التفاعل الكوني مع مقتل الامام الحسين )عليه السلام) ll مقالة للأستاذ محمَّد يوسف العرادي

بواسطة Admin
0 تعليق

 

هل من الممكن أن تتغير معادلات الكون لموت أحدٍ؟

إنَّه سؤال عميق انقسم فيه العقل الى قسمين متضادين متعاكسين، القسم الأول يرى أنَّ الله خلق الإنسان ولم يخرجه من نطاق بشريته، ولا اثار لهذا الانسان إلا الأجر الذي ينتفع به بعد موته من عمله وولده الصالح الذي يدعو له، أما القسم الآخر فيتناول القضية من زاوية اخرى تعطي الإنسان، ليس كل إنسان، بعداً غيبياً يحقق من خلاله فرقاً في مستوى الإدراك بينه وبين الإنسان الآخر. ورد في الحديث القدسي “عبدي أطعني أجعلك مثلي، أنا مهما أشأ يكن، أجعلك مهما تشأ يكن” (المصدر: مشارق أنور اليقين).

هل كل إنسان ببشريته يمتلك هذه القدرة الممنوحة من الله؟

إنها القدرة على التحكم بالأمور في حدود ما سمح الله به، والتي تعرف بالولاية التكوينية، تلك الولاية التي لم تمنح إلا للإنسان المعصوم من الخطأ والنسيان وغيرها من النواقص البشرية التي تعتري النفس البشرية والمادية، هي القوة الغيبية التي تعطي المعصوم المقدرة على تغيير سير الأحداث وتبدل الأمور، وهناك التفاعل الكوني مع الأحداث، التفاعل مع المعصوم، إنَّه جزء غيبي يبين أسرار وقدسية الإنسان القدسي، والتفاعل المستمر في حياته وبعد مماته في اتصال لا ينقطع بين الارض والسماء.

إن الجانب الغيبي في حياة الإنسان يعطي بعداً رسالياً يجعله في الدرجات العليا من الحياة الإنسانية، وقد ثبت لبعض أوصياء الأنبياء تلك القوة الغيبية التي وهبها الله لهولاء المقدسين {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } والذي عنده علم من الكتاب هو وصي ووزير نبي الله سليمان (عليه السلام)، وبهذه القوة الألهية وهذا العلم اللدني استطاع أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن الى سليمان، هذا وهو عنده علم (من ) الكتاب، فما بالك بمن عنده علم الكتاب

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} الرعد ٤٣

قال الشيخ الطبرسي “إن المراد به علي بن أبي طالب، وأئمة الهدى (عليهم السلام)، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) وروي عن بريد بن معاوية عن أبي عبدالله أنه قال “إيانا عنى وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (صَلَّى الله عليه وآله وسلم)”.

والامام الحسين (عليه السلام) بقدسيته وخصوصيته الفريدة ومنزلته العظيمة عند الله وبمظلوميته التي لا نظير لها في تاريخ البشرية، من الذبح وسبي النساء، وبكل ذلك وما أحدثه الله من تأثير وتفاعل كوني حزناً لما أصابه، وهذا ما ثبت بيانه في الروايات، ما نقلها الطبري وابن عساكر والهيثمي والطبراني وغيرهم الكثير، عن نضرة الأزدية أنها قالت: “لّما قُتِل الحسين بن علي، أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وجبابنا وجرارنا مملؤة دماً”، ونقل الطبراني، عن جميل بن زيد قال: “لمّا قُتِل الحسين احمرت السماء، قلت أي شيء تقول؟ فقال: إن الكذاب منافق، إن السماء احمرت حين قُتِل”.

وروى الإمام الصادق عليه السلام: “بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي أربعين صباحاً، ولم تبك إلا عليهما، قلت: فما بكاؤها؟ قال: كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء”، وقال الطبراني: وعن ابن شهاب، قال: “لمّا قُتِل الحسين لم يرفع أو لم يُقلع حجر بالشام إلا عن دم” (المصدر: ذخائر العقبى).

وقال البيهقي: عن أبي قبيل، قال: “لمّا قُتِل الحسين بن علي كُسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار، حتى ظننا أنها هي”. (المصدر: دلائل النبوة).

وروى الطبراني في المعجم الكبير: “لمّا قتل الحسين بن علي احتزوا رأسه وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ يتحيون بالرأس، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط، فكتب بسطر دم: أترجو أمة قتلت حسيناً شفاعة جده يوم الحساب، فهربوا وتركوا الرأس ثم رجعوا”.

وما رواه ابن عساكر عن تكلم الرأس الشريف عن منهال بن عمرو الأسدي قال: “والله، أنا رأيت رأس الحسين (عليه السلام) حين حُمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ سورة الكهف حتى إذا بلغ قوله سبحانه وتعالى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} فأنطق الله سبحانه وتعالى الرأس بلسان ذرب، فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي”. (المصدر: تاريخ مدينة دمشق).

وعن الأعمش عن سلمة بن كهيل قال: “رأيت رأس الحسين على القنا وهو يقول: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} البقرة ١٣٧.

 

محمد يوسف العرادي

6 محرَّم 1440 للهجرة

قرية عراد – البحرين

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.