* ما الذي يُنْتَظرُ ممن يَشْرَعُ في صياغة قضية ما؟
يمكن للكَيِّسِ الفَطِن قراءة الحِسِّ المسؤول عند نفسه بتتبع وملاحظة الزاويا والعيون والأبعاد التي تمحور أو يتمحور حولها في صياغة القضية، وكلما كان مستريحًا في ذلك (أمام) ضغوطات الموروثات والصور والأحكام المسبقة وما يشبهها مما يؤثر في حسن النظر ودقة التحليل، كلما كان جمعيًا شموليًا موضوعيًا منصفًا، والعكس بالعكس صحيح.
لا يكون ذلك من أحد ما لم يكن مُحِبًّا للحقيقة أولًا وللإنسان بما هو إنسان ثانيًا، فهو (يعشق) الحقيقة وإن خالفت توجهاته الثقافية والفكرية؛ فهي التي يطمئن لإنسانيته من خلالها.
ثم إنه محب للإنسان لأن الحب عنده هو الأصل دائمًا، ومن مقتضيات الحب الحقيقي أن لا يقدم المُحِبُ لمحبوبه غير الصحيح المحكم، ولا مجال عنده لأقل من ذلك.
فما تنتظره الإنسانية من الإنسان أن لا يقدم قضية لا لنفسه ولا لغيره إلا من بعد أن يحيط بموضوعها ومحمولها خبرًا، وهذا يتطلب ما أشرت إليه قبل قليل، وبالتالي الفرار من نواقضه، ورأسها النفس التحزبية بمختلف أشكال ودرجات وألوان النحزب.
وعليه، فإن الإسناد في القضايا يعتمد جدًا:
أولًا: التحرر من أغلال المسبقات من أحكام وصور وموروثات.
ثانيًا: التخلص من أغلال التحزب مطلقًا.
ثالثًا: الاهتمام الكبير بالملاحظة، القراءة، التدوين، تشخيص التجارب النفسية والغيرية، ثم احترام الرأي بما هو رأي.
ويأتي بعد ذلك:
– ما هي الأسس في صياغة القضايا؟
– ما هو المدى المفترض لحجية القضايا التي يشكلها الإنسان؟
محمد علي العلوي
٢٠ جمادى الآخرة ١٤٣٥ هجرية