مكونات المؤسسة الحسينية … (الإدارة / الخطيب / الجمهور) ll مقال للأستاذ أبي محمَّد

بواسطة Admin
0 تعليق


مقالات عاشوراء

المنبر الحسيني يعتبر من اهم الوسائل الإعلامية عند الشيعة وهي المسئول الأول عن صياغة الهوية الشيعية الفكرية والعقدية ومن خلالها يتم إحياء امر أهل البيت ويعتبر الاحياء من اهم الشعائر التي ورد النص فيها ومن أفضل وسائل إحياء الأمر هي “المجالس الحسينية”، الاحياء له مصاديق مختلفة مثل المأتم الحسيني، الموكب الحسيني، التمثيل المسرحي للحسين، الخ هذه كلها مصاديق لإحياء أمر أهل البيت  ، وسنتحدث أولا عن رسالة المأتم والمسئوليات والاخطار التي تواجه المؤسسة الحسينية:

تتكون رسالة المؤسسة الحسينية من ثلاث نقاط:

أ- احياء معرفي (تعاليم وعلوم)
ب- احياء شعائري (افراح واحزان)
ت- احياء لبناء الروح (اجتماع المؤمنين وتعاونهم)

المسئوليات والاخطار التي تواجه المؤسسة الحسينية:

في خطابات علمائنا تم تلخيص هذه (المسئوليات) التي تقع على عاتق “مسئولي وادارات” هذه المؤسسات الحسينية في أربع نقاط وهي:

أ- إحياء مصيبة الامام الحسين خاصة ومصائب أهل البيت.
ب- إحياء قيم وأهداف الحسين (ع).
ت- الالتزام بالقضية التاريخية لمصيبة الامام الحسين (ع).
ج- الالتزام بخطاب الوحدة والتقارب والتلاحم وهي الوظيفة الاجتماعية للمؤسسة الحسينية.

وفيما يخص (مسار الاخطار) التي تواجه هذه المؤسسة فبين العلماء ان هناك خطرين خارجي “قوى معادية غربية ودينية” وداخلي “قوى التخلف والرجعية” ولمواجه هذين الخطرين للمؤسسة الحسيني، نحتاج إلى المكونات التالية:

1- إدارة مؤهلة ومنظمة وواعية بأهداف المؤسسة الحسينية وهي المحور الأساسي لبقائها.
2- خطيب يحمل كفاءة ومؤهلات علمية مختلفة وذو استقامة.
3- جمهور واعي ومؤهل وعارف بأهداف المؤسسة الحسينية.

وفي غياب هذه المكونات الثلاثة (إدارة، خطيب، جمهور) سيكون هناك خطر خارجي وداخلي على المؤسسة الحسينية وسيؤثر ذلك على بقاء واهداف المؤسسة الحسينية، وسنتحدث أولا عن أحد المكونات وهو (الخطيب):

1- المنبر والخطابة الحسينية:

اشتدت في الفترة الأخيرة موجه انتقادات لظاهرة بدأت بالانتشار للمنبر الحسيني وهي “خطباء الصدفة” وهم الذين يرتقون المنبر الحسيني لمجرد حفظهم لعدد من ابيات الشعر و وجود صوت عذب وحزين للرثاء ويمكن ان يكون هذا الشخص لم ينهي دراسته المدرسية وينقل على المنبر الغث والسمين وكأنه يقول إن مهنه الخطيب “لا باب لها وكل شخص قادر على دخول هذا الباب! وهنا يطرح سؤال كيف يمكن ان نتعامل مع هذه الظاهرة وأقصد ظاهرة “الخطباء المتخلفين/الصدفة”؟!  مع ان هناك محاولات لتطوير المنبر منذ ما يقارب القرن كمحاولة العلامة الشيخ محمد رضا المظفر وهو أستاذ الشيخ الوائلي في “جمعية منتدى النشر” وفي كتابه (المنطق) ولكن لم يكتب لها النجاح المطلوب وجوبهت بشده وكذلك محاولة الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر مع العلامة الشيخ د. الوائلي سنة (1978) عبر تنظيم ورفع مستوى الخطابة الحسينية عبر (ثلاث) خطوات من قبل الشهيد الصدر وهي (دمج خطباء المنبر بالحوزة العلمية، إيجاد صيغه تؤمن لهم ضمانا لأيام عجزهم، ان تكون لهم مؤسسة يصدرون عنها مناهج موحده وتكون تحت ظل المرجعية) وكانت الأفكار تدور على ثلاثة محاور وهي (أن يصدر المنبر عبر قواعد وعلم منهجي، إيجاد صيغة تضمن إثراء مادة المنبر من حيث تنويع مضامين المحاضرات، ارتقاء المنبر ليكون كمرجع متجول يرجع اليه الجمهور للتعرف على ما يهمه في دنياه واخرته) وكانت هناك محاولة أيضا للشهيد الصدر مع الشيخ فاضل المالكي ولكن أيضا هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح المطلوب وفي السبعينيات كانت هناك محاولة لجمعية التوعية عبر خطاب للشيخ عيسى قاسم لمؤسسة المنبر وتصدى لذلك الشيخ عبدالامير الجمري وأيضا هوجمت الى ان انتهت وكذلك هناك العشرات من المؤتمرات والندوات واخرها مؤتمر عاشورا الثاني في سنة 2007 بعنوان ” المنبر الحسيني … المسئوليات والتحديات” وقدمت أوراق وتوصيات وأيضا وصلت لنفس النتيجة مع تقدمها بعض الشيء عن اسلافها مثل مبادرة الشيخ محمد جواد شبر وكذلك كانت هناك توصيات للمرجعية لخطباء المنبر  وأيضا لم تكن النتيجة المطلوبة، ترى لماذا لم يكتب النجاح لهذه المجموعة من المحاولات! الجواب في نقاط:

أولا: لا سلطة للحوزة على الخطباء بتعيين شخص ورفض شخص أخر، فليست للحوزة سلطة كسلطة الحكومات مثلا في الجامعات يمكن ان تقول هذا شهادته مزورة وبناء عليه يستبعد، إذا ليست هناك سلطة للحوزة.

ثانياً: السلطة هي بيد الجمهور الواعي فهو من يقبل أن يصادر حقه بقبول مثل هؤلاء الخطباء وهو من يستطيع أن يفرز الخطباء الجيدين من الخطباء المتخلفين خاصة أولئك الذين يتطرقون لأشياء تحسب على التشيع وهي ليست من التشيع في شي لا من قريب ولا من بعيد، فمثل هؤلاء الخطباء لم تنفع معهم لا وصايا للمرجعية ولا تذكير العلماء والفقهاء لأنهم ببساطة مطلوبون للخطابة الحسينية والناس تتوافد عليهم لذا التغيير يبدأ أولا من الجمهور.

ثالثا: هناك قسمين للخطباء 1- قسم يركز اهتمامه على السيرة والفاجعة والنعي وله جمهوره 2- قسم يركز ويهتم بتنوير العقل والفهم العميق للقيم الدينية والمفاهيم الإسلامية وله جمهور العريض والواسع والاخذ بالاتساع واحد اعمدته الشيخ الوائلي رحمه الله، لذا لا ضير في وجود هذين القسمين ليشبعوا حاجة المجتمع من كلى الصنفين من الخطباء ” ولكن” يجمع الكل على ابعاد المنبر مما يهين او يوهن مكانة أهل البيت والمنبر الحسيني من أحاديث وموضوعات.

كيف نفعل هذا الامر الجواب في النقاط التالية:

أولا: وجود جمهور واعي لمفاهيم واهداف قضية الامام الحسين (ع) وواعي لما يطرح من قضايا معاصرة ويعرف ما يطرح من تشكيك وأسئلة ونظريات ضد الإسلام، هذا الجمهور هو السلطة الأولى لأبعاد الخطباء الذين دون مستوى المنبر الحسيني فحضوره وتقييمه هو الفيصل.

ثانيا: وظيفة هذا الجمهور الواعي ثانيا هو “إيصال العناصر الواعية والكفؤة الى إدارات الحسينيات” والتي تقع على عاتقها اختيار الخطيب الحسيني.

ثالثا: المسئولية مضاعفة على انشاء معاهد ومؤسسات لتأهيل الخطباء المميزون وبذلك الجمهور وادارات الحسينيات يستطيعون ان يفرزوا ويقيموا مستوى مخرجات هذه المعاهد والمؤسسات من الخطباء مع الموجود على الساحة ليكونوا الأولى بارتقاء المنبر الحسيني.

رابعا: هناك إشكالية خليجية وهي فرز الخطيب عن العالم الديني، فيرى الناس ان مقام العالم الديني يختلف عن مقام الخطيب وهذا يعتبر احد أسباب احجام فقهاء وعلماء كبار  عن ارتقاء المنبر الحسيني لئلا يصنفوا على انهم خطباء وبذلك لا تكون لأقوالهم وآرائهم تلك القوة التي لدى العالم الديني، لذلك يجب مواجهة هذه الإشكالية ومطالبة العلماء والفقهاء الكبار ان يكون لهم دور ولو لبعضهم في ارتقاء المنبر  الحسيني ولو بالجمع بين (المحاضر والناعي) وقد كانت هناك امثله لهؤلاء الفقهاء ممن ارتقى المنبر الحسيني مثل ( آية الله السيد جواد شبر وابنه محمد، العلامة الشيخ محمد اليعقوبي، السيد صالح الحلي، العلامة الدكتور الوائلي، الخ).

خامساً: هناك استهلاك في مجتمعاتنا للخطيب في وقته وطاقته وجهده، فنلاحظ ان هناك خطيب لديه أكثر من (7 مجالس) حسينية في يوم واحد في محرم! السؤال كيف بذلك الخطيب ان يؤدي رسالته بنفس المستوى لكل هذه المجالس الحسينية؟ في المجتمع الإيراني يقتصر العالم او الخطيب بإلقاء محاضرة لمجلس واحد في اليوم فيكون مقبولا أكثر ويعطي فيها أكثر وتحفظ له مكانته وسمعته، لذا يجب عدم قول الخطباء هذا الاستهلاك وكذلك الامر لإدارات الحسينيات.

سادساً: أن يشكل كل خطيب منبر حسيني فريق بحث لهم خبرة ووعي وثقافة وعلم يرجع لهم في الموضوعات التي سيطرحها والعناوين التي سيتكلم عنها ويقوم الفريق بتقييم محاضراته وتقديم كل الإشكالات عليها وبذلك يطور من خطابه ويرتقى خطابه لخطاب العصر وأيضا للرجوع اليهم لاستقراء أي بحث واستسقاء معلومات علمية عن الموضوعات التي سيطرحها وهذا ما يقوم به اليوم آية الله الخطيب المعروف السيد منير الخباز بتشكيل فريق بحث من “خمسه افراد” أو كثر يرجع لهم.

سابعا: وضع معايير منطقية من قبل الإدارة الواعية لاختيار الخطيب الحسيني وأيضا وضع معايير أخرى لتقييم الخطيب والتي على أساسها سيكون اختيار الخطيب للموسم المقبل.

وسأنتقل للحديث عن المكونين الاخرين (الإدارة، الجمهور) وهما من المكونات الثلاثة للمؤسسة الحسينية والتي ذكرناها سابقا”إدارة، خطيب، جمهور” وسيكون في البدا الحديث عن القواعد الأساسية للمؤسسة الحسينية ومرتكزاتها للنجاح وأيضا مواصفات هذه الإدارة وشروط النجاح وأسباب عدم تطور المؤسسة الحسينية ثم انتقل للحديث عن المكون الثالث (الجمهور) وهي كالتالي:

2- إدارة المؤسسة الحسينية:

إدارة المؤسسة الحسينية تبنى على ثلاثة قواعد اساسية هي:

1- وجـــــود الولي الشرعـي (الولاية تكون من الواقف/الحاكم الشرعي).
2- العمل المؤسساتي (وجود نظام اساسي “دستور للحسينية”).
3- الجمعية العمومية: (ايصال الشخص الكفء والإداري الناجح والذي لديه معرفة ولو بسيطة بالأمور الشرعية لوقفية المؤسسة الدينية).

أ- مرتكزات إدارة المأتم الناجحة:

1- المعرفة بمفهوم الإدارة.
2- المعرفة بالوظائف الإدارية مثل (التخطيط، التنظيم، التوجيه، الاشراف والرقابة).

ب- مواصفات إدارة المأتم الناجحة في نقطتين:

1- ان تكون ممثلة لجمهور المأتم بعبارة أخرى جاءت عن طريق الانتخاب.

2- وجود نظام ينظم عمل الإدارة في المأتم عن طريق وجود دستور لمؤسسة المأتم يكون انتخاب الإدارة عن طريقه.

ج- شروط نجاح المؤسسة الحسينية:

– ان تتوفر الحسينية على جهاز اشراف وإدارة “كفؤه ومؤهلة ومخلصه وفاعلة واخلاق رفيعة ومهارات اجتماعية وخبرة واسعة” لتكون قادرة على (التخطيط، المتابعة والتنفيذ، الجودة في العمل، المراجعة الدائمة، التطوير المستمر).

– امتلاك وعي فكري وثقافي للقائمين على الإدارة وذلك لتحقيق اهداف المؤسسة الحسينية وان لا يتصدى لهذا الموقع من لا يملك وعي فكري وثقافي لأهداف المؤسسة الحسينية.

– امتلاك فهم ووعي فقهي قادر على إدارة المؤسسة الحسينية وفق الضوابط الشرعية ” الولاية الشرعية، الوعي الفقهي” لفقه الحسينيات ولو بضم أحد علماء الدين للجهاز الإداري.

– ان تتوفر في افراد الإدارة درجة عالية من الأمانة والنزاهة والأخلاق وان تقدم الإدارة سنويا تقريرها الادبي والمالي للجمعية العمومية لمزيد من الشفافية.

– الانتقال من المأتم الشعبوي الى العمل المؤسسي: ضرورة تحول العمل الى عمل مؤسسي وغيابة يشكل أكبر التحديات لم يعد مشروع المؤسسة الحسينية والمنبر مشروع افراد بل مشروع مؤسسة.

مقترحات:

– إقامة دورات وورش في “فقه الحسينيات” لأفراد إدارات المأتم.

– إقامة دورات وورش في “إدارة الحسينيات” لأفراد إدارات المأتم.

– عمل مجلس شرعي او اشراف علمائي يهتم بشئون المأتم.

ح- أسباب عدم تطور المؤسسة الحسينية:

– غياب النقد الذاتي في اوساطنا.

– وجود حساسية مفرطة لدى البعض اتجاه أي نقد او محاسبة.

– وجود البعض ممن يستغل النقد لأهداف معينه ولمجرد بناء مساجلات وبذلك يكون نقد هدام بدل ان يكونن نقد بناء.

3- جمهور المؤسسة الحسينية:

ليس مطلوب من الجمهور ان يكون فقط متلقي بل مطلوب منه التفاعل والتجاوب مع خطاب المؤسسة الحسينية وذلك:

أ- عبر الرقابة على أداء إدارة المؤسسة الحسينية وذلك لمعرفة السلبيات والايجابيات.

ب- عبر المحاسبة “وفق ضوابط تحكم هذه المحاسبة” على ضعف أداء او تفريط او انحراف في إدارة المؤسسة الحسينية وذلك عبر لقاءات بين الإدارة الجمعية العمومية لطرح التقريرين الادبي والمالي.

ت- عبر المشاركة الفاعلة والحضور الجماهيري في المجالس الحسينية وأنشطة المؤسسة الحسينية.

ج- عبر تقديم الاقتراحات والمخططات المستقبلية لإدارة الحسينية.
“أنتهى”

 

أبو محمَّد

28 من ذي الحجَّة 1439 للهجرة

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.