاب يذب عن حرم رسول…
-
مالي خص بدياج المكاين، كلامي في دياجة البيت.. البحرانية الحليوة اللي بيضتها ما تعجب أولاد المكاين.. يقولون عنها (زفرة)!! ملاحظة: في ناس يقولون: دجاجه، وناس يقولون: ديايه. واحنا من الوسطيين اللي يقولون: دياجه. عشان محد يحط في خاطرة. الدياج في…
-
من جهة الشرع الحنيف، فإنَّ العبدَ هو الإنسانُ المملوك لغيره، فلا يَمْلُكُ ولا يَنْكَحُ ولا يَبيعُ ولا يَشْتَرِي ولا غير ذَلِك ممَّا للحرِّ، إلَّا بإذن مالكه، وقد اشتهر بين علماء المسلمين اهتمام الإسلام بالقضاء على ظاهرة العبودية، وهذا أمرٌ، وبالرغم…
-
تحضرُ مفاهيم التبليغ بقوة في نصوص الكتاب العزيز، وأولها آية الخلافة الإلهية في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)؛ من جهة مفهوم الخلافة ومسؤولية الخليفة، إذ أنَّ الغاية الابتلائية هي (وَيكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ)، ولا منطقة…
-
هل ينبغي أن أعرف؟ نعم، الأصل هو: نعم، ينبغي أن أعرف، فالإنسانُ بِلا مَعرِفَةٍ طامَّةٌ على مجتمعه، وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): “ما من حركةٍ إلَّا وانتَ محتاجٌ فيها إلى معرفة”، ومن أهم أنواع المعرفة معرِفةُ الفعل والإحجام؛ فقد…
-
لا شَكَّ ولا خِلافَ في أنَّ الحقيقةَ الإنسانيَّةَ واحِدَةٌ موجودةٌ في كلِّ واحدٍ من مصاديق الإنسان، وهي بحسب ما توصل إليه الجهد الفلسفي متعينةٌ في (الحيوانية الناطقية)، وهي من حيثُ هي هي واحِدةٌ في كلِّ إنسان (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ…
-
يتميزُ المجتمع البشري بطبيعة التعايب بين مكوناته، من الأفراد إلى الدول، مرورًا بالجماعات والتيارات الأعم من الدينية وغيرها، وإن لم يكن ذلك، ففي الغالب تكون روحية الالتقاءات التكاملية بينها مفقودة، وقد يكون هذا ممَّا أشار إليه الباري تبارك ذكره في…
-
(البطل) في اللغة العربية: “شُجَاعٌ تَبْطُلُ جِرَاحَتُه فلا يكتَرِثُ لها ولا تَبْطُل نَجَادتُه، وقيل: إِنَّما سُمّيَ بَطَلاً لأَنَّه يُبْطِلُ العظَائِمَ بسَيْفِهِ فيُبَهْرِجُهَا، وقيل: سُمِّيَ بَطَلاً لأَنَّ الأَشِدَّاءِ يَبْطُلُون عنده، وقيل: هو الذي تَبْطُلُ عِنْدَهُ دِمَاءُ الأَقْرَانِ فَلَا يُدْرَكُ عِنْدَهُ ثَأْرٌ مِنْ…
-
من جهة النظر، فإنَّ التكامل هو ما يفترض أن يصير إليه هذا الخلق البشري في مسيره المعرفي؛ إذ التقاء العقول وتلاقح الأفكار. ويفلسف بعض العلماء هذا التكامل بإرجاعه إلى فهم الأفكار على أنَّها مجموعة مستمرة من المتناقضات التي تتغالب فتفنيها…
-
هات قلبك وانظر.. كنتُ بين أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) أبحث عن كلامهم في (التجلِّي الإلهي)؛ لعزمٍ عقدتُه بحول الله وقوته على الكتابة في معاني قوله تعالى (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا)، فقد كان…
-
يتحدَّثُ التاريخُ عن الأخيار والأشرار.. عن الطيبين والخبثاء.. يتحدَّثُ عن مجتمعات بشرية تقوم على الأضداد في الطباع والسلوك، فهناك من يُحسِن التقدير، وهناك من يسيئه، وهناك من يجيد قراءة الواقع، وهناك من يخطئ فيها، وهناك من لا يُحسنها.. هكذا هي…
-
فليكن مقالُ هذا الأسبوع بمثابة الاستراحة التأملية الفكرية في عنوان (الغيرة) من عناوين الخارطة النفسية، والسبب في ذلك أنَّني وجدتُ إرجاء المقال المفترض لهذا الأسبوع، والذي كان لمناقشة الاستقرار النفسي عندَّ المرأة؛ بعد أن طرأ على مساحتي الذهنية أمر اضطرني…