بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمَّدٍ وآلِه الطيبين الطاهرين.
نَقْدُ البِنَاءِ الفِكْرِي لـ(كالَّتي هَرَبَتْ بِعَينَيها)[1]
اسْتِهلال..
لم تقصِر السَّيِّدةُ باسِمَة القصَّاب تَجَاوزَهَا لِأغْلِفَةِ التقييدِ والعَزْلِ على تلك التي تتخلَّصُ بتجاوزها من سلطة التنظيم؛ فالموقف الصارم من الأغلفة قد بدا ثقافةً لها حُضُورُهَا في عقلها العملي، فهي منذ ذلك اليوم حَاسِمَةٌ في عدم التسليم لقيودٍ تَفرِضُ عليها غلافًا يعزلها عن تلاوين الحياة الثقافية والفكرية وجمالها. لذا، فإنَّني أختلف مع الدكتور عبد الله يتيم، والدكتورة سوسن كريمي، والأستاذ نادر المتروك في تسجيلهم لِنُقْطَةِ نَقْدٍ على الكاتبةِ مَوضُوعُهَا منهجية التوثيق لتجربتها الممتدة لستة عشر عامًا في (جماعة الأمر) التي عُرِفَت في الأوساط الدينية والشعبية بـ(جماعة السفارة)، فهم يرون إخلالًا منها بالتزام مَنْهَجٍ عِلميٍّ تَوثيقيٍّ في كِتَابِهَا (كالَّتي هربت بعينيها.. جماعة “الأمر” وتشكُّلات الذات المُغلَّفة)، فما أراه هو أنَّ السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب أطْلَقتِ العَنَانَ فجال أدبُ قلمِها فيها، وهي تلك المرأة التي امتزجتْ فيها عناوين مِنَ الأدب، والحداثة، والفلسفة، والتصوف، والإحساس بجمال التوثيق، وغير ذلك ممَّا تداخل في نفسه وأخرج كتابًا لم تَعِدْ هي فيه بالتزامِ مَنْهَجيَّةٍ أكاديِميَّةٍ خَاصَّة، كيف وهي التي بدا إيمانُها بالحَدَاثَةِ أدَبِيَّةً تمتطيها بمهارة.. رُبَّما إلى حين..
بعد قراءتي الثانية للكتاب، في ظرف أيَّام لم تصل إلى العشرة، ابتنى في نفسي انحصارُ صحَّة نقده في أمرين، أحدهما الحداثة الأدبية، والآخر البناء الفكري للمسائل المطروحة، الأعم من الفلسفية، والنفسية، والاجتماعية. وهذا الثاني هو ما أهمُّ به، أمَّا الآخر فَلَهُ فرْسَانُهُ، ولستُ منهم.
قبل الشروع..
لم أتوقع من الكتاب ذِكْرَ التفاصيل الخاصَّة بالجماعة، وكيفية إدارتها، بل لم أكن لأتوقع مِن أحد المنتمين لها أن يكتب بانفتاح كالذي وجدتُه في (كالَّتي هربت بعينيها)؛ إذ أنَّ للتنظيمات أدبيات عامَّة مشتركة يلتزمها، في الغالب، مَنْ يَنْخَرِطُ فيها، ومن يخرج منها، لا سيَّما فيما لو قضى مُنَظَّمًا لسنوات طويلة تشرَّب فيها كتمان الأسرار قِيمَةً لا يتهاون بها ذو نفس مُؤدَّبة، وليس كلامي عن خصوص هذه الجماعة أو تلك، ولكن يعمُّها وغيرها ممَّا له خصوصيات تُحدِّده ويتميَّز بها.
إنَّ لتجربةٍ مثل تجرِبَة السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب خصوصيات قد لا نُدرِكُ عمقها وعظيم خطرها في حياتها، ولن ننسى أنَّنا في مَعْرَضِ حياةٍ عمرها ستة عشر سنة تَكَاثَفَ فيها العمل على تكوين فردٍ في جماعة ربَّما ترقَّى فيها ليكون أحَدَ كِبَارها؛ أوليس انتقاؤها للبشارة العظمى على يد أختها الكبرى الأولى (ش) كان في السنوات الأولى لتشكُّل الجماعة؟ فهي ليست طارئة عليها، بل هي ممَّنْ قام عليهم العمق التوسعي لها.
لذا، فإنَّني لا أرى صوابيَّة مطالبات الناقدين للكاتبة بتفصيلات أكثر لِمَا يَخُصُّ الأبْعَادَ التنظيمية والإدارية الخاصَّة بالجماعة.
وكيف كان؛ فإنَّه قد رُويَ في الحَديثِ عنهُم (عليهم السَّلام): “مَا كُلُّ مَا يُعْلَمُ يُقَالُ، وَلَا كُلُّ مَا يُقَالُ حَانَ وَقْتُهُ، وَلَا كُلُّ مَا حَانَ وَقْتُهُ حَضَرَ أهْلُهُ”[2].
قِوام الكتاب:
فِكرةُ (كالَّتي هربت بعينيها)، كما أراها، نقدٌ عميقٌ لأصل الالتزام بأُطُر قانونية تمنع الإنسان من الانفتاح على الآخر، مهما كان ذلك الآخر؛ فالحياة عبارة عن ألوان لا متناهية مِنَ الثقافات، ولا يصحُّ للعاقل، بحسب ما فهمتُه من الكتاب، أنْ يحبِسَ نَفْسَهُ ويَعزِلَهَا عَنِ التمَازُجِ مَعَ الآخَرِ، واكتِسَابِ جمالًا مِنه يُضاف إلى جماله.
كانَتْ تَجْرِبَةُ الانتظام العقيدي والفكري للكاتبة في (جماعة الأمر) مثالًا ناضجًا في نفسها لتنطلق منه وتُركِّب الأفكار وتصوغها مُؤلَّفًا مُهمًّا فتحت نافذته بسردٍ، في غاية القَصْرِ المَوضُوعِي، لشخصيتها وما أعَدَّها للمطاوعة مع بِشَارَةِ اختيارها لتكون في حركة يقودها الإمام المهدي (عليه السَّلام) بنفسه!
مِنْ تلك اللحظة المِفصلية بدأتْ بالسلوك شيئًا فشيئًا في دَاخِلِ الأغلفة المتوالية لعقيدة (جماعة الأمر) حتَّى كادت أن تتلاشى فيها لو لا انتفاضة سَرَتْ في وجدانها بعد أربعة عشر عامًا مِنَ الإيمان بحلم الخَلَاصِ. ثُمَّ إنَّه المخاض على مدى سنتين عاصفتين لتنتهي مرحلةٌ شكَّلَتْ أصلًا في وجدان وذاكرة السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب.
هروب وهروب..
أعتقِدُ أنَّ نفسَ الذي أدخل السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب في أغْلِفَةِ (الجماعة) وهو عقيدة تميُّزها مُطلقًا عن غيرها، هو الذي أخرجها مِنها؛ فقد لَمَعَ في ذهنها عدم صحَّة ادِّعاء المائز ما لم يقف العقل على ألوان الآخر المغاير، ثُمَّ أنَّ في البَينِ ما يدعو إلى استنهاض أسئلة حول الجماعة كانت قد خَبَتْ تَحْتَ سُلْطَةِ مُتَوَالِيَاتِ التلقين التنظيمي على مدى سنوات التشَكُّل..
وقد رُويِنَا عَنْ أبي عَبد الله جعفر بن محمَّد (عليهما السَّلام) أنَّه قال: “مَنْ دَخَلَ فِي هَذا الدِّينِ بالرِّجَالِ أخْرَجَهُ مِنْهُ الرِّجَالِ كَمَا أدْخَلُوهُ فِيهِ، وَمَنْ دَخَلَ فِيهِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ زَالَتِ الجِبَالُ قَبْلَ أنْ يَزُول”[3]، وأحتمل أنَّ الدُّخول بالرجال في أمْرٍ اعْتِنَاقي، أعمّ مِن العقيدي وغيره، يبقى مُعرَّضًا للخروج منه بالرِّجال، فيكون حديث الإمام الصادق (عليه السَّلام) مصداقًا لهذا المفهوم العام، وإلَّا فالعياذ بالله من أن نقول بخروج السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب من الدِّين، فالقصد واضح إذن؛ بأنَّ ما ادخلها في الجماعة أخرجها منها، والوجه في ذلك أنَّ دخولها كان عبر تشويق وتنظيم بشري هو الذي يُعبِّرُ عنه الحَديثُ بالرِّجَالِ تَغْلِيبًا.
ومِنْ هُنَا.. قُلتُ..
الأمر الأوَّل:
لو كانَتْ (جماعة الأمر)، أو غيرها، على اتصال حقيقي وواقعي مع الإمام صاحب الأمر (عليه السَّلام)، فلن يضرها حينذاك خروج من يخرج من تحت رايتها، وإن لم تكن كذلك وتدعيه، فلا دوام لها، وليس لأمرِها أكثر من بعض الوقت ليزول، أو يُعزل عزلًا يُفْقِدُهُ رِيحَهُ مَهْمَا جَدَّ أرْبَابُها واسْتَمَاتَ أئمَّتُها في الدِّفَاع عنها حفظًا لبقاء كيانها، فقد قال الحقُّ جلَّ في علاه (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ)[4]، وكيف كان فإنَّ الله تعالى يحفظ دينه مهما عصفت العواصف، وقد جاء عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ:
“إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وذَاكَ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُورِثُوا دِرْهَمًا ولَا دِينَارًا، وإِنَّمَا أَوْرَثُوا أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ، فَمَنْ أَخَذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَقَدْ أَخَذَ حَظًّا وَافِرًا، فَانْظُرُوا عِلْمَكُمْ هَذَا عَمَّنْ تَأْخُذُونَه؛ فَإِنَّ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي كُلِّ خَلَفٍ عُدُولاً يَنْفُونَ عَنْه تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ”[5]. هذا وبالرغم مِنْ أنَّ دعوى الاتصال المباشر بالإمام (عليه السَّلام) لا تخلو، بحسب الإمكان، من أن تكون صادقة، أو كاذبة، أو أنَّ موضوعها مُتوَهَّمٌ، ومع الأخيرين فإنَّ اجتماعَ الطبقة الأولى على كِذبَةٍ أو تَوَهُّمٍ بهذا المستوى من الخطورة، واستقطاب مُثقفين استقاموا زمنهم في الجماعة، فهذا يفتقر دائمًا إلى سطوةِ طَاقَةٍ استلابية هائلة، وقدرةٍ تنظيميَةٍ فائقة الدِّقَةِ والصَّرَامَةِ، وقوَّةٍ على امْتِلاكِ النَّفْسِ وضَبْطِهَا عند التعرُّض لمواجهات مباشرة وغير مباشرة مع الآخر، وعند توفُّر هذه الأصول صار التنظيم إلى الإحكام، صغُرَ حجمُه في المجتمع، أو كَبُر، على حقٍّ كان أو على باطل. مع الإلفات، بكلِّ تأكيد، إلى أنَّه لم يرد في الثقلين الشريفين، الكتاب العزيز والعِترة الطاهرة، ما يحثُّ على تنظيم المؤمنين لجماعاتهم تنظيمًا يوافق المفهوم مِنَ التنظيم الحزبي المُعاصر.
نعم، يأمرُ الأئمةُ الأطهَارُ (عليهم السَّلام) الشِّيعةَ بحفظ النفس، والابتعاد عن مُستَهلِكَاتِها مِن مواجهات مع المخالفين ومَنْ في حكمهم، وقد استفاضت وتظافرت النصوص الشريفة في هذا المعنى، غير أنَّ ذلك لا يستدعي الانتظام في تَشَكُّلٍ هرَميٍّ أو عنقوديٍّ أو ما شابه مِنَ التشَكُّلات التنظيمية المعروفة، وغاية الأمر أنَّها أوامر من أهل بيت العِصمَة (عليهم السَّلام)، وامتثالها مُوكَلٌ إلى المُكلَّف، وَمِن امثِلَة ذلك ما رُويِنَاه عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السَّلام) أنَّه قَالَ: “وَدِدْتُ واللَّه أَنِّي افْتَدَيْتُ خَصْلَتَيْنِ فِي الشِّيعَةِ لَنَا بِبَعْضِ لَحْمِ سَاعِدِي؛ النَّزَقَ وقِلَّةَ الْكِتْمَانِ”[6].
الأمر الثَّاني:
لا يُعابُ على أيِّ جماعةٍ تمتاز عن غيرها بأدبيات، أو رُؤى، أو تطلعات، أو ما نحو ذلك، أن تُحِكَمَ وجودها بما يحفظه مِمَّا يُخرِّبُ امتيازاتها الخاصَّة، ومِنْ هذا الأصل تكونت الجماعات، أحزابًا، وجمعياتٍ، بل وحتَّى المُؤسَّسات والشركات التجارية، والمصانع، وكل تجمُّع مطلقًا؛ فهو محفوظ بدساتير خاصَّة لا يُسمَح بتجاوز موادِّها.
ما اعْتَقِدُهُ هو أنَّ حِفظ الشخصية العلمية والمعرفية خَلقٌ وتكوينٌ تنتظم في قانونه المخلوقات ذات الحسِّ الفطري كسائر الحيوانات، والعاقل إضافة للحسِّ، وهو الإنسان؛ فأقول بأنَّ القوانين الحافظة للكيان، أو ما أسمته السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب (غلافًا أو أغلفة) ذات مبادئ تكوينية مخلوقة لله تبارك ذكره، ومن ذلك الكثير من قواعد العلوم الإنسانية. ولا تبعُدُ الإفادةُ من قوله تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[7]، وهو نهاية المطاف؛ أنَّ لكم دينكم، ولي دين، وانقطع الخطاب بعد تبين الرشد من الغي، كما في قوله تبارك ذكره (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[8].
ويُؤيِّدُه ما رُوينَاه عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السَّلام) فِي قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: (فَلْيَنْظُرِ الإِنْسانُ إِلى طَعامِه)، قَالَ: قُلْتُ: “مَا طَعَامُه؟
قَالَ (عليه السَّلام): عِلْمُه الَّذِي يَأْخُذُه عَمَّنْ يَأْخُذُه”[9].
أمَّا ما يدلُّ على كونها تكوينيةً فوجدانيٌّ لا يُنْكَرُ؛ ألا تَرَىَ الرَّافِضَ بِضرسٍ قَاطِعٍ لكلِّ أشكال الأُطر الحاكمة و(الأغلفة) قد غَلَّفَ نَفسَهُ بفكرته وقناعته، ثُمَّ أنَّه يقع على أشكاله ممَّن يحمل ما يحمله مِن أفكار وقناعات، وما ذاك إلَّا لانجذاب الإنسان إلى مَن يماثله في الفكر والعقيدة والأفكار، ولا يسمح باقتحام جمعه، إذا تشكَّل، وإن سمح بملاقاة الآخر ومناقشته، إلَّا أنَّ لِكيانه الجماعي حَريمًا يستميتُ دونها، ودونك جماعات الحداثيين، وجماعات ما بعد الحداثة؛ فهم من أشدِّ المنافحين عن حريم كياناتهم، بل ويُنشِؤون أبناءهم على الحذر من المتدينين حفاظًا عليهم مِن الاختراق والعبث في أفكارهم المستنيرة!
الأمر الثالث:
لا يصحُّ، بِحَسَبِ الاجتماع، إطلاق حريات الثقافة والانفتاح على مطلق الآخر لكلِّ أفراد المجتمع؛ لواقعية التفاوت في العقول والقابليات، وقد جاء في الحديث الشريف عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام): الرَّجُلُ آتِيه وأُكَلِّمُه بِبَعْضِ كَلَامِي فَيَعْرِفُه كُلَّه، ومِنْهُمْ مَنْ آتِيه فَأُكَلِّمُه بِالْكَلَامِ فَيَسْتَوْفِي كَلَامِي كُلَّه ثُمَّ يَرُدُّه عَلَيَّ كَمَا كَلَّمْتُه، ومِنْهُمْ مَنْ آتِيه فَأُكَلِّمُه فَيَقُولُ أَعِدْ عَلَيَّ!
فَقَالَ (عليه السَّلام): يَا إِسْحَاقُ، ومَا تَدْرِي لِمَ هَذَا؟
قُلْتُ: لَا!
قَالَ (عليه السَّلام): الَّذِي تُكَلِّمُه بِبَعْضِ كَلَامِكَ فَيَعْرِفُه كُلَّه فَذَاكَ مَنْ عُجِنَتْ نُطْفَتُه بِعَقْلِه، وأَمَّا الَّذِي تُكَلِّمُه فَيَسْتَوْفِي كَلَامَكَ ثُمَّ يُجِيبُكَ عَلَى كَلَامِكَ فَذَاكَ الَّذِي رُكِّبَ عَقْلُه فِيه فِي بَطْنِ أُمِّه، وأَمَّا الَّذِي تُكَلِّمُه بِالْكَلَامِ فَيَقُولُ أَعِدْ عَلَيَّ فَذَاكَ الَّذِي رُكِّبَ عَقْلُه فِيه بَعْدَ مَا كَبِرَ، فَهُوَ يَقُولُ لَكَ أَعِدْ عَلَيَّ”[10].
ليس من الصحيح، ولا هو ممَّا يًتَعَقَّل، أن يُترَكَ كلُّ أحدٍ لكلِّ شيءٍ من واردات الأفكار وشارداتها، لا سيَّما مَن لا يعي الفرق بين الثابتة والقناعة والفكرة، فتراه يُطلِق مقولة (أنا صحٌّ وأحتمل الخطأ، والآخر خطأ يحتمل الصح)، والحقُّ بطلانها في الثوابت. وردًّا لمقولة: يمكن لكلِّ أحدٍ ادِّعاء الثابتة لما يحمل من قناعات. أقول بأنَّ الثابتة ليست بثابتة ما لم يقم عليها البرهان، ولا برهان على أمر ينقض آخر قام عليه البرهان، ومِن الخلط بين البرهان والدليل قالوا بنسبية الحقيقة، وهو قول باطلٌ[11].
نعم، باب العلم واسع ومفتوح، ولكن ليس لكلِّ أحد يلج دون ضوابط وموازين، وإلَّا لأصبح كالقشَّة تذروها الرياح، لا هو إلى هذا ولا هو إلى ذاك، وقد يخالط مختلف الثقافات، والتوجهات، ولكنَّها لحظة سوف يرى أنَّه لا يجد نفسه، وحينها لن يخرج من سجن الدنيا بشيء.
جاء عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: قَامَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (عليه السَّلام) خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَا تُحَدِّثُوا الْجُهَّالَ بِالْحِكْمَةِ فَتَظْلِمُوهَا، ولَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ”[12].
لا ينبغي أن يخفى على ذي لُبٍّ ما للإنسان من نزعات شديدة إلى الجدل، ومغالطة الآخر، وما نحو ذلك مِن غايات الإسكات والتبكيت، وهناك من يدرس هذه الصناعات ويتقن فنونها، ومعه لا يأمن الانزلاقَ غَيرُ العارفِ بمداخل ومخارج الكلام، وقال وقلتُ، وإنْ قلتَ فأقول، وإلَّا فمن يقع على رمال أهل المحاورة وفنون التبكيت، فَتَحَرُّكُهَا يسلبه ثباته، وسرعان ما تبتلعه إلى بطون أغلفة جديدة كان للتو قد انعتق من مثلها!
وقد روى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ، وغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: “بَادِرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالْحَدِيثِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَكُمْ إِلَيْهِمُ الْمُرْجِئَةُ”[13].
الأمر الرَّابع:
تحمل السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب قناعةً بنسبية الحقيقة وتَوَزُّعها في الخلائق، وبالتالي فهي كلَّما انفتحت على أحدٍ أخذتْ شيئًا من الحقيقة التي يحملها.
هذه نظرية صحيحة فيما لو نظرنا إلى أمر الحقيقة بمنظور علميٍّ اجتماعي تُنتزع فيه المفاهيم من المتشخصات الخارجية، فيجد الباحِثُ شيئًا من الحقيقة عند البوذيين، وشيئًا منها عند الراستفاريانز، وشيئًا عند التيَّار الشيعي (س)، والتيَّار السُّنِّي (ص)، وهكذا تتوزَّع الحقيقة، وعلى الإنسان جماعها بالتقاط أجزائها أو أوجهها من هذا المُتشخِّص، وذاك، وبما أنَّ الإنسانَ ناقِصٌ واقصِرٌ تكوينًا، فهو لن يحيط، يومًا، بِكُلِّ الحَقيقة.
أمَّا لو نظرنا إلى أمر الحقيقة من جهة خالِقها فلن تَصُحَّ حينذاك نَظَريِّةُ النِّسْبِيةِ والتَّوزُّع.
إنَّ ما أردتُ التنبيه إليه هنا هو قيام البرهان الحاسِم والمُسكِت (وليس الدليل فَيُورَد عليه) على بطلانِ نَظَريَّةِ نِسْبِيَّةِ الحقيقة، إلَّا أن نقول بانفصال المعرفة عن أمرين، أوَّلهما المعارف العالية المخلوقة تكوينًا مع الإنسان، والثَّاني الانفصال البشري عن مصادر الوحي الصادقة. فإن قام الأمران، أو احدهما، اختَلَّ ميزان النظر، وفقد البحثُ علميَّته.
إذن، هنالك جهةٌ إن أُغفِلَتْ فمِنَ البعيد الانتهاء إلى غير القول بالنسبية، والحداثة، وما بعدها، وما إلى ذلك ممَّا ترك أثَرَهُ جُمهورُ علماء الغرب خاصَّة. أعني جهة الخالق سبحانه وتعالى، والطريق إليه واضحٌ مِن قوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ)[14]، وعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: “ذَكَرْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام) قَوْلَنَا فِي الأَوْصِيَاءِ إِنَّ طَاعَتَهُمْ مُفْتَرَضَةٌ. قَالَ:
فَقَالَ (عليه السَّلام): نَعَمْ، هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّه تَعَالَى (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، وهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ الله ورَسُولُه والَّذِينَ آمَنُوا)”[15]، وبما قام عليه البرهان فنحن نأخذ الحقَّ مِن أهله ومعدِنه، أمَّا ما يقع من خلافات، وربَّما نزاعات بين الشِّيعة فليس في الحقائق الكبرى، فهي مُسْتَقِرَّةٌ مُشْتَرَكًا رَاسِخًا في وجدان مِن هم على الوَلاية، وهذا بحثٌ عَريضٌ لا أُريدُ مِن طرح هذه اللمحة عن عنوانه إلى أكثر مِنَ التنبيه على الفكرة التي تتبناه السَّيِّدة بَاسِمَة القصَّاب قاصرةٌ، والوجه في ذلك، كما أظنُّ، ضعف المُحَصَّلِ العِلمي لبحوث يقوم على مقدماته فهم الحقيقة على الوجه الصحيح والتام..
كيف كان، فليس المقامُ مقام استطراد في بحث الحقيقة، والتنبيه كافٍ، ويناسب ما نحن فيه.
الأمر الأخير:
لا شكَّ في أنَّ (الآنَ) أثرٌ لأحداثٍ اجتمعت وتظافرت فأحْدَثَتْهُ، وهذه هي نظرية (butterfly effect)، وما ينبغي الانتباه إليه جيِّدًا هو أنَّ نفسَ (الآن) مشتمِلٌ دائِمًا على مَوقِعٍ لقُوَّةِ الاختيار بحيث يتمكَّن الإنسانُ من إحداث ما يُؤثِّر في (آنه) التالي، وغده، وما بعده[16]، بل وظيفة الإنسان مغالبة المفروض لِمَصلَحَةِ ما ينبغي أن يُفرض، وقد قال تعالى (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)[17].
ممَّا ينبغي التأكيد عليه هو أنَّ ضرب فراشة بجناحيها في مكانٍ لن يُحدِث زلزالًا في مكان آخر، ولكنَّ الضربات مِنْ ما لا يُحصى من الفراشات وضربات أجنحتها تُحدثُّ آثارًا تنظمُّ إليها فراشات وضربات أجنحة، وهكذا هي حركة الأحداث مائجة بما لا يمكن لِبَشرٍ أن يُدرِكَ تفاصيلها، والواقع أنَّ ذلك ليس من وظائفه!
مِنْ أهمِّ وظائف الإنسان تحمُّله لمسؤولية إحداث ما يُقيم نفسه بما يرضي الله سبحانه وتعالى، وبحسب نظرية الفراشة فهو يضرب بأجنحة فراشاته ليدفع ما يرد عليه مِن آثار وترددات لملايين الأجنحة الضاربة في مشارق الأرض ومغاربها، فلا يسمح لشيء منها إلَّا ما يوافق رضا الله جلَّ في علاه.. و(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)[18].
لذا، فإنَّنا قد نُسلِّم بكلِّ ما يتوصل إليه علماء الشرق والغرب في بحوثهم الإنسانية الأعم من الفلسفية وغيرها، وسوف نُكرِّر دائمًا أسماء سارتر، ونيتشه، وفرويد، وتونبي، وهيغل، وماركس، وغيرهم ممَّن ألَّفوا الكثير من الكتب المهمَّة والمحمَّلة بجهودهم البحثية الجادَّة، غير أنَّ هذا التسليم لا موضوعية له على الأطلاق مع النظر العلمي لخالق كل موضوعات بحوثهم، لذا، وبالرغم من قراءاتنا الكثيرة لهم ولغيرهم، لم نقف على استقامة علمية ولو في واحد من بحوثهم، والوجه في ذلك انقطاعهم وانفصالهم عن المصدر الأصل والفارد لكلِّ ما هم بصدد بحثه والنظر فيه.
قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): “إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا، كِتَابَ اللَّه وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي؛ فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، كَهَاتَيْنِ -وجَمَعَ بَيْنَ مُسَبِّحَتَيْه- ولَا أَقُولُ كَهَاتَيْنِ -وجَمَعَ بَيْنَ الْمُسَبِّحَةِ والْوُسْطَى- فَتَسْبِقَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَزِلُّوا ولَا تَضِلُّوا ولَا تَقَدَّمُوهُمْ فَتَضِلُّوا”[19].
مهما يُحقِّق إنسانٌ فوائِد من بحوث علماء الشرق والغرب، فإنَّ العلم النافع يوم الحساب منقطع عن غير الثقلين الشريفين، الكتاب العزيز والعِترة الطاهرة، وقد رُويَ عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السَّلام) فَقَالَ لَه رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْأَلُه عَنْ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السَّلام) سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ فَلَا تَسْأَلُونِّي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِه.
قَالَ (عليه السَّلام): إِنَّه لَيْسَ أَحَدٌ عِنْدَه عِلْمُ شَيْءٍ إِلَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السَّلام)، فَلْيَذْهَبِ النَّاسُ حَيْثُ شَاؤُوا؛ فَوَاللَّه لَيْسَ الأَمْرُ إِلَّا مِنْ هَاهُنَا. وأَشَارَ بِيَدِه إِلَى بَيْتِه”[20].
عود على بدء..
بدا لي أنَّ السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب قد ذهبت في نظريَّةَ أثَرِ الفراشة عريضةً، والحال أنَّه (لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى)[21]، فهو القادر على صناعة واقعه وقهر أثر الفراشة فيما ينبغي أن يتحمَّل هو مسؤوليته، فَيُحْدِثُ باختياره المُؤَثِّرَ الذي يُؤثِّر في صناعة واقعه المُختار.
كلمة أخيرة:
أُقدِّرُ تقديرًا جادًّا السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب؛ فقد غالَبَتْ واقِعًا في غاية الصعوبة والتعقيد، لا سيَّما مع تسليمها الذهني والنفسي له طوال أربعة عشر سنة أُحكِمَت بعلاقات مُحدَّدة، ومُتَلقيات مضبطة بأدبيات ثابتة. فهي نشأةٌ تتكون فيها شخصية الإنسان، فما بالك وقد دخلتها وهي في مقتبل عمر الشباب.
في مرحلة مفصلية، لا أراها بوضوح، هناك ما، أو ربَّما مَن، أخرجها مِن أغلفة الجماعة لتندفع برسوخ مهذَّب خارج السور مقبلةً على حياة جديدة بكلِّ ما تحمل الكلمة من معنى، ولكنَّني لا أرى السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب بجِدة ما أقبلت عليه، وما داخلني من قراءتي لها أنَّ فراشة الجماعة لا تزال تضربُ بجناحيها لتحافظ على أغشيةٍ أحْتَمِلُ أنَّها لا تزال تُغلِّف السَّيِّدة باسِمَة..
أعتقد بأنَّ السَّيِّدة باسِمَة القصَّاب لو أنَّها لم تلتقِ مَنْ دلَّها على (ش)، وعاشت حياتها دون ضغوط مباشرة، لكان تطورها المعرفي في ضمن سياقات مسجد الخواجة؛ حيث انتفاء الدَّاعي لِرَدِّ فِعلٍ مضادٍّ وحادّ.. وقد أكون مًخطِأً..
سيلٌ من الأسئلة ينساب في ذهني، ولكن لكلِّ شخص خصوصياته. فأسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا إلى حيث رضاه جلَّ في علاه.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.
عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ: “مَنْ سَرَّه أَنْ يَسْتَكْمِلَ الإِيمَانَ كُلَّه فَلْيَقُلِ الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا ومَا أَعْلَنُوا وفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وفِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي”[22].
السَّيد محمَّد السَّيد علي العلوي
20 مِنَ المُحَرَّم 1444 للهجرة
البحرين المحروسة
…………………………
[1] – أعْتَمِدُ في هذه المقالة على ما جاء في كتاب (كالَّتي هربت بعينيها)، ونقدي متوجِّه إلى ما أفادته الكاتبة على فرض التسليم بصحته.
[2] – مختصر بصائر الدرجات – حسن بن سليمان الحلي – ص 212
[3] – الغيبة – ابن أبي زينب النعماني – ص 28 – 29
[4] – الآية 17 من سورة الرعد
[5] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 32
[6] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 221 – 222
[7] – سورة الكافرون
[8] – الآية 256 من سورة البقرة
[9] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 49 – 50
[10] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 26
[11] – راجع: للكاتب: المبتنيات ومسألة الثابت والمتغير https://main.alghadeer-voice.com/archives/5565 ، وسلسلة (الثابتة، والحداثة، والعلم -حلقات-) على موقع صوت الغدير https://main.alghadeer-voice.com/
[12] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 42
[13] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 6 – ص 47
[14] – الآية 55 من سورة المائدة
[15] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 187
[16] – راجع: للكاتب: المُغالَطَةُ في مَقُولَةِ (تبعية المُعْتَقد لبيئة النشأة) https://main.alghadeer-voice.com/archives/5297
[17] – الآية 123 من سورة طه
[18] – الآية 9 من سورة الشمس
[19] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 415
[20] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 399
[21] – الآية 39 من سورة النجم
[22] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 391