(الدينُ) و (العلمُ)؟
هل هي ثنائيَّة؟!
عندما نقول: الدين عقائد وتشريعات يلتزمها العبدُ طلبًا لرضا الله تعالى، صحَّ حينها لو انتظرنا تشريعًا (دينيًا) خاصًّا يجيز الرجوع إلى (العلم) في موارد التداوي والصناعات وما نحو ذلك..
أمَّا لو قلنا: الدينُ بيانٌ لقوانين وحقائق هذا الوجود، ومن ذلك ما جاءت على إحكامها وضبطها القواعد والتشريعات، كانت (كلُّ العلوم) حينها جزءًا من بيانات الدين.
فلننتبه جيِّدًا..
من هذه الجهة القانونية، لا فرق على الإطلاق بين المشي لقطع المسافة من النقطة (أ) والنقطة (ب)، وبين تناول الدواء الصحيح وبالمقدار الصحيح للشفاء؛ إذ أنَّ نفس الوسيلة لقطع المسافة ليست شيئًا لو لا وقوعها في قانون تكويني ثابت، وكذا تناول الدواء، فهو واقع في قانون تكويني ثابت..
عندما تخطو خطوة فإنَّك مقهور بذلك على قطع المسافة، ومن المحال تكوينًا أن تخطو ولا تقطع مسافةً بمقدار الخطوة..
وكذا في كلِّ أمر يشغل حيِّزًا مادِّيًا جسميًا أو معنويًا في هذا الوجود، فهو واقعٌ في قبضةٍ محكمةٍ لقانون تكويني خاصٍّ بالضرورة.
لاحظوا..
الآن أنا أضغطُ في مساحة خاصَّة على شاشة جهاز أمسكه بيدي، فيظهر حرفٌ من كلمة.. كلُّ هذا، من إمساكي بالجهاز ووقوعه في محلٍّ خاص، وضغطي على الشاشة، وظهور الحرف.. كلُّه لا شيء لو لا وقوعه في قانون التقديرات والقضاءات..
كلُّ حركة بتقدير، وبعد كل تقدير قضاء بوجود جديد (نتيجة).. وهكذا..
الآن نسأل.. .
من خلق وأوجد هذه القوانين المُحكَمة والحاكمة حكومة قهرٍ وحسم؟
هو الله جلَّ في علاه..
عندما نُحقِّقُ ما نريد.. عندما نمشي فنصل.. عندما نتداوى فنشفى.. عندما نجمع مسائل خاصَّة يجمعها موضوع معين فندونها تحت عنوان علمٍ خاص.. فهذا كلُّه في أمر الله تعالى.. في قوانينه..
وكلُّه مُستَوجِبٌ لشكر الله تعالى وحمده..
كلُّ هذا الوجود يعيش الدين، وعليه أن يتديَّن، ومن لا يفعل استحقَّ العذاب، وهو قمَّة العدل والإنصاف..
إنَّ العاصي (والعياذ بالله) يعصي في قانون الله تعالى الذي خلقه للخير والصلاح والطاعة!! كم هي عظيمة!
ملاحظةٌ مهمَّة: استمعتُ صباح اليوم لتسجيل مرئي حول الدين والعلم لسماحة الأستاذ الجليل، العلَّامة المِفضال السيد علوي البلادي (دام علاه)، وله الفضل في انقداح فكرة هذه المقالة في ذهني.
@sayedalawialmosawi
تاريخ المنشور: 29 مارس 2020 للميلاد