بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمَّد وآله الطيبين الطاهرين
فهمُ المرض والوباء والطاعون، وأدب التعامل في ظرف وقوعه
مرَّت على البشرية الكثيرُ من الأمراض العامَّة مثل الطاعون والكوليرا والسل، وغيرها مِنَ الأمراض التي تنتشرُّ ويصعب تداركُها والحدُّ منها؛ إمَّا لسرعة انتشارها بما لا تستوعبه طاقة المنظومة الصحية في مكان الانتشار، أم لعدم اكتشاف الطب للدواء. وكيف كان؛ هي في الغالب تتسبَّب في الكثير من الآلام النفسية؛ لما تُحدِثُه من مصائب متسارعة وغير متوقعة.
وَقَعَتْ.. وعانى الناسُ.. ثُمَّ انتهتْ وطوتها صفحات الأيَّام لتمسي ذكريات يحكيها الآباء والأجداد للأولاد والأحفاد.
أمام هذه الوقائع التاريخية لا بدَّ للإنسان، فردًا ومجتمعًا، أن يراجع نفسه في أمرين مُهِمَّين؛ لمحوريتهما في عموم حياته، هما:
الأوَّل: عقلية فهم النوائب والمصائب الأعم من الأمراض وغيرها.
الثاني: عقلية التعامل معها في ظرف وقوعها.
أُتناول هذين الأمرين متحريًا الوضوح، مع التركيز على أوَّلِهما.
فأقول:
تشتدُّ، في الهزاهز والاضطرابات، حاجةُ المؤمنين إلى العروة الوثقى وحبل الله المتين حكمةً وبصيرةً تقيهم شُرُورَ الخفَّةِ والهلعِ والانْجِرَارِ إلى الهَذْرِ وكَثْرَةِ الكَلامِ الزائِد، والتَفَلُّتِ يمينًا وشمالًا خلف القِيلِ والقَالِ. ولا يَنْفَعُ مُجرَّدُ التمسُّكِ التَدَيُّنِي بالثقلين الشريفين، الكتاب العزيز والعِترة الطاهرة، إذ إنَّ النَجَاةَ في الفَهْمِ والتَأدُّبِ بِمَا فِيهِمَا مِنْ نُورِ العِلمِ والحِكْمَةِ.
نعيش اليوم منتصف السنة الثانية من ظهور وانتشار نوع مِنَ الحُمَات[1] أسْمَوهُ (covid – 19)، ومنذ أيَّامه الأولى مَلَأتِ الآفَاقَ أخْبَارُهُ كَـ(وَبَاءٍ) تَصْعُبُ مُوَاجَهَتُهُ مَا لَمْ يُمْنَع تَعَدِّيِهِ مِنَ المُصَابِ بِهِ إلى غيره من الأصِحَّاء، وذلك لسرعة انتشاره من جهة، وعدم توفُّرهم على دواء او لقاح مضادٍّ لهُ من جهةٍ أخرى. ففرضوا مجموعةً من الاحترازات غايتُها تحقيق ذلك الغرض، ومنها تجنُّب التجمُّعات، وأن يَتْرُكَ الناسُ مَسَافَةً بين كلِّ واحدٍ منهم والآخر تُقدَّر بالمتر أو المتر والنصف، ومنها تغطية الأنف والفم بكِمامةِ طبِّية، ومنها تعقيم اليدين والأسطح..
من ذلك الحين أطلقتْ الجهات الصحية العالمية والمحلية نشرات إحصائيةٍ مُحدَّثةٍ، بعضها آنيٌّ والبعض الآخر يومي، بعدد المصابين والمتوفين بسبب هذه الحُمَة..
انطلقت حملاتُ التحذير بمختلف أنواعها وأشكالها حتَّى امتلأ الناسُ امتلاءً بحديث الحُمَة بِما قد لا يَقِلُّ خُطْورَةً منها! وطالما تذكَّرتُ قولَ أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “ما لقِيتُ رَجُلًا إلَّا أعَانَنِي عَلى نَفْسِهِ”[2].
نعم، لقد رأينا من تعرَّض للإصابة بهذا المرض وكم تعِبَ وناله ما ناله من الأذى الشديد، حتَّى سمعتُ من بعض الأحبَّة بعد شفائهم قولهم: لقد رأينا الموت عيانًا. بل وفقدنا أحبَّةً وأعِزَّةً تمكَّنتْ الحُمَةُ منهم وضعفوا عن مقاومتها فانتقلوا آمنين، إن شاء الله تعالى، إلى دار القرار ليلقون واسع رحمته سبحانه، وذلك ظنُّنا به دائمًا جلَّ في عُلاه.
إذن، ليس كلامنا في نفس الحُمَة ولا في مستوى خطورتها. فليكن هذا واضحًا.
وَجَدْنَا في حديث العِترة الطاهرة، كما هو الحال معها دائمًا، عُرى الحِكمة نتمسك بها وحَبْلَ البصيرة ممدودًا لِمَنْ رام الفَهمَ بِرَوِيَّةٍ بَعيدًا عن طوفان الجَمَاعَةِ وعَقْلِهَا المَشْدُودِ والمشدوه..
أضع في هذه المقالة ثلاثة أحاديث عن العِترة الطاهرة هي المحور، وما يأتي في موضوعها يدور في فلكها.
ولكن قبل ذلك، لا بُدَّ من تقديم آياتٍ وآياتٍ مِنَ الشُكْرِ والتَقْديرِ وفَائِقِ الامْتِنَانِ لِكُلِّ فردٍ من الجهات الرسمية والطواقم الطبية، والمتطوعين، لِمَا يُقَدِّمُونَهُ مِنْ جُهْدٍ عَظيم، بَل ومِنْ تَضْحياتٍ كَبيرَةٍ في سبيل حماية الناس ومساعدتهم للخروج سالمين من هذا الظرف الخاص.
كما وأنَّ الشكر يَجِدُ مَسَارَهُ دُونَ عَنَاء، ليقف بين أيادي العلماء الأفاضل لِحُرصِهِم الدَائِمِ على المتابعة، ولِمَا يُبْدُونَهُ مِن اهتمام بالغ بسلامة العِباد.
هذا كلُّه في كفَّة.. وأمَّا الثانية فَتَنْضَحُ حُبًّا، وتقديرًا للناس على عظيم صبرهم وما يبدونه من تعاون وتكافل وتآزر فيما بينهم..
ثُمَّ إنَّ ظنَّنا في الله تعالى حَسَنٌ دائِمًا، ولن يكون أبدًا غير ذلك. فالحمد لله ربِّ العالمين.
تنبيه: إنَّ ما أكتبُهُ مُتمحِّضٌ في جهتين، أُولاهما: العقيدة وما نُفيده من الأحاديث الشريفة، والثانية: المهم في المقام من بعض القواعد التربوية والنفسية والاجتماعية.
لذا؛ فما نحن بصدده يخصُّ البناء الفكري وما ينبغي أن يكون عليه التباني الثقافي في المجتمع بحسب ما تقتضيه زاوية النظر.
الحديث الأوَّل:
عن الكليني بسنده إلى النَّضْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ الْجَمَّالُ، قَالَ:
“سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلامُ) عَنِ الْجِمَالِ يَكُونُ بِهَا الْجَرَبُ أَعْزِلُهَا مِنْ إِبِلِي مَخَافَةَ أَنْ يُعْدِيَهَا جَرَبُهَا، وَالدَّابَّةُ رُبَّمَا صَفَرْتُ لَهَا حَتَّى تَشْرَبَ الْمَاءَ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَليهِ السَّلامُ): إِنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُصِيبُ الشَّاةَ وَالْبَقَرَةَ وَالنَّاقَةَ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ وَبِهَا جَرَبٌ، فَأَكْرَهُ شِرَاءَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُعْدِيَ ذَلِكَ الْجَرَبُ إِبِلِي وَغَنَمِي!
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ): يَا أَعْرَابِيُّ، فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟! ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ): لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا شُؤْمَ، وَلَا صَفَرَ، وَلَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ، وَلَا تَعَرُّبَ بَعْدَ هِجْرَةٍ، وَلَا صَمْتَ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ، وَلَا يُتْمَ بَعْدَ إِدْرَاكٍ”[3].
الحديث الثاني:
عن الكليني بسنده إلى هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عَليهِ السَّلامُ)، قَالَ: “مَرَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَليهِ السَّلَامُ) عَلَى الْمُجَذَّمِينَ وهُوَ رَاكِبٌ حِمَارَه وهُمْ يَتَغَدَّوْنَ، فَدَعَوْه إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ لَا أَنِّي صَائِمٌ لَفَعَلْتُ. فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِه أَمَرَ بِطَعَامٍ فَصُنِعَ وأَمَرَ أَنْ يَتَنَوَّقُوا فِيه، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَتَغَدَّوْا عِنْدَه وتَغَدَّى مَعَهُمْ”[4].
الحديث الثالث:
في رواية عن الصدوق بسنده إلى سُلَيْمَانَ بْنِ حَفْصٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَليهِمُ السَّلامُ) عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (عَليهمُ السَّلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وآله): “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَرْبَعًا وَ عِشْرِينَ خَصْلَةً وَنَهَاكُمْ عَنْهَا؛ كَرِهَ لَكُمُ الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ ..” إلى أن قال: “وَكَرِهَ أَنْ يُكَلِّمَ الرَّجُلُ مَجْذُومًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَدْرُ ذِرَاعٍ. وَقَالَ” فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ ..”[5].
يبرزُ عُنْوَانٌ رئِيسيٌّ مِنْ هذه الأحاديث الشريفة، ونبينه كالتالي:
لا إشكال في وجود أمراض (مُعدية)، أي أنَّها تنتقل من المصاب فتتعداه إلى غيره، وهذا أوضح مِنْ أنْ يَحْتَاجَ إلى إثبات، لذا فقد يكون نفيُ الرسولِ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله) للعدوى في قوله “لا عدوى” نفيًّا لكون المرض علَّةً تامَّةً لِتَعَدِّيِهِ وانْتِقَالِهِ، وإبطالًا للاعتقاد بذلك. قال الشَّيخ الغفاري في تعليقه على الحديث: “يُمْكِنُ أنْ يكونَ المُرَادُ نفيَ اسْتِقْلَالِ العَدْوَى بِدون مَدْخَليَّةِ مَشيئَةِ اللهِ تَعَالى، بَلْ مَعَ الاسْتِعَاذَةِ باللهِ يَصْرِفُهُ عَنْهُ. فَلَا يُنَافِي الأمْرَ بالفِرَارِ مِنَ المجْذُومِ وأمْثَالِهِ لِعَامَّةِ النَاسِ الذينَ لِضَعْفِ يَقِينِهِم لا يَسْتَعيذُونَ بِهِ تَعَالى، وتَتَأثَّرُ نُفُوسُهم بِأمْثَالِهِ”.
تنبيه:
في الروايات الشريفة ما يثبتُ الجواز الشرعي للفرار مِنَ مَحَالِّ الوباء. منها ما عن مُحَمَّد بن مُسلم، قال: قلتُ له (يقصدُ الإمامَ أبا جعفر الباقر عليه السَّلام): “وَبَاءٌ إذَا وَقَعَ في الأرْضِ؛ أَنَعْتَزِلُ؟
قال (عليه السَّلام): وما بأس أنْ تَعْتَزِلَ الوَبَاءَ”[6].
ومنها ما عن علي بن جعفر، قال: “وسألته (يقصدُ الإمامَ الصادق عليه السَّلام) عن الوباء يقعُ في الأرض، هل يصلحُ للرَجُلِ أنْ يَهرُبَ مِنْهُ؟
قال (عليه السَّلام): “يَهرُب مِنْه مَا لم يَقَعْ في مسجده الذي يُصَلِّي فِيهِ، فإذا وَقَعَ في أهْلِ مَسْجِدِهِ الذي يُصَلِّي فيه فَلَا يَصْلُحُ لَهُ الهَرَبُ مِنْهُ”[7].
وما عن الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: “سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام) عَنِ الْوَبَاءِ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْمِصْرِ فَيَتَحَوَّلُ الرَّجُلُ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى، أَوْ يَكُونُ فِي مِصْرٍ فَيَخْرُجُ مِنْه إِلَى غَيْرِه؟
فَقَالَ (عليه السَّلام): لَا بَأْسَ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّه (صلَّى الله عليه وآله) عَنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ رَبِيئَةٍ كَانَتْ بِحِيَالِ الْعَدُوِّ فَوَقَعَ فِيهِمُ الْوَبَاءُ فَهَرَبُوا مِنْه! فَقَالَ رَسُولُ اللَّه (صلَّى الله عليه وآله): الْفَارُّ مِنْه كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْلُوَ مَرَاكِزُهُمْ”[8].
وما عن أبان الأحمر، قال: سأل بعضُ أصحابنا أبا الحسن (عليه السَّلام) عن الطاعون يقعُ في بلدَةٍ وأنا فيها، أتَحَوَّلُ عنها؟
قال (عليه السَّلام): نعم.
قال: ففي القرية وأنا فيها، أتَحَوَّلُ عنها؟
قال (عليه السَّلام): نعم.
قال: ففي الدار وأنا فيها، أتَحَوَّلُ عنها؟
قال (عليه السَّلام): نعم.
قلتُ: وإنَّا نتحدث أنَّ رسولَ الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: الفِرَارُ مِنَ الطَاعُونِ كَالفِرَارِ مِنَ الزَحْفِ!
قال (عليه السَّلام): إنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) إنَّمَا قال هذا في قومٍ كانوا يكونون في الثغور في نحو العَدُوِّ فيقع الطاعون فَيُخْلُونَ أماكِنَهم ويَفرُّونَ مِنْهَا، فَقَال رسول الله (صلَّى اللهُ عليه وآله) ذلك فِيهم”[9].
عرَّف الإمام الصادق (عليه السَّلام) الوباء بأنَّه الحُمَّى[10]، وقيل في اللغة أنَّه (كل مرضٍ عام)، وقد يكون الحُمَّى إذا عمَّتْ. وكيف كان فإنَّ الأحاديث الشريفة تُثبِتُ أمرين رئيسيين:
الأوَّل: جواز الفرار من الوباء.
الثاني: حرمة الفِرار من الوباء عند ترجُّح مِلاكات أهم؛ مثل الثبات في الحرب وحفظ المسجد بالوجود فيه، وكما مرَّ في الحديث عن الإمام زين العابدين (عليه السَّلام)، استحباب، أو جواز، تقديم مِلاك إكرام من يستحق الإكرام وإن كان مُجذَّمًا.
في هذا الأمر الثاني كلام مبسوط في ضبط موارد تأخُّر مِلاك الفِرار من الوباء، إلَّا أنَّ المقام لا يناسبه، لا ولا الظرف القائم، فنُعرِضُ عنه حتَّى حين.
عودٌ على بَدْء؛ فالأشياء من جهة تأثيرها على ثلاثة أقسام:
الأوَّل: أن يكون التأثير من ذاتيات الشيء وحقيقته، كالحارقِيَّةِ للنار.
إنَّه وبالرغم من كون الحارقية من ذاتيات النار إلَّا أنَّ خَالِقَهَا والمُكَوِّنَ لها قادرٌ على إبطال الأثر، كما في قوله جلَّ في عُلاه (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)[11].
الثاني: أن يكون التأثير خارجًا عن حقيقة الشيء ثابتًا له في العادة، ومنه ما نحن فيه؛ فَنَفْسُ الحُمَةُ غير متعدية؛ أي أنَّ التعدي ليس من حقيقتها، ولكنَّه من مقتضيات الانتقال، ونفس الانتقال لا يُسبِّب المرض، وإلَّا لانقرضت البشريَّةُ مُذ وُجِدَت؛ فتَنبَّه رعاك الله تعالى إلى أنَّ الحُمَةَ مصروعةٌ بيد المناعة الموجودة في الإنسان، وإنَّما تَغْلُبُ إذا ضَعُفَتِ المنَاعَةُ عَن مُقاومتها ودحرها، وكلَّما انتصرت المناعة قَويَتْ، وما أصاب شخصٌ من مرض فإنَّ انتقالَ حُمَتِهِ مِنْه إلى آخر لا يعني إصابة هذا الآخر.
فما يُثبِتُه الحديثُ الشريفُ، كما في النظر القاصر والفهم الضعيف، هو عجز الحُمَة عن التعدِّي بنفسها، فنفاه قطعًا وألحقه بجملة من المنفيات في العقيدة الإسلامية الحقَّة.
الثالث: أن يكون خارجًا عن حقيقة الشيء ثابتًا له بالجعل المُعلَّق، ومنه ترتب الأثر على أكل الذبيحة غير المذبوحة على طريقة الشرع الحنيف، وهو أثر معلَّق على أن لا تكون الذبيحة من سوق المسلمين؛ إذ إنَّ القاعدة الفقهية رافعة للتكليف بالسؤال عمَّا بيد المسلم، ومن ذلك الذبيحة التي تباع في سوق المسلمين، ولا يتناسب ترتُّب الأثر من ظُلْمَةٍ وقَسْوَةٍ تعرض على القلب مع الرفع الشرعي للتكليف بالسؤال، وفي ذلك قال الشَّيخ بشير النجفي (دام ظلُّه): “إنْ التزم الإنسانُ بالشريعة فالله سبحانه يرفع عنه الأثر الوضعي السيء رحمةً منه وعطفًا عليه تكريمًا لحبيبه رسول الله لأنَّه من أمَّتِه”[12].
إذا اتَّضح ذلك، فإنَّ الأثر وإنْ كان من ذاتيات الشيء وحقيقته بطُل واستحال عدمًا بتدخل يد الغيب، وهذه عقيدة أهل التوحيد أعزَّ الله رايتهم، إلَّا أنَّها في واقعهم العملي والسلوكي ليست بقوتها في واقعهم النظري والعنواني النفسي، فالملاحظ، بدون مكابرة وجدل، هو إيكال الأمور بكلِّها للعِقال، أمَّا التوكُّل فلفراغ وخلو اليد من أكثر ما عَقَلْتْ بِهِ أمْرَها.
إنَّ في دعوة الإمام السجَّاد (عليه السَّلام) المجذَّمين على الطعام واستضافتهم في بيته تقديمًا واضحًا لدليل إكرام المؤمن، متى ما استحقَّ لمِلاكٍ خاص كما في الرواية، على دليل انتقال المرض وصدور التعليم منهم (عليهم السَّلام) بالفرار منه المجذوم كالفرار من الأسد، وأن تُترك عنه مسافة ذراع. وهذا مع عدم قربه (عليه السَّلام) منهم بأكله معهم. فلننتبه بفهمٍ ووعاءِ علمٍ إلى الترجيح المرضي لله تعالى عند تزاحم المِلاكات، مع القطع بعدم مخالفة الإمام (عليه السَّلام) للتكليف الشرعي لو لم يكن قد دعاهم إلى بيته وأكل معهم.
إنَّ ما نريد التأكيد عليه فبكلِّ تأكيدٍ ليس كسر حواجز الاحترازات وما نحوها، بل هو ضرورة الكفِّ الجاد عن الاستسلام لطوفان الإعلام المُدمِّر للنفسيات والمعنويات، والاكتفاء فعلًا بما يفعله كلُّ البشر بحسب الطبيعة التي جُبلوا عليها، وهي طبيعة الابتعاد عن المخاطر. ومن الضرورة بمكان الالتفات إلى ما في وجدان الإنسان من القدرة الطبيعية على وزن الأمور البشرية العادية وتحديدها دون أدنى تدخل يزيد عن حدِّ التذكير والتبيين. وهو ما نراه فعلًا وفي كلِّ مكان وبين مختلف أصناف الناس وأشكالهم من تجنُّب الاقتراب من المريض بالحمى أو الرشح تجنُّبًا يناسب مثل هذه الأمراض، مع العلم بوجود من يموت بسببها، وليسوا قلَّة!
إنَّ للتسلُّط المفرط على الوعي الطبيعي للإنسان في قضاياه البشرية العادية نتائجَ عكسيَّة؛ لكونه مُورِثًا لتوهم عدم الوعي في ظرف الوعي، وهو صراعُ اجتِمَاعِ نقيضين يُنتجُ اضطرابًا شديدًا في فهم الواقع وتحديد الموقف منه[13].
نعم، يحتاج الإنسان إلى تنبيه وتوضيح للصورة القائمة، ثُمَّ إنَّه يتفاعل بتلقائية وجبليِّة مع التردُّدات الطبيعية للأمر، مرضًا كان أو وباءً أو حربًا، أو غير ذلك.
بل وحتَّى ما يدعو إليه بعض الأحبَّة من ضورة نشر الخطاب الإيجابي والرسائل المُحفِّزة، فهذا وإن كان في نفسه جيِّدًا إلَّا إنَّ الإفراط فيه ناقض للغرض! فالإنسان -أيُّها الأحبَّة- لا يحتاج إلى أكثر من الاعتدال في الخطاب. فقط.
إنَّ ما نريد إبرازه في هذه المقالة هو أن يكون التعامل مع مختلف الحوادث والوقائع نابعًا فعلًا وحقيقةً من فِطرَةِ التسليم وجِبِّلَةِ عُقَلَائِيَّةِ الإنسان، فيكون حينها دعاؤه لله تعالى دعاء امتثالٍ وتعبُّد، لا يتأثَّر مطلقًا بطبيعة الاستجابة منه جلَّ في علاه، فقد يُرفع البلاء وقد يتفاقم ويتضاعف، فالأمر عند المؤمن المستقيم على الطريقة سِيَان. ويكون حديثه عن الظرف القائم حديثًا رصينًا حكيمًا هادئًا، يأبى وَيَنْفُر من التهويل وما في حُكْمِهِ.
كما ومن الأمور المهمَّة أيضًا الانتباه إلى أنَّ التراجع النفسي يؤثِّر في قوَّة المناعة عند الإنسان، وقد “حذَّر استشاري الطب النفسي بمركز سلوان للطب النفسي، د. عبد اللطيف الحمادة، من استحواذ الخوف والرعب على الإنسان بسبب أخبار انتشار مرض فيروس كورونا (كوفيد19) في العالم، والذي قد يتسبب في ضعف جهاز المناعة الطبيعي وازدياد فرصة مقاومة الفيروس لدى المصابين به”[14].
إذن، نحن في حاجة ماسَّة إلى أمرين رئيسيين:
الأوَّل: مراجعة الخطاب فيما يخصُّ حُمَة (covid-19).
الثاني: تصحيح مساراتنا في التعاطي مع الأمر القائم من جهة التحديد الصحيح، وهو غير ممكن ما لم يؤخذ من نفس الحدث، لا عن التداولات الخارجة عنه.
وثمَّة أمرٌ ثالثٌ استحقَّ الإفراد لأهميته البالغة، وهو النظر الجاد والمسؤول فيما وراء المحسوس من الأحداث والوقائع.
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “مِنْ هَوَانِ الدُنْيَا عَلى اللهِ أنَّه لا يُعْصَى إلَّا فِيها، ولا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إلَّا بِتَرْكِهَا”[15].
وقَالَ رَسُولُ اللَّه (صلَّى الله عليه وآله): “سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُه، ومِنَ الإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُه”[16].
وعن الإمام الرضا (عليه السَّلام)، قال: “لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسْتَعْمَلَنَّ عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ، فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ”[17].
عباد الله.. إنَّنا في زمان كؤود؛ قد قُلِبَتْ فيه المفاهيم رأسًا على عقب، ونُكِّسَت رَايَةُ المعَايير، وأمست موازين الإسلام مُتَّهمَةً بالرجعية والتخلُّف.. وإذا بنا نرى إسلامنا العظيم وقد صار، ويا حسرتاه، مطيَّةً لمواكبة البِدَع وإبداع البدائل لسواقط الحضارات الغربية!
خُلِطَ الحقُّ بالباطل، وإذا بالمُحرَّمات تَلبَسُ أُزُرَ التدين وتعتمرُ عمائِمَه، وتجول وتصول باسمه حاكمةً متغولة. وقد جاء عن المسيح (عليه السَّلام) أنَّه قال: “كونوا نُقَّادَ الكلام؛ فَكَم مِنْ ضَلَالَةٍ زُخْرِفَتْ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ كَمَا زُخْرِفَ الدِرْهَمُ مِنْ نحَاسٍ بالفِضَّةِ المُمَوِّهَة! النَظَرُ إلى ذَلِكَ سَوَاءٌ، والبُصَرَاءُ بِهِ خُبَرَاء”[18].
ماذا نقول؟! فالألحان والمعازف تملأ الأرجاء، والنساء والفتيات قد أبدين زينتهنَّ مع سبق إصرار وترصُّد ودون أدنى تورُّع أو خشية من الله تعالى، بل هُنَّ ينشرنَ صورَهُنَّ على تلك الحال المُحرَّمة قطعًا.. ويستعرضن عبارات الحبِّ والعشق والغزل على رؤوس الأشهاد، ولا من ناه عن منكرٍ أو آمر بمعروف؛ كيف وهو مغلوب مُتَّهمٌ، يُنظَرُ إليه وكأنَّه قذارة تُسيء (للإسلام العصري والحضاري والتمدُّنِي).. الإسلامِ الذي يواكب العصر ويتشكَّل على ما يريده أهله!
كثُرَتَ المعاصي نهارًا جهارًا، وصارت في الأفهام معروفًا والنهي عنها منكرًا، وزادت الأمراض وقصرت الأعمار، وقد قال عزَّ مِن قائل: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[19].
ولو أنَّ المقام غير المقام لبسطتُ الكلام في رِدَاءِ الباري القهَّار وكيف راجت مُنَازَعَتُهُ إيَّاه باسم الأديان والمعتنقات سماوية وأرضية.. ولا حوَّل ولا قوَّة إلَّا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونِعم الوكيل.
هلَّا رفعنا حُجُبَ الدنيا عن باصرة القلب وحددنا النظر في هذا الحديث الشريف؟
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلَّى الله عليه وآله): “كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَتْ نِسَاؤُكُمْ وفَسَقَ شَبَابُكُمْ ولَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ ولَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ؟
فَقِيلَ لَه: ويَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّه؟!
فَقَالَ: نَعَمْ، وشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ ونَهَيْتُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟
فَقِيلَ لَه: يَا رَسُولَ اللَّه، ويَكُونُ ذَلِكَ؟!
قَالَ: نَعَمْ، وشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا والْمُنْكَرَ مَعْرُوفًا”[20].
ولنقف مليًّا عند حديث الإمام الرضا (عليه السَّلام): “كُلَّمَا أَحْدَثَ الْعِبَادُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْمَلُونَ أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ”[21].
خاتمةُ المقام:
لا ينبغي أن يتركَّز الكلام الديني في هذا الظرف العارض على الاهتمام بالدعاء والتوسُّل بالهداة من آل بيت النبوة (عليهم السَّلام)، بل إنَّ ما نحتاجه فعلًا هو التفرُّغ لخطاب العودة إلى التدين الأصيل؛ البعيد عن تشويهات العصر. والمعيار في ذلك قيمة أصيلة هي الحَكَمُ والحاكِمُ؛ وملخصها:
إنَّ القيمة الحقيقية للأشياء في هذه الدنيا تُقاس بمدى قدرة الشيء على تقريبنا من الجنَّة وإبعادنا عن غضب الله تعالى وسخطه، وما دون ذلك فما لم يكن من المحرَّمات أو المكروهات فإنَّ تركه لا يضر وفعله لا ينفع.
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السَّلام)، قَالَ: “دَخَلَ رَسُولُ اللَّه (صلَّى الله عليه وآله) الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَطَافُوا بِرَجُلٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَقِيلَ: عَلَّامَةٌ.
فَقَالَ (صلَّى الله عليه وآله): ومَا الْعَلَّامَةُ؟
فَقَالُوا لَه: أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ ووَقَائِعِهَا وأَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ والأَشْعَارِ الْعَرَبِيَّةِ.
قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ (صلَّى الله عليه وآله): ذَاكَ عِلْمٌ لَا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَه ولَا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَه! ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صلَّى الله عليه وآله): إِنَّمَا الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ ومَا خَلَاهُنَّ فَهُوَ فَضْلٌ“[22].
فلنؤكِّد ثانية على أنَّ ما ينبغي من العاقل في مثل هذه الظروف هو العودة إلى التدين، ومراجعة النفس وحملها على المعايير الصحيحة الواردة في الثقلين الشريفين، ونبذ ما دونها؛ فهو، قطعًا، من زُخرف الدنيا. وبذلك يكون رفع وتيرة الدعاء واللجوء إلى الله إضافة طبيعية لحياة المتدين الملتزم جادَّةَ الإسلام عقيدةً وشريعةً وخُلُقًا.
اللهم اجعلنا وكافَّة المؤمنين والمؤمنات في حرزك وحفظك.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: “لَا تَدَعْ أَنْ تَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِذَا أَصْبَحْتَ وثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي دِرْعِكَ الْحَصِينَةِ الَّتِي تَجْعَلُ فِيهَا مَنْ تُرِيدُ؛ فَإِنَّ أَبِي (عليه السَّلام) كَانَ يَقُولُ: هَذَا مِنَ الدُّعَاءِ الْمَخْزُونِ”[23].
وعَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: ذُكِرَتْ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام) الْوَحْشَةُ. فَقَالَ:
“ألَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا قُلْتُمُوه لَمْ تَسْتَوْحِشُوا بِلَيْلٍ ولَا نَهَارٍ؛ بِسْمِ اللَّه وبِاللَّه وتَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّه وأَنَّه مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه فَهُوَ حَسْبُه إِنَّ اللَّه بَالِغُ أَمْرِه قَدْ جَعَلَ اللَّه لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي كَنَفِكَ و فِي جِوَارِكَ واجْعَلْنِي فِي أَمَانِكَ وفِي مَنْعِكَ.
فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلاً قَالَهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً، وتَرَكَهَا لَيْلَةً فَلَسَعَتْه عَقْرَبٌ”[24].
السَّيد محمَّد بن السَّيد علي العلوي
17 من شوَّال 1442 للهجرة
البحرين المحروسة
……………………………………………..
[1] – الحُمَة هي الكلمة العربية لما يُسمَّى بالإنجليزية (virus) جمعها حُمَات.
[2] – نهج البلاغة – خطب الإمام علي (عليه السَّلام) – ج 4 – ص 75 – 76
[3] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 8 – ص 196
[4] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 123
[5] – الخصال – الشيخ الصدوق – ص 520 – 521
[6] – الأصول الستة عشر – عدة محدثين – ص 150
[7] – مسائل علي بن جعفر – علي بن الإمام جعفر الصادق – ص 117
[8] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 8 – ص 108
[9] – معاني الأخبار – الشيخ الصدوق – ص 254
[10] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 6 – ص 488
[11] – الآية 69 من سورة الأنبياء
[12] – استفتاء: 757 / م- أطعمة -سوق المسلمين
[13]– استطراد في الأمثلة: ومن ذلك: أمر الآباء والمعلِّمين الأطفال بالدراسة والاهتمام بالعليم وما إلى ذلك! هذا عمل سيء وله ما له من الآثار بالغة السوء؛ إذ إنَّ الإنسان مفطور على التعلُّم وحبِّ طلبه، فلا يحتاج الطفل لغير التذكير بلطف وعناية. أمَّا الأجواء التي يؤخذ فيها أبان دخوله الروضة أو المدرسة فهي تُؤثِّر في سلامته النفسية قطعًا، والكلام هو الكلام.
ومن ذلك: ما يُذيِّلُ به كثيرون كتاباتهم وما ينشرونه في وسائل التواصل التكنلوجي، وهي كلمة مثل: (انشر، أو: انشر تؤجر) وما نحوها، والحال أنَّ العاقل المُتَّزِن ينشر بشكل طبيعي وتلقائي ما يجد مصلحة ما في نشره، ومن هنا فإنَّ التذييل بمثل هذه العبارات يشعر النفس واللاوعي بشيء من المصادرة أو ما شابه، ويؤثِّر ذلك في حدوث إرباك سلوكي هو في الغالب غير محسوس، ولكنَّه في الواقع موجود وله آثاره السيئة. وقس على ذلك الكثير من السلوكيات الخاطئة، ومرجعها في الغالب نزعة الوصاية أو النظرة الدونية للاخر.
[14] – جريدة الوطن البحرينية، تاريخ 22 مارس 2020 للميلاد
[15] – نهج البلاغة – خطب الإمام علي (عليه السَّلام) – ج 4 – ص 92
[16] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 8 – ص 308
[17] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 5 – ص 56
[18] – المحاسن – أحمد بن محمد بن خالد البرقي – ج 1 – ص 229 – 230
[19] – الآية 41 من سورة الروم
[20] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 5 – ص 59
[21] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 275
[22] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 32
[23] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 534
[24] – الكافي – الشيخ الكليني – ج 2 – ص 568 – 569