الإمام الحسن (عليه السلام) ورسالة في المنهج

بواسطة Admin
0 تعليق

يُمَثلُ المعصومُ (عليه السلام) الحق الصريح والمطلق دائمًا، وبالتالي فما يقابله لا يمكن أن يكون إلا صريح الباطل في مساحة المقابلة قطعًا، وهذا مُسَلَّمٌ بِهِ عَقْلًا.

في هذه السطور أريد التحدث عن المعاهدة التي أبرمها السبط أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع معاوية بن أبي سفيان بعد استشهاد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وإصرار معاوية على اغتصاب كرسي الخلافة بعد أن جر المسلمين إلى مواجهة دامية في صفين، وبسبب بعض الظروف الموضوعية التي لا يمكن إغفالها أحجم إمامنا الحسن (عليه السلام) عن الدخول في حرب عسكرية مع الشام، فالقوم لم يكونوا بمستوى المواجهة والصمود، ولو مضى السبط في خيار الحرب لكانت النتيجة ضياع الإسلام وبالتالي ضياع المسلمين.

كانت المعاهدة الحسنية في حقيقتها رسائل ينبغي لنا استيعابها جيدًا، فمن جهة بينت جرائم الحزب الأموي، وأظهرت الموقف التاريخي الحاقد للأموين ضد أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، ومن جهة أخرى وهي الأهم –في نظري- بينت هذه الخطوة الحكيمة من الإمام الحسن (عليه السلام) طبيعة الباطل في نقض العهود والمواثيق، وهذا ما أريد التحدث عنه تحديدًا، وهو عينه الذي قلته من قبل عشر سنوات وكررتُه كثيرًا وها أنا ذا أكرره مجددًا راجيًا من الأخوةوالأخوات القراءة بدقة.

اشتملت المعاهدة على بنود أهمها:

1- أن يعمل معاوية بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله).

2- الأمر بعد معاوية إلى الإمام الحسن (عليه السلام) وبعده للإمام الحسين(عليه السلام).

3- أن لا يسمى معاوية أمير المؤمنين.

4- أن لا يُسَبُّ علي بن أبي طالب(عليه السلام).

5- استثناء بيت مال الكوفة فلا يشمله تسليم الأمر.

6- الناس آمنون حيث كانوا من ارض الله, ولا يأخذ أهل العراق بالحقد.

ملاحظتان:

الأولى: لو لم يكن من سيرة معاوية وقومه سب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وملاحقتهم للشيعة، وبعدهم عن الكتاب والسنة في حكمهم لانتفى مسوغ المطالبة بها.

الثاني: اشتراط الإمام (عليه السلام) رجوع أمر الخلافة إلى أهل البيت (عليهم السلام) من بعد معاوية، وأن لا يُسمى بأميرالمؤمنين، واستثناء بيت مال الكوفة دليل واضح على أن معاوية غاصب متعد جائر.

بعد أن وافق معاوية على هذه البنودوقام الشهود على الحدث ومنهم:

عبد الله بن الحارث وعمرو بن سلمى وعبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم، جاء يوم الجمعة فقام على المنبر المغصوب خاطبًا: “ما قاتلتكم لأن تصلوا أو تصوموا ولكن لأتأمر عليكم، ثم قال: وقد منيت الحسن عهود وهذه تحت قدميولا أفي بشيء منها“.

فلنتجاوز خط التاريخ الآن لنعيش حاضرنا..

هل هناك اليوم من الولاة من يأمر بالصلاة أو الصيام؟ هل منهم من ينهى عن منكر ويأمر بمعروف؟ هل عندنا من تقدم لهدم المراقص والحانات ليقيم محلها مساجد واندية علم وفكر ومعرفة؟

اليوم.. التجمهر لأكثر من خمسة أشخاص ممنوع. إبداء الرأي المعارض إذا كان واقعيًا حقيقيًا فهو ممنوع. الأحزاب ممنوعة. إقامة المساجد ممنوعة إلا برخصة رسمية. بيتك قد ينتهك في أي وقت، وبيوتهم محاطة بحراسات غليظة مغلظة. ذوات مصانة وأخرى مهانة.

و(وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).. والقوم –أيها الأحبة- أبناء القوم.

إننا لسنا في مواجهة سياسية، بل نحن قائمون وسط سنة إلهية لا بد من تحققها شئنا أم أبينا، وأقصد المواجهة الحتمية بين الحق والباطل، أما المقياس في ذلك أو فلنقل أحد المقاييس هو الإمام الحسن (عليه السلام) في معاهدته مع معاوية، وعليه ينبغي لنا مراعاة مراحل المواجهة بشكل دقيق جدًا، وما أراه هو أننا تجاوزناها كلها وانتهينا إلى مرحلة الفصل، وإن فكرنا فيها أن نعاهد أو نصالح أو ما شابه فهذا يعني –وبحسب نظري- أننا لم نستفد من السيرة المباركة لأهل البيت (عليهم السلام)، ولو أن المقام يسع لتطرقت بشكل مفصل إلى نفس هذه المعاهدة ثم عرجت إلى موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) من سقيفة بني ساعدة، وأيضًا قضية أبي الحسن الرضا (عليه السلام) مع ولاية العهد في زمن المأمون العباسي، ولكن الرهان يبقى على نباهة شعبنا وتجاوزه مراحل حسن الظن وإعطاء الفرص..

 

السيد محمد علي العلوي

26 من شهر رمضان 1432هـ

27 أغسطس 2011

 

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.