وجهة نظر ورأي في ترشيد مسألة (المقاطعة)

بواسطة Admin
0 تعليق 248 مشاهدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمَّد وآلِه الطيبين الطاهرين

وجهة نظر ورأي في ترشيد مسألة (المقاطعة)

أتعرَّضُ في هذه المقالة إلى مسألة (مقاطعة المؤسَّسات ذات الارتباط الاستثماري مع العدو مطلقًا والمُحَارب على وجه الخصوص)[1] راميًا إلى القواعد الحاكمة بعيدًا عن المواقف التي تُنتِجها الانفعالات والتفاعلات النفسية والاجتماعية الفردية والجماعية، والغاية التي أرومها هي أهميَّة أن تبتني مواقفنا على وعي وموضعيَّة تمكِّنُانَا مِن الدِّفاع عن قناعاتنا دِفاعًا علميًّا لا نضطر معه إلى مهاجمة الآخر المختلف وإنْ كان اختلافه مُزعِجًا ومِن منطلقاتِ جهلٍ مُركَّب.

إنَّنا نعيش اليوم انعكاسًا تثاقُفيًّا فاعلًا بقوَّة لِمَا يجري في مدينة غزَّة مِن دَمَارٍ مَهُولٍ بسبب الآلة الحربية العمياء بقيادة الكيان الغاصب، ولِمَا تحمله وسائل الإعلام من مشاهد مروعة، وما يُحَركُّه الإعلام الرقمي الشخصي في جماهير النَّاس من رسائل تثقيفيَّة تصعب مقاومة الانفعال الإيجابي معها فقد تكونت مجموعة من الثقافات ذات السمة الحاكمة على السلوكين النفسي والذهني في المجتمع، والحال أنَّ الحركة الإعلاميَّة في مثل هذه الظروف الحادَّة لا تحمل همَّ قراءة ما بعد الحدث، ومن هنا ينشغل البال بمخاطر مُستَشرَفة ولا يبعد وقوعها مع أكثر من احتمال، وأصل المخاوف هو تعرض النَّاس إلى إحباطات هم في غنى عنها، ولا ندري واللهِ عن مطيتنا بعد انكشاف الغبار وذهاب شيء من الظلام. فلنحذر أيُّها الأكارم.. فنلحذر.

أستَشعِرُ الخطورةَ فِعْلًا، ففكَّرتُ كثيرًا قبل الكتابة في هذا الأمر لِما لا يخفى من ملامسته المباشرة لعاطفة النَّاس لا سيَّما في نفس ظرف الحدث القائم وحرارته البالغة حدَّ الغليان والإحراق، وقد اكتملتْ الصورة في ذهني فعزمتُ متوكلًا على الله تعالى طالبًا منه العون والسداد والرشد.

تنبيه لِمَا في الإعلام:

الإعلام ليس أكثر مِن جهة يؤخذ منها مشهدٌ أو جزءُ مشهدٍ، أو ربَّما (شيءٌ)، من صُورةٍ كبيرةٍ لها ظَوَاهِرُ وَبَوَاطِنُ لكلِّ واحد منها أهله من المُحرِّكِين لطاحونة السياسة، وليس من هؤلاء المشتغلين بِها مِن محلِّلين ومتابعين للقنوات الفضائية الأخبارية وقرَّاء الصحف، ولا حملة الشهادات العليا في العلوم السياسيَّة؛ فما يطرق أسماعنا من كلام لأكابر المتقاعدين في بعض البرامج التوثيقية يُوقِفُنا على إنَّ واقع السياسة مثل البحر في أعمق نقطة من المحيط الهادي، ولسنا منه أكثر من شاطئ تصيبنا بعضُ ما يرشح من رشح أمواجه، في حين إنَّ الحقيقة هناك.. في أعمق نقطة.

إذا فهمنا ذلك، وأرجو أن نكون كذلك، فليكن واضِحًا إنَّ الإعلامَ السياسيَّ على أصناف؛ فمِنه:

المُوجَّه (بالفتح)، وهو الذي يكون تحت سلطة جهة معينة توجِّهُهُ حيث مصالحها وما يخدم مقاصدها.

ومِنه الموَجِّه (بالكسر)، وهو الذي يحمل قناعات خاصَّة به ويسعى إلى ترويجها وتوجيه النَّاس على وفق مبادئها.

ومِنه المُزوِّر الذي لا يقصد أكثر من إثارة النَّاس وخلق حالة من التدافع في الجماهير ليعيش هو.

وغيرها من أصناف، أمَّا المجرَّد الذي لا شأن له غير نقل ما يصله من أخبار دون اعتبار لتوجُّهٍ أو ما شابه، فهو أندر من الكبريت الأحمر.

وكيف كان، فإنَّ من أراد صورةً أكمل لواقع الحدث فعليه متابعة طوائف من المصادر الإعلاميَّة خاليًا من المسبقات لعلَّه يتمكَّن من إصابة ما يحتمل فيه الكمال قياسًا إلى غيره، وإلَّا فالصورة لن تصل إلى شيءٍ ممَّا عليه الواقع فعلًا.

تَنْبِيِهٌ مُهِمٌّ:

هناك من الأحداث والوقائع ما يكون فيه الحقُّ بيِّنًا لا لبس فيه، ولكنَّ هذا ليس هو محلُّ كلامنا، بل ما نقصده هو ما يقع بعد ثبوت الحقِّ ووضحه من ملابسات وتداخلات وما نحوها وما في حكمها. فافهم رحمك الله تعالى.

ما نأملُ تَحصِيِلَهُ مِنَ التنبيهيين هو الحَذر مِن أنْ نَبْنِي مواقِفنا وقراراتنا على التوجيهات الإعلاميَّة، وهذا يحتاج إلى قوَّة ذهنيَّة ونفسيَّة تُجنبنا الانفعال النفسي بِما يأتي بِهِ الإعلام.

وهنا تنبيهٌ آخر: قد أكون منتميًا إلى تَيَّارٍ أو حزبٍ أو توجُّهٍ أو مَدْرَسَةٍ فِكريَّة معينة، والحاصل حينها أنَّني أستقي المعلومة من القنوات والمصادر الإعلاميَّة لجهة انتمائي، وهذا في الواقع العلمي خطأ مُضَلِّل؛ إذ إنَّ هذه المصادر لا تحيد في الغالب عن توجُّهها الفكري، فنرجع إلى نفس مربع الخلل الذي للتوِّ حذَّرنا منه.

لذا أقول بأنَّ المجال السياسي من أظلم وأعقد المجالات التي يمكن للإنسان التفكير فيها، ولا تخلو السياسة من صدمات صاعقة يُطبَّعُ معها بصواعق أخرى، وهكذا هي أمواجها العاتية لن يقوى عليها يومًا إلَّا طوفان نوح (عليه السَّلام)!

بِنَاءً على فرضية صحَّةِ ما مرَّ فإنَّ الموقف الأوَّلي من الحَدَثِ القَائِمِ اليوم هُوَ التمسُّك بِوضُوحِ مَوضِعِ الحَقِّ، ثُمَّ البناء على ذلك بعيدًا عن أدنى تفاصيل أخرى قد نُصدم بشأنها وننسى الصدمة بصدمات أخرى!

مِثالٌ:

زرتُ قبل ثلاثة أشهر تقريبًا دكتورًا تربويًّا ناضجًا حكيمًا أثقُ في عمقه الثقافي ورؤاه التحليليَّة، وكان سببُ زيارتي طلبًا مُسبَقًا مِنِّي بأن يرشدني إلى كتابٍ يتحدَّث بموضوعيَّة عن الرئيس المصري السابق جمال عبد النَّاصر (15 يناير 1918 – 28 سبتمبر 1970)، وبعد جلسة شاي لطيفة قال لي: دون ما تطلب خرط القتاد؛ فإنَّ الكاتب الموضوعي المُجرَّد في غاية الندرة، ولكنَّني قد أعددتُ لك ملفًا بصفحات مصوَّرة من كتب فيها معلومات منثورة عليك أن تقرأها وتحاول الربط بينها وتحليلها لعلَّك تصيبُ شيئًا من واقع أبي خالد.

شرعتُ فعلًا واشتغلت لأيَّام بمشاهدة برامج وثائقيَّة من مختلف التوجهات عن جمال عبد النَّاصر وحقبته التاريخيَّة وما قبلها وما بعدها، وقد كنت قبل ذاك أظنُّ نفسي مرجعًا لأقراني عندما يريدون شيئًا حول عبد النَّاصر والضباط الأحرار وما جرى مع محمَّد نجيب وفي آخر المطاف مع عبد الحكيم عامر وما بينهما من أحداث كثيرة. أمَّا اليوم فقد تجاوزتُ صدمتي ولا أجد نفسي إلى على أطراف الشاطئ ولن أجد يومًا باخرةً قادرةً على أخذي إلى حيث الحقيقة؛ فقد تبدَّدت في أعماق المحيط. فافهم.. افهم.. افهم رعاك الله تعالى.

مسألة المقالة:

أوَّلًا: مصطلح المقاطعة:

اتحفظ على هذا المصطلح، وأرى الصواب في استبداله بـ(قطع التعامل) من منطلق مبدئي ما استُطيعَ إلى ذلك سبيلًا مع كلِّ جهةٍ لا تريد لأمَّة الخير، أو لا تهتمُّ بخيرها، سواء كانوا أهل حرب أو عداء ظاهر أم لا، والاستعاضة دائِمًا بما ينتجه أولادنا في طول الأرض وعرضها، أمَّا (المقاطعة) من بواعث انفعاليَّة لِما يجري من مذابح فهي سرعان ما تُنسى ويعقبها انغماس أكبر في محيطات من لا يريد لنا الخير، فلا تظنهم ساكتون اليوم وحيارى تجاه دعوات مقاطعتهم، فهم يدرسون خطواتهم بعد الحدث، ولن يتركوا ساحةً خسروا فيها إلَّا وقد وضعوا خططهم لتعويض خسائرهم أضعافًا مضاعفة من نفس السَّاحة؛ وهل لوحشية رأس المال أن تهدأ عن تغولها؟!

إذن؛ إن أردتَ (قطع التعامل) فليكن ذلك من منطلق مبدئي، حتَّى لو كانت بدايته انفعاليَّة، وهذا ما يحتاج إلى بيان أمور مهمَّة.

ثانيًا: الواقع السياسي للكيان الغاصب:

تُكتَسَبُ الصفة السياسيَّة الرسمية مِن الإفاضة بالوجود الرسمي في الأمم المتحدة، وحينها يكون لتلك الجهة عَلَمٌ خاصٌّ ومقطوعة موسيقيَّة ونشيد وطني وما إلى ذلك مِن مُعَرِّفات خاصَّة، وسواء اعترفتْ شعوبٌ بالصفة السياسية الرسمية لتلك الجهة أم لا فهي كيانٌ سياسيٌّ رسميٌّ قائمٌ فِعلًا بحسب قواعد وموازين الأمم المتحدة الحاكمة والمتنفِّذة بناءً على مواثيق دولية رسمية لها شأنها الخاص. وكلامي هنا عن الشرعية السياسيَّة الدوليِّة، لا عن الشرعيَّة المُفاضة من الشعوب مهما كانت قيمتها.

إذا اتَّضح ذلك، فإنَّ المؤسَّسات الاستثمارية المتمحضة في الواقع السياسي لرأس المال تبحث عن الكيانات السياسية التي يمكنها الاستثمار فيها، فتفتح فروعًا ومكاتب وليس في اعتباراتها أدنى مقدار من الهويَّة الدينيَّة أو السياسيَّة أو الفكرية لذلك الكيان السياسي الرسمي، وهذا -كما قلتُ- إذا كانت متمحضة في الواقع السياسي لرأس المال، ولذلك فإنَّ الدول المُقاطعة بقرارات دولية سرعان ما تستثمر فيها نفسُ تلك المؤسَّسات بمجرَّد رفع المقاطعة عنها وعدم ممانعتها من وجود تلك المؤسَّسات على أراضيها.

إذن، أنت تنظر إلى هذا الكيان على أنَّه غاصبٌ فاقِدٌ للشرعيَّة، في حين ينظر إليه المُستَثمِر على إنَّه كيانٌ سياسيٌّ رسميٌّ يمكن الاستثمار فيه وتحقيق الربح، وإذا كان هذا الاستثمار يعود بالمال على الكيان فهذا ضمن المعادلة الماليَّة الاستثماريَّة دون فرق بين كون هذا الكيان (الغاصب أو السياسي) مسلمًا أم ملحدًا أم أي شيء غير ذلك.

ثالثًا: دوافع (قطع التعامل) مع المؤسَّسات الاستثماريَّة ذات الدوافع الرأسماليَّة:

إذا كانت المؤسَّسَة الاستثمارية ذات دوافع رأسمالية خالِصة، وكنتَ مِمَّن لا (يقطع التعامل) من منطلق مبدئي بالصورة المتقدمة، فإنَّ (قطع تعاملك) مع تلك المؤسَّسة الاستثماريَّة ينبغي ابتناؤه على كونها ذات دخالة في القوَّة الماليَّة للكيان (الغاصب أو السياسي) دون إرادة منها لدعمه أو تقويته، ولكنَّها المعادلات الاستثمارية الطبيعيَّة، وبالتالي (فقطع التعامل) ليس معاقبة للمؤسَّسة الاستثماريَّة وإنَّما لوقوعها، من حيث شاءت أم لا، طرفًا في البناء الاقتصادي لذلك الكيان.

وبالتالي فليس من الصحيح إطلاق (الداعم للكيان) على المؤسَّسات الاستثمارية دون مراعاة لجهات وحيثيات استثمارها في الكيان (الغاصب أو السياسي)، والصحيح تنبُّه الوعي دائِمًا إلى أنَّ (قطع التعامل) مع المؤسَّسة الاستثماريَّة المعيَّنة ناشئ عن وقوعها في المعادلة الاقتصادية للكيان (الغاصب أو السياسي) دون حملها على عنوان (الدعم).

فرع: لا كلام في (قطع التعامل) مع المؤيِّد الداعم للكيان المعادي، ولكن ينبغي التنبُّه إلى أنَّ نفس التأييد لا يُساوي معاداة الطرف الآخر، فالداعم قد يكون صديقًا للطرفين، وقد يكون صديقًا لمن يقدم له الدعم وعدوًّا للآخر، وهذه حيثيات يجدر بنا الانتباه إليها إن كنَّا من طلَّاب الوعي والبصيرة.

رابِعًا: اقتصاديات الدول:

يقوم اقتصاد الدول على الصناعات الكبرى وثروات الأرض، وما يمكن أن يكون محورًا في الحياة وإن كان طارئًا. أمَّا المطاعم والمقاهي وبعض الأطعمة ومستحضرات النظافة وما نحوها فإذا كانت عالميَّة ولها أسهمها المعتبرة في البورصات فدخولها غالبًا في البناء الداخلي لاقتصاد الدولة، أي المحرِّك الاستثماري الذي يمسك بزمامه كبار المستثمرين قياسًا بإصحاب الشركات المحليَّة، وصغارهم قياسًا بأصحاب الاستثمارات العالميَّة الرئيسيَّة كما هو في مجالات السِّلاح والأدوية والنفط وما إلى ذلك.

إنَّ ما يشكِّل ضررًا حقيقيًّا مُعتَبَرًا للكيان السياسي إذا ما أصاب واردها من الصناعات الكبرى وثروات الأرض وما في حكمها، وإن لم يكن كذلك فقد يقوم مقامه الاجتياح القوي الهادم للاستثمارات المعنية بالحركة الداخليَّة كما هو في المطاعم والمقاهي وما نحوها.

لذا، فإنَّ قرار (قطع التعامل) لا ينبغي خروجه عن المبدئيَّة دون نظر أو ترقُّب لآثاره، فإن جاءت فنعمت وأكرم، وإن لا فلا أثر لذلك في نفس المبدأ، بل وحتَّى لو حصل عكس المتوقع.

ثُمَّ إنَّني أحجمتُ عن الحديث حول واقع خسائر بعض الشركات العالميَّة الحاصل في سياق دعوات المقاطعة؛ معتمدًا على ما تُفيده نباهةُ القارئ الكريم مِمَّا مرَّ.

خامسًا: الضرر الواقع على الوكلاء المحليين:

ليس بخاف على أحد ما يتعرَّض له الوكلاءُ المحليِّون من خسائر وأضرار جرَّاء مقاطعة المحلَّات التي يحملون وكالاتها، ويمتدُّ الضرر ليقع على الموظفين ومن يعولون، وهنا من الخطأ أن يُقال: هي تضحيات لا تساوي شيئًا إذا ما قورنت بما يقع على النَّاس من ذبح وتشريد بسبب تلك الحرب العمياء.

حيثُ إنَّ أحدًا لم يطلب المقارنة ولا القياس، وهؤلاء كانوا يعملون في هذه المؤسَّسات قبل نشوب الحرب ولم تكن دعواتٌ لمقاطعتها وعدم التعامل معها.

ولكنَّ الصحيح أن يُقال في حال كان أو تحوَّل (قطع التعامل) إلى مبدأ: يؤلمنا ما يتعرَّض له أولادنا وإخواننا من خسائر بسبب (قطعنا للتعامل) مع المؤسَّسات التي يعملونا فيها، ولكنَّه مبدأ وقد قرَّرنا عدم الحيد عنه.

وعلى الجهة الأخرى ينبغي التعاضد لتعويض الموظفين من أولاد البلد ومساعدتهم لإيجاد البدائل المناسبة، فالقضية ليست هيجان، ولكنَّها مبادئ وتعقلات وعمل للصلاح والإصلاح.

وأقول في خاتمة مقالتي: من الصعب أن يتمكَّن إنسانٌ من التفكير الهادئ الموضوعي ما دام باقيًا تحت وطأة الإعلام وطوفان تهافت العاطفة الجمعية الهادمة.

ثُمَّ إنَّ هذه المقالة ليست أكثر من وجهة نظر ورأي في قضية قائمة، وما هذا حاله لا أدافع عنه بأكثر من بيانه، وإلَّا لكان قوامها النصوص الشريفة عن الهداة الميامين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ولستُ ممَّن يقسر النص على خدمة فكرته.

نسأل الله تعالى العفو والعافية والفرج إنَّه سميع مجيب.

 

السَّيد محمَّد علي العلوي

27 جمادى الأوَّل 1445 للهجرة

البحرين المحروسة

………………………………..

[1] – قصدتُ التعبير بكلمات تتجاوز دلالاتُها الظرف القائم ليكون مصداقًا لها وموردًا من مواردها.

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.