الحداثة وما بعدها بداية الانقلاب على إنسانية الإنسان، والتطبيع مع الحيوانية الجنسية

بواسطة Admin
0 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمَّد وآله الطيبين الطاهرين

الحداثة وما بعدها بداية الانقلاب على إنسانية الإنسان، والتطبيع مع الحيوانية الجنسية

أسْفَرَ واقِعُ العصر عن نُضجِ حركة عالمية تدعو لحرية الفرد في اختيار أي اعتبار شخصي يريده، حتَّى لو اختار أن يُعَامَل في المجتمع على أنَّه طاولة، أو حصان، أو أي شيء آخر مهما غايره جنسًا، أو نوعًا، أو صفةً، وكان من أبرز الاعتبارات اعتبار الذكورة والأنوثة، فللذكر حقُّ الاختيار في أن يبقى ذكرًا أو أن يُعَامل على أنَّه امرأة، وكذا الأنثى، وامضِ حيثما تشاء في آفاق الإطلاق؛ فالأمر ليس أكثر من تغيير لونٍ بلون آخر، والألوان متماثلة، ولا زهو لما يقع تحت الضوء ما لم تتعدَّد ألوانه! هكذا يقولون!

إنَّ (الذكر والأنثى) مِنْ البشر هما الواقع الأبرز الذي يحاولون الانطلاق منه في مشروع ترسيخ مفهوم المثلية المطلقة بين الموجودات، لا المثلية الجنسية وحسب، مع قطعنا الأكيد بأنَّهم لا يؤمنون على الإطلاق بما يدعون إليه ويتبنون نشره في الأرض، ولكنَّهم يصرفون العِباد إلى الحكومة المتوحشة لهذه الدوامة الثقافية الفاسدة ليمضوا هم في مشاريعهم الخاصَّة ولا ريح لرأيٍ مُعارِضٍ على الإطلاق.

وتفصيل الكلام..

أوَّلًا: واقع المؤامرة:

لا ينبغي لعاقل أن يشكَّ في واقع المؤامرة الكونية على الحقِّ وكلِّ ما يتَّصل به بأي شكِّل من الأشكال، وليس بدليل على ذلك أوضح من التحديات المُعلَنة التي يُصرِّح بها الكتاب العزيز عن إبليس الرجيم وجنوده من الجن والإنس.

قال: (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[1]، وقال: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً * قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا)[2].

ولم يُكذِّب الملعون نفسه، إذ أنَّ ما توعَّد به الإنسان بَدَأهُ مع آدم وحواء (عليهما السَّلام)، وهو قوله في الكتاب العزيز (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)[3]، ومن بعد ذلك فإنَّ شغله انتظم من أعلى هرم الهداية، وهو قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)[4].

عندما نلاحظ الطرف المُواجَه في هذا التحدِّي، وهو الله تعالى، ونرى مدى معرفة المُتحدِّي به سبحانه، نعلم حينها عدم معقولية الغواية وفكرة الاحتناك دون تخطيطٍ دقيقٍ لا يخلو من إحاطة وعُمقٍ، لا سيَّما وأنَّ طلب الإنظار كان لغاية القعود للإنسان على الصراط المستقيم، فإنَّ الغواية وإبعاد العِباد على طُرُق الهداية والصلاح هو الشُغل الشاغل لشياطين الجنِّ والإنس.

مَرَاكِبُ التآمر: تظهر المؤامرات في مسكلين رئيسيين، أوَّلُهما استغلال ما هو موجود وقائم فعلًا، سواء كان من طبائع البشر والمجتمعات، أو كان من الحوادث الواقعة؛ ومثال ذلك طبيعة الشهوة بمختلف مواقعها، كحُبِّ الشهرة والبروز، وكحُبِّ المال، وحُبِّ الرجال للنساء، والنساء للرجال، وحُبِّ الغلبَةِ والفوز، وما إلى ذلك، وما يحدث من آثار وتبعات لتلك الطبائع التي يركبها الشيطان للإيقاع بأصحابها.

وثانيهما ابتكار وابتداع ما يجرُّ به الإنسان إلى مهاوي المعصية والذنوب من حيث لا يعلم، ومن ذلك مختلف النظريات والأطروحات الثقافية والفكرية لا سيَّما في السِّياسة والاقتصاد، ومنه إدخال الموسيقى والألحان في أدوات التبليغ الإسلامي، ومنه أيضًا مُرافِقات المسابقات الرياضية العالمية كمسابقات كرة القدم.

كُلُّ هذه الموارد سلاسل يُغَلُّ بها الإنسان عن الخير، والهداية، والصَّلاح.

ثانيًا: واقع الـ99%:

نتيجةً لتردِّي الأوضاع الاقتصادية، انطلقت في نيويورك من الولايات المتحدَّة الأمريكية حركة شعبية احتجاجية تدعو لاحتلال (Wall Street)[5]، وكان ذلك في 17 سبتمبر 2011 للميلاد، وسرعان ما انتقلت الحركة لتعمَّ عواصم أوربية مثل لندن، ومدريد، ولشبونه، وبرلين، وروما بمشتركٍ أساسي؛ وهو غياب العدالة في توزيع الثروة بين 1% من سكان العالم ذوي ثراءٍ كبيرٍ، و99% يعانون الفقرَ والحرمانَ!

هذا واقِعٌ فعلًا، فإنَّ النظام الرأسمالي العالمي يقضي باستعباد الطاقة البشرية على امتدادها في الأرض لخدمة مُلَّاك رأس المال الذين لا يتجاوزون 1% من سكان الأرض، وهذا ما نراه واضحًا في الطبقية الصارخة، والمُسْتَحكِمَة في المجتمع البشري، وهي ليست تلك الطبقية الطبيعية التي تقتضيها الفروقات والقدرات الثقافية والفكرية والاقتصادية بين العِباد، لكنَّها طبقيَّة تملك فيها الطبقةُ العُليا الأرض وما عليها، ثُمَّ تأتي دونها طبقات مُلَّاك الفُتات من المليارات والملايين، وهؤلاء يُدارون باليد الطاغية لتلك الطبقة العليا.. إنَّها القوَّة الأرضيَّة العُظمى، المتوارية، التي تدير الأرض بفلسفات غير مسبوقة، وقدراتِ تَحَكُّمٍ هائلة.

ينكشف ذلك بالتنبُّه في المجتمعات إلى مُحرِّكات السيرورة؛ حيث إنَّ الأشياء لا تتغيَّر وتسير في مراحل وأطوار إلَّا بفعل فاعلٍ، وهو الذي يكون تارةً من نتاج التطور الفكري الطبيعي المحكوم دائمًا بأصولٍ انطلق منها ويتحرَّك في أفقها وأطرها، وتارةً أخرى يكون بالإحداث والابتداع بعيدًا عن الأصول والمبادئ.

ثَمَّة هاجسٌ أصيل لا يغادر صدر الطبقة الحاكمة العليا، وهو هاجسُ ثورةٍ تسري في طبقات الـ99%، وهو ما ظهر وجهُهُ في الأحداث العاصفة خلال 2010 – 2011 للميلاد، لا سيَّما الحركة التي دعت لاحتلال (wall street)، وقد بدأت باحتلال متنزّه زوكوتي في مانهاتن. ثُمَّ “دعى النشطاء آنذاك إلى تطبيق عولمة الاحتجاجات، وتصعيدها عالميًا، وإنشاء شبكة تواصل اجتماعي جديدة وتطويرها، أطلقوا عليها اسم الميدان العالمي، وعلّلوا السبب الرئيس في إنشائها أنّهم لا يثقون في تناقل الرسائل بين النشطاء عبر (الفيسبوك) لأنّه لم يعد آمنًا، فتوسّعت الاحتجاجات لتشمل الولايات المتّحدة الأمريكية كلّها، قبل أن تتحوّل تدريجيا إلى حركة شبه عالمية في 15 أكتوبر، فقد وصلت الاحتجاجات إلى أوروبا في إسبانيا والبرتغال وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وسِدني في أستراليا”[6].

إنَّ أدنى انتباهة جماهيرية عالميَّة كفيلة بتهديد النظام السياسي العالمي وتعريضه لانهيارٍ يغيِّر وجه الأرض، وليس من العقل مواجهة الـ99% بالنار والحديد؛ إذ أنَّ بقاء الطبقة العليا واستمرارها في الحكم المطلق متوقِّف دائمًا على استعباد الكرة الأرضية، وإحكام وجود أهلها في دوامة العمل والإنتاج كل بحسب موقعه، وتوجهاته، وقدراته، دون أدنى عناية بأي شيء لا يمس السلطة الحاكمة العليا بما يُهدِّدُ قيمومتها.

سمِّها ما شئت.. قُل مافيا.. قل ماسونية.. قل صهيونية.. كلُّها أدوات بيد الحكومة العليا، حكومة إبليس وجنوده من شياطين الجن والإنس، وهم خصوص المُقرَّبين منه..

ثالثًا: نظريات الحداثة وما بعدها في قبال المبادئ والقِيَم:

تذهب اليوم فلسفةُ ما بعد الحداثة إلى “رفض الأُسس التي نبتت عليها الفلسفات القديمة، حيث تعمل بعكسها تمامًا، لأنَّه وبحسب اراء الفلاسفة المجددين، أنَّها تميل الى ممارسة الطغيان الفكري في ادِّعائها أنَّها تمتلك الحقيقة أو الطريق لبُلُوغها!

بدأت أفكارُ هذه المدرسة على يد الروائي الفرنسي جورج باتيلي (1897-1962) الذي دعى إلى موت، أو دفن (الموضوعية)، وإعلان طغيان الذاتية على فكر الإنسان، من خلال عملية تفكيك القضايا عوضًا من بنائها، أو ربطها معًا”[7].

والوجه في فكرة التفكيك هو السيرورة وعدم الثبات مطلقًا، وبذلك يثبت فساد بناء القضايا وربطها، وحينها يكون من تمام العقل تفكيكها والحرص على استقلال كلِّ قضية؛ لأنَّها قد تنقلب وتتغير في أي لحظة تتغير فيها قراءة الإنسان لها!

يقول الأديب والفيلسوف أكتافيو[8]: “الحَدَاثَةُ هي اللحظة ذاتها، إنّها ذلك الطائر الموجود في كُلِّ مكان ولا مكان، وعندما نريد أن نقبض عليه حيًّا فإنَّه يفتح جناحيه ويطير متحوّلا الى قَبْضَةٍ مِنَ المَقَاطِعِ والحُرُوف”[9]. وهو من أدقِّ ما قرأتُ من تعريفات أو توضيحات للحداثة؛ حيث التفتَ فيه إلى استحالة تعريف ما ينتهي إلى عدم ثبات شيء، فيكون نفس التعريف داخلٌ في عموم عدم الثبات، وبالتالي استحال الاستقرار على تعريف.

وُلِدَتْ عناوين الفساد العصري في أواخر القرن الخامس عشر، وانتظمت في رؤية كونية تقوم على نظريات فلسفية مع أواخر القرن التاسع عشر، ومنه انطلق المشروع الأكبر لعولمة نتاج النظريات الفلسفية للحداثة في ضمن حِراكٍ تثقيفيٍّ عالميٍّ انتهى بالعالم البشري اليوم إلى قابلية التطبيع مع أيِّ شيءٍ، وحتَّى مع عدم قبوله فلا يُعارض بأكثر من السكوت، وإن ثار الناس فبشعارات وأناشيد ورسومات، يعقبها التسليم إلى الواقع مع القليل جدًّا من التأوُّه.

إنَّ فهم هذه الحالة، والوقوف على حقيقتها لا يستدعي الكثير من التعب والتدقيق، بل يكفي التكفير لدقيقة واحدة في كيفية قبول المجتمع لموضة السراويل الممزقة (ripped jeans)؟ وموضة ترك الصبي لشعره دون تسريح؟ وموضة تحويل الجسد إلى لوحة كتابات ورسومات (الوشم)؟

كيف قبل المجتمع بذلك وللتوِّ كان رافضًا له رفضًا قاطعًا لا تسامح فيه على الإطلاق؟!

كيف يقبل المجتمع بانتشار صور الفتيات والنساء على مختلف وسائل التواصل الإلكتروني بعد رفضه لوضع صورة المرأة في جواز السفر حتَّى كان يُختم مكانها بختم (مُحجَّبة)؟!

لهذه التحولات السريعة في العقلية الثقافية عمقٌ ثقافي استوعب ما لا يقل عن جيلين[10] متدرِّجًا في الاشتداد حتَّى وصل اليوم إلى الإنكار على كلِّ دعوة جادَّة للمبدئيَّة والأصالة التي أمستْ تُهمَّة مثلما كان القول بكروية الأرض تهمَّة في عصور التفتيش!

ثُمَّ فلنلاحظ أبرز الميادين التي يمارس فيها المصلحون أدوارهم الإصلاحية، إنَّه ميدان وسائل التواصل الإلكتروني، ولعمري هو من أنشط مظاهر الحداثة العملية، ألا ترى سرعة التواري لما كان قبل ساعة في قمَّة قائمة التداول (trend) بعد ورود وسم جديد (hashtaq) يراد له أن يتموقع في القمَّة حتَّى حين؟ وهكذا هي فوضى هذا العالم الافتراضي الذي يضجُّ بأوهام الإنجاز والنجاح.. هو ميدان يذبح فيه الـ99% أنفسهم ذبحًا ثقافيًا وفكريًّا، بل ويدفعون الأموال من أجل ذلك! وأي احتناكٍ أصرح من هذا؟ (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً).

رابعًا: تعميق مبدأ العلمانية:

بعد كلِّ هذا التجهيل الخانق فلِمَنْ يأباه حقُّ الاحتفاظ لنفسه بمبادئه وقيمه وأصالته في حدود داره، وما إن يخرج إلى الشارع فليس من حقِّه التمَيُّز بغير ما يُنتِجُ مِنْ مَالٍ أو فِكرٍ مُتَناغِمٍ مَعَ الطَّرْحَة العالمية، وما سوى ذلك فهو اليوم مُجرَّمٌ بجُرم التعدِّي على الإنسانية ومستقبل الحضارة في الأرض. فليست العلمانية المعاصرة منحصرة بفصل الدين عن الحياة، بل قد تجاوزت الدين إلى كلِّ قيمةٍ، حتَّى لو كانت إلحادية، أو لا قِيَمية؛ إذ أنَّ نفس اللا قِيمية قد تتغيَّر في الغد إلى نقيضها، وهكذا..

واقِعُ الأمر:

لو كانت الدعوة لِمَا تحكم عليه الفِطْرَةُ السليمة، دون تَرَدُّدٍ، بالشذوذ الجنسي لهان الخطب، ولكنَّها في الواقع أبعد من ذلك وأكثر خطورة من دعوة تحلُّل أخلاقي، لا سيَّما بعد أن ترسَّختْ الميوعة الفكرية وعقلية التطبيع مع كلِّ واردٍ تدعمه سياسة عالمية، ويقوم على اقتصاد صُلبه الحَرَام!

لا شكَّ في أنَّنا نحترم ونُقدِّر الدعوة لمقاطعة الجهات الداعمة لما أسموه بالمثلية، ولكن كيف لنا أن نتصوَّرها؟

تدعم اتحاداتُ كرة القدم الأوربية حركة السقوط (الإنساني) العالمية، فهل تُقاطعها جماهيرُ المتابعين لمبارياتها؟ وهذا أهون ميادين التحدِّي.

لاحظوا أنَّ الأمر لا يتعلَّق اليوم بمجرَّد مباريات في كرة القدم، فقد تعدَّاه إلى اتِّخاذ اللاعبين نماذج وقدوات، ومعشوقين لأولاد وبنات، ناهيك عن الشعور الحقيقي بالانتماء لتلك الأندية، بل هناك مسلمي العرب من يدافع عن انفصال كتالونيا عن إسبانيا لأنَّه يشجِّع فريق برشلونه الكتالوني لكرة القدم!

ليس الداعمُ لحركة السقوط (الإنساني) العالمية مطاعمَ، وفنادِقَ فحسب، بل الداعم اليوم كبرى شركات السيارات، والطائرات، ومحركات البحث الإلكترونية، والتطبيقات المسيطرة والحاكمة..

نحن اليوم في شِراك السقوط (الإنساني)، والمقاطعة لا واقع لها مع الثقافة القائمة وعقليتها. إلَّا لِمَن يرجع إلى حياة الانعزال كما فعل الآميش (Amish)[11].

صَدَقَ رسولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله) إذ قال في وصفه للمؤمن في آخر الزمان: “فعندها يذوبُ قلبُ المُؤمنِ في جوفه كما يذوب الملحُ في الماء، مِمَّا يرى مِنَ المُنكر، فلا يستطيع أن يُغيره”[12].

عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ: “مَنْ سَرَّه أَنْ يَسْتَكْمِلَ الإِيمَانَ كُلَّه فَلْيَقُلِ الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا ومَا أَعْلَنُوا وفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وفِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي”[13].

 

السَّيد محمَّد بن السَّيد علي العلوي

6 من ذي الحجَّة 1443 للهجرة

البحرين المحروسة

…………………………….

[1] – الآيات من 14 إلى 17 من سورة الأعراف

[2] – الآيات من 62 إلى 64 من سورة الإسراء

[3] – الآية 20 من سورة الأعراف

[4] – الآية 112 من سورة الأنعام

[5] – ويكي بيديا: “هو شارع يغطّي ثمانية مربعات سكنيَّة في المنطقة الماليَّة بمنهاتن السفلى في مدينة نيويورك حيث يمتد الشارع ما بين برودواي غربًا وصولًا إلى الشارع الجنوبيّ والنهر الشرقيّ شرقًا. أصبح اسم الشارع يُستعمل ككناية للإشارة إلى الأسواق الماليَّة في الولايات المتَّحدة، أو قطاع الخدمات الماليَّة الأمريكيَّ، بالإضافة إلى دلالته التي قد تُشير إلى طبقة أصحاب المصالح الماليَّة الموجودة في المدينة أو إلى المنطقة الماليَّة التي يقع فيها الشارع”

[6] – النظام الأمريكي الاجتماعي والإستراتيجي المأزوم، د. جهاد عودة، ص175

[7] – مقال بعنوان: فلسفة الحداثة وما بعد الحداثة Modernity & Post Modernity، يوحنا بيداويد،

الحوار المتمدن – العدد: 5929 – بتاريخ: 2018 / 7 / 10

[8] – أُكتافيو باث (بالإسبانية: Octavio Paz)‏ شاعر وأديب وسياسي مكسيكي، ولد في مدينة المكسيك في 31 مارس 1914. حصل على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1990

[9] – خطاب ستوكهولم لنيل جائزة نوبل، 1990

[10] – الجيل الواحد 33 سنة

[11] – طائفة مسيحية يؤمن اتباعها بالانعزال عن العالم الخارجي وعن أي محاولات لدمجهم أو خلطهم بمجتمعات وتعاليم أخرى.

[12] – مستدرك الوسائل – الميرزا النوري – ج ١١ – الصفحة ٣٧٢

[13] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 391

مقالات مشابهة