بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمَّد وآله الطيبين الطاهرين
أمتلكُ مكتبةً كبيرةً تحمل ثِقْلَ كُتُبٍ منوعة في مختلف العلوم والفنون لا سيَّما ما يخص الدِّين أصُولًا وفرُوعًا، وطالما سألني بعضُ أبنائي من طلبة العلم عن قراءتي لكلِّ هذه الكتب، ولا يعجبهم أن أشتري المزيد من الكتب وهناك في مكتبتي ما لم أقرأه بعد!
أجبتُهم وأعدتُ الجوابَ مِرارًا، ولا يزالون على غير وفاق مع جوابي؛ فهم يرون أنَّ ما يُشترى يُقرَأ، وإلَّا فلا وجه لتضييع المال في شرائه وركنه على بعض رفوف المكتبة.
إنَّني في هذه المقالة أُبيِّن الأمرَ وما يرجع إليه من تَطُلُّعٍ أحملُ همَّه وأتحمَّل مسؤوليته بما يوفق إليه اللهُ جلَّ في عُلاه، وأقصد ضرورة السَّعي إلى تكوين حاضرة علميَّة في كلِّ صُقْعٍ تكون فيه يدُ المؤمنين مبسوطة إلى الحد الَّذي يتمكنون معه من إعمار مساجدهم وأنديتهم كما هو الحال في غير بلد من بلدان المسلمين، وبطبيعة الحال فكل حاضرة بحسب مكانها وما يناسب مجتمعها.
وقد رُوي عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) أنَّه قال: “لاَ يَسْتَغْنِي أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ عَنْ ثَلاَثَةٍ يَفْزَعُ إِلَيْهِمْ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ وَ آخِرَتِهِمْ فَإِنْ عدِمُوا ذَلِكَ كَانُوا هَمَجًا؛ فَقِيهٍ عَالِمٍ وَرَعٍ، وَأَمِيرٍ خَيِّرٍ مُطَاعٍ، وَطَبِيبٍ بَصِيرٍ ثِقَةٍ“[1]، والفقيه صنيعة بيئة العلم ويصعب عليه البقاء خارجها؛ ومن وجوه ذلك عَدَمُ الضامن لبقاء العلم ما لم يتعرَّض لِما يزيده عمقًا وسعةً، ومن الصعب تحقيق هذه الغاية دون الكونِ في أجواء علميَّة تعين عليها، وبذلك فإنَّ الحاضرةَ العلميَّة نحوٌ من المقدمات العاديَّة، بل لا يبعد القول بكونها نحوًا من مقدِّمة الوجود، ولا أتصور خلافًا في أهميَّتها بالنسبة إلى قيام العلم وتكوين العلماء.
إذا اتَّضح ذلك فإنَّنا نُبيِّنُ إذن مقومات الواقع العلمي الَّذي يُرجى أن يكون يومًا حاضرةً علميَّة، وفي هذا البُعد قال الأخ الأكرم الدكتور السَّيد عيسى الوداعي في مقابلة مرئية: “الحاضرة العلميَّة لا تنشأ بقرار فردي.. أبدًا؛ إنَّما تنشأ من عدَّة عوامل مشتركة: العامل السياسي.. العامل الاقتصادي.. العامل الثقافي.. العامل الاجتماعي، كلُّ هذه العوامل مجتمعةً تكوِّن الحاضرة“[2].
فأقول:
يمكننا تصور عدم الواقع العلمي الخاص، ثُمَّ إنَّ العوامل المذكورة تتظافر وفق قناعة معيَّنة وتشرع في التأسيس لواقع علمي ترجوه، ومنه لا يبعد أن تتحقَّق الحاضرة العلميَّة في طورٍ من أطوار العمل.
تقدَّمتْ في الفرض السابق العواملُ على التأسيس، ولكنَّ نفسَ التأسيس لا يوجد دفعة واحدة وفي آنٍ واحدٍ كما توجد الحرارة من النَّار مثلًا، ولكنَّه يُوجد عن عمل وحركة دؤوبة تقصده وتسعى لتحقيقه، وهذه الحركة تنتجها قناعةٌ وقرارٌ من فرد أو أفراد، ولها أثر كلَّما جدَّت ونضجت في تحريك خصوص العوامل الاقتصاديَّة والثَّقافيَّة والاجتماعيَّة، فالعوامل إذن قد تتقدَّم على واقع البيئة العلميَّة، وقد تتأخَّر عنها، وبعبارة أدق؛ هي قد تكون المؤثِّر الأوَّل في التحريك نحو التأسيس وصناعة الواقع، وقد يكون المؤثِّر في الحركة قناعةٌ وقرارٌ، ثُمَّ أنَّ الحركة والعمل في أرض الواقع يُؤثِّران في العوامل الثلاثة.
لا يمكنُ إنكارُ ضرورة عوامل الاقتصاد والثقافة والاجتماع، وإنَّما الكلام في مرتبة ووقت وقوع كلٍّ منها؛ فنقول أنَّ تقدمها كما في فرض الدكتور السَّيد الوداعي على قيام الحاضرة العلميَّة صحيحٌ بِلا معارِض، ولكنَّه ليس كذلك بالنسبة إلى التأسيس وحركة التمهيد، وهذا هو الطور الَّذي يشغلنا ويأخذ الأولويَّةَ في ما نبذل فيه جهدنا.
مبدأ التضحية من أجل جيلٍ قادم:
من الصعب تصور الأنانيَّة في أصحاب القناعات والمشاريع المجتمعيَّة الكبرى، لا سيَّما تلك الَّتي يقوم بنائها على القناعات والتكونات الثقافيَّة والفكريَّة؛ والوجه في ذلك افتقارها إلى امتداد زماني ومكاني تقدِّم فيهما نفسها للنَّاس ساعية إلى أن يكون لها وجودها في مكوناتهم الثقافيَّة والفكريَّة، وهذا يحتاج إلى وقت طويل وعمل دؤوب، وحضور عقليَّة قادرة على التعامل مع العقبات والصعوبات على مختلف أنواعها ومستوياتها.
إنَّ التضحيةَ ضرورةٌ في هذا الطور من مرحلة التعريف بالفكرة وبيان وجوه الاقتناع بها، بل وإدخالها في مناهج التنشئة والتربية، ومن أهم المعالم الحقيقيَّة للتضحية هو العمل اليوم والبذل من أجل ثِمارٍ يأتي من يقطفها بعد جيل[3] وأكثر، وبذلك فإنَّ استمرارَ مبدأ التضحية وتوارثه حتَّى أوان الثمرة ضرورةٌ لا تحتاج إلى توضيح وبيان، بل مِمَّا ينبغي أن يكون في وجدان حملة مثل هذه القناعات والمشاريع أنَّ عامل التضحية مأخوذٌ على نحو الشرط في فرض عدم تقدُّم عوامل الاقتصاد والثقافة والاجتماع على غيرها مطلقًا، وإلَّا فمع تقدمها تقلُّ التضحيات، وقد يقطع المؤسِّسون ثمار مشروعهم.
الحاضرة العلميَّة ومبدأ التضحية:
الحاضرةُ هي المدنُ والقرى والريف في قِبال البادية، ومِن سِمَاتِ أهلِها الاستغناءُ عن التنقل طلبًا للعيش وما نحوه، فهم إذن في استقرارٍ وكفايةٍ عن البروز والظهور والتعرُّضِ لمخاطر البراري والقِفار.
تهتم المدينة والقرية بتوفير مختلف احتياجات أهلها، فتجد فيها الفرن والقصَّاب والحائك والحدَّاد والنَّجار، وأماكن الاستيراد والتصدير، والمقبرة والحمَّام.. وغير ذلك من عوامل الاستقرار. وتُقصَدُ الحاضِرةُ كلَّما تقدَّمت في توفير سُبُل العيش الكريم والرَّاحة لأهلها وسكَّانها، وبطبيعة الحال فإنَّ الاستغناء عن الآخر ليس على نحو الإطلاق، وهذا أيضًا لا يحتاج إلى تنبيه وتوضيح.
على وفق معايير هذا المستوى من الاستغناء والاكتفاء تُفهَمُ معالم الحاضرة العلميَّة، وبملاحظة موضوعيَّة لن يخفى عليك ما لمادَّة الاستقرار من ضرورة في تكوين وحفظ استقرار الحاضرة وضمان تقدُّمها واطراد ازدهارها، ومادَّة الحاضرة العلميَّة تبداليَّة بين طلبة العلم ونتاجهم العلمي، فهم ينتجون ليكون نتاجهم مادَّة علميَّة لبعضهم البعض ولمن يأتي بعدهم، فيتفاعلون وينتجون.. وهكذا تستمرُّ الحركة العلميَّة بدفع من التفاعل الإنتاجي للعلم.
تفتقر المجتمعات إلى الوفرة في مادَّة الحاضرة العلميَّة، وبالرغم من وجود علماء وفضلاء إلَّا أنَّهم في الغالب لا يُفكِّرون في إثراء مجتمعاتهم بإنتاجهم العلمي مكتفين بعمليَّة التبليغ الأوَّلي والتسقُّف بأدنى السقوف. ولو أنَّهم يصرفون شيئًا من الجهد في الإنتاج العلمي لتكونت أسس حواضرهم من غير حاجة إلى قرار منهم.
وكيف كان؛ فإنَّ الحاملين لقناعة التأسيس للحواضر العلميَّة وتكثيرها ما أمكن ذلك يفهمون جيِّدًا أنَّ مرحلتهم مرحلة تضحية بتطلعاتهم الشخصيَّة، فالمجتمع لن يُفيد من فقيه ما لم تولَد فقهاته وتستقرُّ بين أقران لا تخلو ناحية في المجتمع من واحد منهم، وقد ذكر الشيخ البلادي عن جدِّه أنَّ بيتهم “وَحْدَهُ اجتمع فيه أربعون عالِمًا بين مجتهدٍ ومشرفٍ على الاجتهاد في عصر واحد من الأعصار“، كما ونقل عن الشيخ علي ابن الشيخ محمَّد المقابي أنَّه “قد اتَّفَقَ أنَّ فاتحةً أقيمت لبعض أشخاص البحرين في مسجدها المُسمَّى بالمشهد ذي المنارتين، فاتَّفَق فيها حضور ثلاثمئة أو يزيدون من العلماء الأفاضل في وقت من الأوقات“[4].
لذا فحتَّى الفقيه اليوم يضحي من أجل تنشئة جيل مستعد للفقاهة، وهذا ليس مِمَّا يُصلح أمره في ليلة، ولكنَّها غاية تحتاج إلى جهود تمتدُّ في سنوات وعقود.
تحرير الكتب من المكتبات:
يقع الكتاب في مقدِّمة مكونات المادَّة لتأسيس واستمرار أي مجتمع أو حاضرة علميَّة، ونحن في البحرين نتوفَّر على طريقين لإحياء هذا العنصر الضروري، أحدهما التوجُّه الجاد والمسؤول لتحقيق ما نظفر به من مخطوطات ومطبوعات قديمة لعلماء البحرين وإعادة طباعتها ورفد المكتبات بها، أمَّا الآخر فشراء الكتب من المكتبات بغض النظر عن حاجة المشتري؛ إذ إنَّ الغاية هي شراء الكتب وقفها وتسبيل منفعتها لكلِّ طالبٍ للعلم، لا سيَّما طلبة العلوم الفقهيَّة. والفائدة حينذاك لمن لا يتمكَّن من الشِّراء لضيق ذات اليد، ولكفاية القادر مؤنة الشِّراء.
إنَّ لوقف الكتب والمكتبات أثره في تكوين ثقافة البذل والخروج من محدوديَّة (الأنا) إلى آفاق الآخر المستحق والمساعدة في بناء واقعه الصالح.
الوقوفُ ثقافةٌ متقدِّمةٌ وسُلوكٌ حَسَنٌ محمود، كما وهو مِن مبادئ العمل للمستقبل بمختلف آماده، وقد جاء عن أحمد بن محمَّد بن أبي نصرٍ البزنْطيِّ، قال: “سَأَلْتُ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنِ اَلْحِيطَانِ اَلسَّبْعَةِ. فَقَالَ: كَانَتْ مِيرَاثًا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَقْفًا، فَكَانَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَأْخُذُ مِنْهَا مَا يُنْفِقُ عَلَى أَضْيَافِهِ وَاَلنَّائِبَةِ يَلْزَمُهُ فِيهَا، فَلَمَّا قُبِضَ جَاءَ اَلْعَبَّاسُ يُخَاصِمُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَشَهِدَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ غَيْرُهُ أَنَّهَا وَقْفٌ وَ هِيَ اَلدَّلاَلُ وَاَلْعَوَافُ وَاَلْحَسْنَى وَاَلصَّافِيَةُ وَمَالُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَاَلْمَيْثَبُ وَبُرْقَةُ“[5].
ورُوي عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنَّه قال: “إِذَا مَاتَ اَلرَّجُلُ اِنْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلاَثَةٍ؛ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ“[6]. فإنْ لم يكن وقف الكتب والمكتبات صدقةً جاريةً فهو علم يُنتفع به. والحقُّ أنَّ فوقفها هذا وذاك.
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السَّلام)، “كَيْفَ يَزْهَدُ قَوْمٌ فِي أَنْ يَعْمَلُوا اَلْخَيْرَ؛ وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) – وَ هُوَ عَبْدُ اَللَّهِ قَدْ أُوجِبَ لَهُ اَلْجَنَّةُ – عَمَدَ إِلَى قُرُبَاتٍ لَهُ، فَجَعَلَهَا صَدَقَةً مَبْتُولَةً تَجْرِي مِنْ بَعْدِهِ لِلْفُقَرَاءِ؟! قَالَ: اَللَّهُمَّ إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَصْرِفَ وَجْهِي عَنِ اَلنَّارِ، وَتَصْرِفَ اَلنَّارَ عَنْ وَجْهِي“[7].
ورُوي عن جابرٍ أنَّه قال: “لَمْ يَكُنْ مِنَ اَلصَّحَابَةِ ذُو مَقْدُرَةٍ إِلَّا وَقَفَ وَقْفًا“[8].
إنَّني إذ أُكثِر شِراءَ الكتب، وأُصِرُّ على المُضي على ذلك؛ فإنَّ الغايةَ هي وقفها وتسبيل منفعتها، وغاية الوقف هي المساهمة الفعليَّة في تكوين المادَّة العلميَّة لحاضِرَةٍ نتطلَّع إلى أنْ ينعم أولادُنا وأحفادُنا بِظلال فقهائها وعلمائها. ثُمَّ إنَّ دعوةً جادَّةً ورجاءً من عمقِ قلبي أوجهه لكلِّ من يُؤمِن بمشروع الحاضرة العلمية بأن لا يبخل بشراء الكتب والمخطوطات لوقفها فتكون مادَّة للتفاعل بالقراءة والشرح والتعليق، والمناقشة والأخذ والردِّ.. وهكذا يُنتِجُ الكتابُ الواحدُ كُتُبًا كثيرة تتعمَّق مباحثه فيها وتتوسَّع مطالبه. بل حتَّى من لا يؤمن به فإنَّ في شرائه الكتب ووقفها للغاية المذكورة حُسنَ الصدقة الجارية والعلم النَّافع.
إنَّ وقْفَ الكتب والمكتبات ليس بدعًا من الأفكار، بل هو مِمَّا التزمه بعض علمائنا الأعلام، ومِنهم العلَّامة السَّيد جواد الوداعي (عطَّر الله مرقده)، فقد أوصى “بأن تكون مكتبته بما فيها وقفًا، ينتفع بها المؤمنون، وعلى أن يُشاد لها مبنى في ملكه، الكائن رأس الرمَّان، مكون من ثلاثة طوابق، وأن يُجعل لها حارس؛ حتَّى لا يعبث بها العابثون“[9].
ليس ضروريًّا أن تؤمِن بمشروع التأسيس لحاضرة علميَّة في البحرين أو في غيرها، بل قد تؤمِن باستحالتها، غير أنَّ هذا لا يمنع على الإطلاق من أن تكون عامِلًا فاعِلًا في ما يعتقده غيرك تأسيسًا للحاضرة، فهو خيرٌ وله ثماره سواء أزهرت في الأرض حاضِرةٌ علميَّة أم لا. وفي مثله فليتنافس أهلُ الإيمان والخير والصَّلاح.
السَّيد محمَّد بن السَّيد علي العلوي
19 جمادى الأولى 1446 للهجرة
البحرين المحروسة
………………………………….
[1] – تحف العقول عن آل الرسول (عليهم السَّلام) – ابن شعبة الحرَّاني – ج1 ص315
[2] – مقابلة أجرتها المدونة الصوتية لكتابات عنوانها: الدعوة إلى تكوين وتكثير الحواضر العلميَّة.. الواقع والمبررات والصعوبات
[3] – بناءً على أنَّ الجيل 33 سنة.
[4] – انوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين – الشَّيخ علي البلادي – ص48
[5] – قرب الإسناد – الحميري – ج1 ص363
[6] – إرشاد القلوب – الحسن ابن أبي الحسن الديلمي – ج1 ص14
[7] – الأصول الستة عشر، ج1 ص232
[8] – عوالي اللئالي – ابن أبي جمهور الإحسائي- ج3 ص261
[9] – سيرة النُّور.. قبسات من حياة المقدَّس السَّيد جواد الوداعي – الدكتور السَّيد عيسى الوداعي – ص93