القرآن.. محور في حياة المؤمن ll بقلم: الشَّيخ حسين شاكر

بواسطة Admin
0 تعليق 146 مشاهدة

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وآله أجمعين).

لا أخالنا نجانب الصَّواب لو قلنا برجوع جملة من مشاكلنا في المجتمع إلى بعض العزوف الملحوظ عن كتاب الله العزيز، ما حدانا للتفكير في كتابة شيء نبيِّن من خلاله أهميَّة القرآن والفوائد العديدة التي لو التفت لها الناس لما ابتعدوا عن هذا الكتاب المقدس.

نستعين بالله تعالى ونقول:

أولاً: قراءة القرآن في البيت تزيد من بركته وترك قراءة القرآن في البيت تترتب عليها آثار ومفاسد عظيمة، فقد روي في الكافي الشريف عن الصادق (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

“الْبَيْتُ‌ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ‌ الْقُرْآنُ‌ وَيُذْكَرُ اللّٰهُ‌ – عَزَّ وَجَلَّ‌ – فِيهِ‌ تَكْثُرُ بَرَكَتُهُ‌، وَتَحْضُرُهُ‌ الْمَلَائِكَةُ‌، وَتَهْجُرُهُ‌ الشَّيَاطِينُ‌، وَيُضِيءُ‌ لِأَهْلِ‌ السَّمَاءِ‌، كَمَا تُضِيءُ‌ الْكَوَاكِبُ‌ لِأَهْلِ‌ الْأَرْضِ‌؛ وَإِنَّ ‌الْبَيْتَ‌ الَّذِي لَا يُقْرَأُ فِيهِ‌ الْقُرْآنُ‌ وَلَا يُذْكَرُ اللّٰهُ‌ – عَزَّ وَجَلَّ‌ – فِيهِ‌ تَقِلُّ‌ بَرَكَتُهُ‌، وَتَهْجُرُهُ‌ الْمَلَائِكَةُ‌، وَتَحْضُرُهُ‌ الشَّيَاطِينُ”.

في هذا الحديث لم يوضح أمير المؤمنين (عليه السلام) فقط أهمية قراءة القرآن في البيت، بل بين أيضا المفاسد العظيمة المترتبة على هجره. لذا فلو جمع الرجل أسرته في كل يوم مرة وقرأوا كتاب الله – عزَّ وجلَّ – ولو لعشر دقائق لحلت البركة على هذا المنزل بينما القرآن في كثير من البيوت مع الأسف لا يفتح إلا نادراً.

ثانياً: القرآن يأخذ بيد صاحبه إلى الجنة مع والديه فقد روي في الكافي الشريف عن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

“تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ‌؛ فَإِنَّهُ‌ يَأْتِي يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ‌ صَاحِبَهُ‌ فِي صُورَةِ‌ شَابٍّ‌ جَمِيلٍ‌ شَاحِبِ‌ اللَّوْنِ‌، فَيَقُولُ‌ لَهُ‌: أَنَا الْقُرآنُ‌ الَّذِي كُنْتُ‌ أَسْهَرْتُ‌ لَيْلَكَ‌، وَأَظْمَأْتُ‌ هَوَاجِرَكَ‌، وَأَجْفَفْتُ‌ رِيقَكَ‌، وَأَسَلْتُ‌ دَمْعَتَكَ‌، أَؤُولُ‌ مَعَكَ‌ حَيْثُمَا أُلْتَ‌، وَكُلُّ‌ تَاجِرٍ مِنْ‌ وَرَاءِ‌ تِجَارَتِهِ‌، وَأَنَا الْيَوْمَ‌ لَكَ‌ مِنْ‌ وَرَاءِ‌ تِجَارَةِ‌ كُلِّ‌ تَاجِرٍ، وَسَيَأْتِيكَ‌ كَرَامَةٌ‌ مِنَ‌ اللّٰهِ‌ عَزَّ و جلَّ‌، فَأَبْشِرْ، فَيُؤْتىٰ‌ بِتَاجٍ‌، فَيُوضَعُ‌ عَلىٰ‌ رَأْسِهِ‌، وَيُعْطَى الْأَمَانَ‌ بِيَمِينِهِ‌، وَالْخُلْدَ فِي الْجِنَانِ‌ بِيَسَارِهِ‌، وَيُكْسىٰ‌ حُلَّتَيْنِ‌، ثُمَّ‌ يُقَالُ‌ لَهُ‌: اقْرَأْ وَارْقَهْ‌، فَكُلَّمَا قَرَأَ آيَةً‌ صَعِدَ دَرَجَةً‌، وَيُكْسىٰ‌ أَبَوَاهُ‌ حُلَّتَيْنِ‌ إِنْ‌ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ‌، ثُمَّ‌ يُقَالُ‌ لَهُمَا: هٰذَا لِمَا عَلَّمْتُمَاهُ‌ الْقُرْآنَ”.

يوضح هذا الحديث أهمية تعليم القرآن للأبناء فهو أمر مهم ولا ينبغي التهاون فيه، بل يجب أن يكون أحد الأمور الأساسية في التربية. وضح رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث الثواب العظيم الذي يناله الوالدان من تعليم القرآن لأبنائهم. وأريد هنا أن ألفت النظر لنقطة أخرى وهي الأثر الذي سيظهر من تعليم الطفل على القرآن وربطه فيه، هذا الأمر سيغرس القيم الإسلامية فيه منذ الصغر فينشأ على أسس إسلامية صحيحة، وهو أحد الأمور التي تساعد على حماية الأبناء من الأفكار السامة المنتشرة في المجتمع، فإذا كان الطفل مرتبطا بالقرآن وبمعانيه العظيمة سيصعب على التيارات المنحرفة أن تحرفه عن طريق الحق والهدى إلى طريق الضلال فالقرآن هنا أصبح كالدرع الذي يحميه، لكن قراءة القرآن وحدها لن تكون كافية لأجل ذلك، بل تحتاج لبعض الشروط كما سنوضح فيما بعد.

ثالثاً: القرآن المهجور يشكوا من هجره إلى الله عز وجل فقد روي في الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال:

“ثَلَاثَةٌ‌ يَشْكُونَ‌ إِلَى اللّٰهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ: مَسْجِدٌ خَرَابٌ‌ لَا يُصَلِّي فِيهِ‌ أَهْلُهُ‌، وَعَالِمٌ‌ بَيْنَ‌ جُهَّالٍ‌، وَمُصْحَفٌ‌ مُعَلَّقٌ‌ قَدْ وَقَعَ‌ عَلَيْهِ‌ الْغُبَارُ لَايُقْرَأُ فِيهِ”.

كما تثاب على قراءة القرآن فإنك محاسب على تركه وهجره، لذا ينبغي على الأقل أن يقرأ من المصحف كل يوم، فيمكن لأهل البيت أن يتفقوا على أن يقرأ كل يوم شخصٌ منهم مقدارا معينا من المصحف الموجود عندهم كي لا يهجر ويبقى على الرف.

بين أهل البيت في الأحاديث السابقة أهمية تلاوة القرآن وتعلمه وخطورة تركه لكنهم لم يكتفوا بذلك، بل بينوا أيضا كيف يجب علينا قراءة القرآن:

أولاً: قراءة القرآن من المصحف حتى لو كنت حافظاً للقرآن فقد روي في الكافي الشريف عن إسحاق بن عمار أنه سأل الصادق (عليه السلام):

“قُلْتُ‌ لَهُ‌: جُعِلْتُ‌ فِدَاكَ‌، إِنِّي أَحْفَظُ الْقُرْآنَ‌ عَلىٰ‌ ظَهْرِ قَلْبِي، فَأَقْرَؤُهُ‌ عَلىٰ‌ ظَهْرِ قَلْبِي أَفْضَلُ‌، أَوْ أَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ؟ قَالَ‌: فَقَالَ‌ لِي: بَلِ‌ اقْرَأْهُ‌ وَانْظُرْ فِي الْمُصْحَفِ‌، فَهُوَ أَفْضَلُ‌، أَمَا عَلِمْتَ‌ أَنَّ‌ النَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ‌ عِبَادَةٌ‌؟”.

بين الصادق (عليه السلام) في هذا الحديث أنه يستحب قراءة القرآن من المصحف لأن مجرد النظر في المصحف عبادة فحتى لو كان الشخص حافظاً لجزء من القرآن ينبغي أن يقرأه من المصحف إذا تمكن من ذلك.

ثانيا: التمعن في السورة وعدم التعجل في القراءة فقد روي في الكافي الشريف عن عبد الله بن سنان أنه قال:

“سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللّٰهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ قَوْلِ‌ اللّٰهِ‌ عَزَّ وَجَلَّ‌: {وَرَتِّلِ‌ الْقُرْآنَ‌ تَرْتِيلاً}. قَالَ‌: قَالَ‌ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ‌ صَلَوَاتُ‌ اللّٰهِ‌ عَلَيْهِ‌: بَيِّنْهُ‌ تِبْيَاناً، وَلَا تَهُذَّهُ‌ هَذَّ الشِّعْرِ، وَلَاتَنْثُرْهُ‌ نَثْرَ الرَّمْلِ‌، وَلٰكِنْ‌ أَفْزِعُوا قُلُوبَكُمُ‌ الْقَاسِيَةَ‌، وَلَا يَكُنْ‌ هَمُّ‌ أَحَدِكُمْ‌ آخِرَ السُّورَةِ”.

وضح لنا أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الحديث كيفية قراءة القرآن وأن القرآن يجب أن يقرأ ببطئ وتروي ولا يجب أن ينشغل ذهنك بالتفكير في آخر السورة، فالبعض حين يقرأ القرآن يقرأه بسرعة ويكون جل تفكيره في عدد الصفحات الباقية له للانتهاء من قراءة السورة أو الجزء خصوصاً إذا كان قد وضع هدفاً لنفسه كأن يقرأ عشر صفحات كل يوم، أمير المؤمنين (عليه السلام) ينهانا في هذا الحديث عن التعامل مع القرآن بهذه الطريقة، بل يوضح أيضا أنه يجب أن تخشع قلوبنا في قراءته وكيف يخشع القلب بلا تدبر ولا تأمل.

فيجب ألا يركز القارئ على قراءة كم كبير من الصفحات ويهمل التدبر والتأمل في الآيات بل يجب أن يحاول التأمل فيما استطاع من آيات القرآن، فإذا مر بآية تصف نعيم الجنة أو عذاب النار يقف عندها ويتأمل فيها حتى تحصل عنده الحالة المطلوبة وهي خشوع القلب، روي في الكافي الشريف عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: “آيَاتُ‌ الْقُرْآنِ‌ خَزَائِنُ‌، فَكُلَّمَا فُتِحَتْ‌ خِزَانَةٌ‌، يَنْبَغِي لَكَ‌ أَنْ‌ تَنْظُرَ مَا فِيهَا”، يوضح الإمام (عليه السلام) هنا أهمية كل آية فشبه الآيات بالخزائن دلالة على أهمية ما تحويه من معاني من جهة وعلى أنه يجب التأمل فيها لمعرفة ما فيها من جهة أخرى، فعند قراءة كل آية يجب التأمل فيها والنظر إلى ما تحتويه من معانٍ للاستفادة منها.

لكن ما هي كيفية هذا التأمل وهل تأملنا كافٍ لفهم القرآن ومعانيه؟

من الواضح أن عقولنا قاصرة عن إدراك المعاني العميقة والألفاظ الدقيقة لهذا الكتاب العزيز وقد أوضح الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه العزيز حين قال في الآية السابعة من آل عمران {وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ}، وقد روي في وسائل الشيعة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

“إن الله قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه، ولطف حسه وصح تمييزه، ممن شرح الله صدره للإسلام، وقسما لا يعلمه إلا الله وملائكته والراسخون في العلم. وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمام بمن ولي أمرهم فاستكبروا عن طاعته”.

يتضح مما ذكر أن هناك قسم من القرآن لا يمكن لعامة الناس الإحاطة به، وقد خص الله (عز وجل) به فئة أسماها الراسخون في العلم وهم أهل البيت (عليهم السلام)، فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: “نحن الراسخون في العلم فنحن نعلم تأويله”، لذا ينبغي ألا يكون التأمل بعيداً عن روايات أهل البيت (عليهم السلام) وهذا ما قصدته حين أشرت في الأعلى إلى أن هناك أمور ينبغي مراعاتها في تعليم القرآن للأبناء حتى يحميهم من الفتنة و الضلال، فيجب أن ينظروا للقرآن عن طريق أهل البيت لا باستقلال عنهم فهم النبع الصافي الذي نأخذ منه علومنا ومعارفنا والابتعاد عنهم سيؤدي إلى الضياع، لأن عقولنا مهما بلغت من مستوى فهي ليست معصومة عن الخطأ، لكن كما ذكر الإمام (عليه السلام) فهناك قسم يمكن لعامة الناس فهمه وهو ما قصدته حين حثثت على التأمل في آيات النعيم و الجحيم.

إهداء ثواب القراءة إلى أهل البيت عليهم السلام:

أحد المستحبات المهمة هي إهداء ثواب قراءة القرآن إلى أهل البيت (عليهم السلام)، فقد ورد في الكافي عن علي بن المغيرة أنه سأل الكاظم (عليه السلام):

“قُلْتُ‌ لَهُ‌: إِنَّ‌ أَبِي سَأَلَ‌ جَدَّكَ‌ عَنْ‌ خَتْمِ‌ الْقُرْآنِ‌ فِي كُلِّ‌ لَيْلَةٍ‌، فَقَالَ‌ لَهُ‌ جَدُّكَ‌: فِي كُلِّ‌ لَيْلَةٍ؟

فَقَالَ‌ لَهُ‌: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ‌، فَقَالَ‌ لَهُ‌ جَدُّكَ‌: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟

فَقَالَ‌ لَهُ‌ أَبِي: نَعَمْ‌، مَا اسْتَطَعْتُ‌، فَكَانَ‌ أَبِي يَخْتِمُهُ‌ أَرْبَعِينَ‌ خَتْمَةً‌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ‌، ثُمَّ‌ خَتَمْتُهُ‌ بَعْدَ أَبِي، فَرُبَّمَا زِدْتُ‌، وَرُبَّمَا نَقَصْتُ‌ عَلىٰ‌ قَدْرِ فَرَاغِي وَشُغُلِي وَنَشَاطِي وَكَسَلِي؛ فَإِذَا كَانَ‌ فِي يَوْمِ‌ الْفِطْرِ جَعَلْتُ‌ لِرَسُولِ‌ اللّٰهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ خَتْمَةً‌، وَلِعَلِيٍّ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ أُخْرىٰ‌، وَلِفَاطِمَةَ‌ عَلَيْهَا السَّلاَمُ‌ أُخْرىٰ‌، ثُمَّ‌ لِلْأَئِمَّةِ‌ عَلَيْهِمُ‌ السَّلاَمُ‌ حَتَّى انْتَهَيْتُ‌ إِلَيْكَ‌، فَصَيَّرْتُ‌ لَكَ‌ وَاحِدَةً‌ مُنْذُ صِرْتُ‌ فِي هٰذَا الْحَالِ‌، فَأَيُّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ لِي بِذٰلِكَ؟

قَالَ‌: لَكَ‌ بِذٰلِكَ‌ أَنْ‌ تَكُونَ‌ مَعَهُمْ‌ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ‌» قُلْتُ‌: اللّٰهُ‌ أَكْبَرُ، فَلِي بِذٰلِكَ؟!

قَالَ‌: نَعَمْ (ثَلَاثَ‌ مَرَّات)”.

يوضح الإمام في هذا الحديث المنزلة العظيمة التي نالها علي بن المغيرة لإهدائه ثواب ختمة القرآن لأهل البيت (عليهم السلام) وأخبره بأنه بهذا الفعل يكون معهم يوم القيامة. يقوم الناس بالعديد من الختمات القرآنية ويهدون ثوابها إلى موتاهم وهو أمر حسن، بل مطلوب أيضاً لكن ما المانع من تخصيص بعض من هذه الختمات لأهل البيت (عليهم السلام) ليس لحاجتهم لها، بل لحاجتنا نحن لهم فنحن من نحتاج أن نتقرب لهم بإهدائهم ثواب أعمالنا كي نكون قريبين منهم في الدنيا والآخرة فيأخذون بأيدينا إلى الجنة إن شاء الله.

أهمية الحفظ:

وضح أهل البيت عليهم السلام في الأحاديث السابقة أهمية تلاوة القرآن وكيفية تلاوته لكن ماذا عن حفظ القرآن وما هي أهميته؟

شدد أهل البيت (عليهم السلام) على أهمية حفظ القرآن والمواظبة عليه فقد روي في الكافي عن يعقوب الأحمر أنه قال: “قُلْتُ‌ لِأَبِي عَبْدِ اللّٰهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: جُعِلْتُ‌ فِدَاكَ‌، إِنِّي كُنْتُ‌ قَرَأْتُ‌ الْقُرْآنَ‌ فَتَفَلَّتَ‌ مِنِّي، فَادْعُ‌ اللّٰهَ‌ – عَزَّ وَجَلَّ‌ – أَنْ‌ يُعَلِّمَنِيهِ‌، قَالَ‌: فَكَأَنَّهُ‌ فَزِعَ‌ لِذٰلِكَ‌.

فَقَالَ‌: عَلَّمَكَ‌ اللّٰهُ‌ هُوَ وَإِيَّانَا جَمِيعاً.

قَالَ‌: وَنَحْنُ‌ نَحْوٌ مِنْ‌ عَشَرَةٍ‌.

ثُمَّ‌ قَالَ‌: السُّورَةُ‌ تَكُونُ‌ مَعَ‌ الرَّجُلِ‌ قَدْ قَرَأَهَا، ثُمَّ‌ تَرَكَهَا، فَتَأْتِيهِ‌ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ‌ فِي أَحْسَنِ‌ صُورَةٍ‌، وَتُسَلِّمُ‌ عَلَيْهِ‌، فَيَقُولُ‌: مَنْ‌ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ‌: أَنَا سُورَةُ‌ كَذَا وَكَذَا، فَلَوْ أَنَّكَ‌ تَمَسَّكْتَ‌ بِي، وَأَخَذْتَ‌ بِي، لَأَنْزَلْتُكَ‌ هٰذِهِ‌ الدَّرَجَةَ‌؛ فَعَلَيْكُمْ‌ بِالْقُرْآنِ‌. ثُمَّ‌ قَالَ‌: إِنَّ‌ مِنَ‌ النَّاسِ‌ مَنْ‌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ‌ لِيُقَالَ‌: فُلَانٌ‌ قَارِئٌ‌، وَمِنْهُمْ‌ مَنْ‌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ‌ لِيَطْلُبَ‌ بِهِ‌ الدُّنْيَا، وَلَا خَيْرَ فِي ذلكَ‌، وَمِنْهُمْ‌ مَنْ‌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ‌ لِيَنْتَفِعَ‌ بِهِ‌ فِي صَلَاتِهِ‌ وَلَيْلِهِ‌ وَنَهَارِه”.

فزعَ الإمام (عليه السلام) ليبين أهمية حفظ القرآن ومقدار الخير الكثير الذي يخسره المؤمن بنسيانه ما حفظه فالإمام لا يفزع إلا لأمر جلل، فيجب على الرجل حفظ ماتيسر من القرآن ويجب على الأب حث أبناءه على حفظه فمراكز تحفيظ القرآن كثيرة ومنتشرة في القرى فيجب حث الأبناء على الإلتحاق بها والمواظبة على قراءة ما حفظوه من القرآن كي لايتفلت من أذهانهم. ونبه الإمام (عليه السلام) أيضاً على أهمية النية في العمل فيجب أن يكون الهدف من تلاوة القرآن وتعلمه خالصاً لله (عزَّ وجلَّ) وإلا لم ينل الفائدة المرجوة من هذا الكتاب العزيز.

وفي الختام نسأل الله أن يوفقنا لتلاوة كتابه الكريم وحفظه ونسأله ألا يكتبنا من المقصرين و الحمد لله رب العالمين.

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.