مقولة أنَّ البحرين (مدينة واحدة) ولا قَصْرَ فيها مع قطع المسافة الشرعيَّة!

بواسطة Admin
0 تعليق 514 مشاهدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمَّد وآلِه الطيبين الطاهرين

منذ سنوات تتجاوز العشر ولا يزال سؤالٌ يتردَّد بين بعض المؤمنين حول كون بلدنا البحرين مدينةً واحدةً ولا قصر فيها أو في أكثر مساحتها أو أنَّها ليست كذلك ويجب القصر بحسب الموازين الشرعية، ومنهم من يُصرُّ على عدم القصر ناسبًا هذا الرأي لبعض الفقهاء بالرغم من نفينا ومناقشتنا للمسألة مع بعض ممَّن يُداِفِعُنَا مِن طلبة العلم الكِرام بالرغم مِن عدم إتيانهم بنصٍّ واحدٍ عن فقيهٍ يؤيِّدُ دعواهم!

تارةً يتحدَّثون عن كون البحرين صغيرة، وأخرى عن اتِّصال المباني، وثالثة عن عدم وجود فواصل صحراوية تفصل المنطقة عن الأخرى.. وما نحو ذلك من عناوين بعضها أجنبيٌّ عن المسألة كالمساحة، وبعضها أخص ممَّا يثبتُ به حكم القصر؛ إذ أنَّها قد تكون علامة على أنَّ المنفصلتين مدينتان أو قريتان، ولكنَّها ليست مساوية لكونهما كذلك، أي أنَّ اتصال المباني أو عدم وجود الفاصل الصحراوي لا يساوي الوحدة وإن كان علامة مُنبِّهة، فمع الفاصل الواضح يشتدُّ ظهور كون المنطقتين مختلفتين، ومع عدمه يظهر العكس، ولكن لا يلزم مِن الفاصل الاثنينية (على تفصيل) ولا مِن عدم الوحدة.

لِقَطْعِ مَادَّةِ النِّزاع وجَّهنا السؤال التَّالي لمجموعة من مكاتب الفقهاء (أعزَّ الله كلمتهم):

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تتكون البحرين من مجموعة مدن وقُرى متقاربة يفصل في الغالب بين الواحدة والأخرى شارعٌ قد يتَّسع وقد يضيق، ولكن لكلِّ قرية ومدينة اسمها الخاص ويعرف أهلها به، فيُقال (درازي) نسبة لقرية الدراز، و(جزيري) نسبة لجزيرة النبي صالح، و(كرَّاني) نسبة لقرية كرَّانة، وهكذا..

السؤال:

هل تعتبر هذه المناطق المتقاربة بحكم المدينة الواحدة فلا قصر فيها، أو أنَّ مَن يقطع المسافة الشرعيَّة بداية من آخر مباني قريته أو مدينته كان عليه القصر بتجاوز حدِّ الترخص، وبالتالي لا عبرة لتقارب القرى والمدن على النحو المذكور؟

دمتم في رعاية الله تعالى

والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

……………………………………..

قبل سرد الردود نُنَبِّهُ على أنَّ لِمُصْطَلح (البلد) اليوم إطلاقان، أوَّلهما سياسي رسمي وهو الدولة بحسب التحديد السياسي المعروف فيكون لها نظامٌ حاكم وعلمٌ خاصٌّ وسيادة سياسية معترف بها دوليًّا، والثَّاني عُرفي وهو المنطقة التي يبين أهلها الانتماء لها وإن كانت في بلد بالمعنى الأوَّل. ومن المهمِّ الانتباه إلى أنَّ مصطلح (البلد) في الفِقه هو ما نُعَبِّر عنه بالمدينة أو القرية، وهو الإطلاق الثاني.

ثُمَّ أنَّ أجوبة الفقهاء كانت على قسمين من حيث اعتبار الوحدة وعدمها، أمَّا الأوَّل فقد أحال إلى العرف، ومِنهم الشَّيخ الوحيد الخراساني، والسَّيد الخامنئي، والسَّيد الشِّيرازي، في حين قال الثَّاني بالوحدة، ومنهم السَّيد السِّستاني والشَّيخ بشير النجفي، في حين قرَّر قول العُرف السَّيد المُدرِّسي فقال بعدم الوحدة.

ومِمَّا لا يفتقر إلى دليل وبرهان بناء العرف على عدم الوحدة، بل وينكرها مُسَتَغرِبًا القول بها، وإنَّما نشأتْ الشُّبهَةُ من مسألة اتِّصال المباني وعدم الفواصل البريَّة أو ما نحوها، وقد نبَّهنا أعلاه على أنَّ الاتِّصال علامة على الوحدة ولا تلزم منه، فقد تتَّصل المباني ولا تتحقَّق الوحدة، وقد لا تتصل مع ثبوت الوحدة على تفصيل مذكور في محلِّه؛ والمرجع إلى العرف وقد بان حالُه.

…………………..

الأجوبة مُرَتَّبة بحسب تاريخ استلامها؛ الأقدم فالأقدم:

١/ الشَّيخ الوحيد الخراساني (دام ظلُّه):

“اذا يعدها العرف بلادا مختلفا فليست بحكم المدينة الواحدة”

٢/ الشَّيخ بشير النجفي (دام ظلُّه):

“بسمه سبحانه

في مفروض السؤال يجري على كل قرية باسمها الخاص حكمها الخاص فلا تعتبر مدينة واحدة.

والله الهادي.”

٣/ السَّيد الخامنئي (دام ظلُّه):

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مع فرض اتصال المدینتین إحداهما بالأخری علی النحو الذي تُعَـدّان عرفاً مدینةً واحدةً فلهما حکم المحلّتین من مدینة واحدة حيث إن الخروج من إحداهما الى الأخرى لا يُعَـدّ سفراً حتى يلاحظ له حد الترخص، والا حكمهما حكم مدينتين منفصلتين والمعيار في ذلك عرف مجتمع المكلف العام واهالي بلده.

موفقين لكل خير”

4/ السَّيد صادق الشِّيرازي (دام ظلُّه):

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الجواب:

“اذا كانت المدن متصلة وعدّ الجميع مدينة واحدة عرفاً فلها حكم المدينة الواحدة وجب التمام و الصيام، وكذا لو كان القدر الفاصل بينها ـ ولو ملفقاً ـ اقل من المسافة الشرعية، نعم اذا سافر من مدينة الى اخرى وكان بين آخر بيوت بلد السفر و اول بيوت بلد المقصد مسافة شرعية -22کيلو متر فصاعدا- فانه يقصّر وان تعددت المدن الصغيرات بين المدينتين”.

5/ السَّيد السِّيستاني (دام ظلُّه):

بسمه تعالى

الامر يتبع نظر العرف الدقيق بان هذه المناطق هل تعتبر محلات من المدينة الكبيرة ام انها كما ذكرت قرى ومدن متقاربة بسبب توسع العمران فعلى الوجه الثاني لكل قرية حكمها.

ومن الموقع الرَّسمي:

“السؤال: هل في دولة البحرين يوجد تقصير او تعتبر مدينة واحدة وذلك بسبب صغر مساحة دولة البحرين؟

الجواب: البحرين لا يعتبر مدينة واحدة حتى لو اتصلت المدن والقرى بعضها ببعض”.

6/ السَّيد المُدرِّسي (دام ظلُّه) -من كتاب الاستفتاءات-:

سؤال (220): البحرين بلد صغير، وبعد التوسعة في البناء وتقارب المدن فيها بحيث لما تخرج من قرية إلى قرية أو من مدينة إلى مدينة ترى أن المسافات كلها قريبة جداً وحتى أنك تسمع أذان بعضها في البعض الآخر، فما حكم الصلاة والصيام؟ ومن أين مبدأ القصر فيها؟

الجواب: الظاهر وجود القصر فيها، باعتبار اختلاف المناطق عرفاً، فإذا خرج الشخص من منطقته وتوارت عنه أبنيتها أو توارى عنها يبدء سفره، خصوصاً إذا اختار الشوارع الرئيسية كما هو المعتاد، فإذا قطع مسافة منذ تلك المنطقة ولو بالتلفيق ذهاباً و إياباً، قَصَّر”.

تَنْبيه:

مَن أتَمَّ في مواضع القصر وجبت عليه الإعادة ما لم يكن جهله عن قصور، والواضح أنَّه عن تقصير.

 

السَّيد محمَّد السَّيد علي العلوي

9 شوَّال 1444 للهجرة

البحرين المحروسة

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.