أقصُدُ المفهومَ من خلالِ التطبيق المصداقي، فَتَنَبَّهْ جَيدًا وافْتَحْ مسَاحَاتِ التطبيقِ بِمَا يُناسِبُ رُقِيَّكَ ورفيعَ نباهتِك.
بسمِ اللهِ نبدأ..
يشغلُ لاعبو فريق كرة القدم أحدَ عشر مركزًا في الملعب، بتوزيع يرجع في الأصل إلى التشكيل (أربعة – ثلاثة – ثلاثة) بعد حارس المرمى، وهو يعني:
- أربعة مدافعين، بواقع مدافع متأخر، وآخر متقدم عليه، واثنين على الطرفين هما: الظهيران الأيمن والأيسر.
- ثلاثة لاعبين لخطِّ الوسط، أحدهم في المنتصف، واثنان على طرفي الدائرة بشكل طولي.
- ثلاثة مهاجمين، أحدهم في القلب، واثنان على الأطراف هما: الجناحان الأيمن والأيسر.
هذه هي التشكيلة الأصل في توزيع اللاعبين، ومنها تتفرع تشكيلات كثيرة جدًا تتفق بشكل واضح على غاية إشغال مساحات الملعب بكفاءات إدارية وتنفيذية وتأمينية وغيرها.
نحاول في التحليل النفسي والاجتماعي مراقبة شخصية اللاعب من خلال المركز الذي يشغله، فعلى سبيل المثال يشترك الكثير ممَّن يشغلون مركز المدافع المتأخر في صفات من قبيل: الهدوء.. الجدية.. الحسم.. تجنب الاحتكاكات الشخصية، قوة الإدارة وسعة الاطلاع وبُعد النظر. وبشكل عام يَتَّسم صاحِبُ هذا المركز بشخصية قوية وازنة لا تهتم كثيرًا بشيءٍ أكثر من اهتمامها بالحَسْمِ، كما ويمكن الاعتماد عليها في مواقف الخطر، فهي تُمَثِّلُ صمَّامَ أمانٍ حقيقي.
ولو أنَّنا نراقب شخصية المدافع الظهير، لوجدناها على مستوى متقدم في المبادرة بالمساعدة دون طلب منها، وقلَّما يظهرُ عليها مللٌ أو ضيقٌ من مساعداتها المتعدِّدة.
ولكنَّ نتائج المتابعة لشخصيةِ قلب الهجوم تختلِفُ كَثِيرًا، فهو في الغالب يشبه (الطاووس) في التباهي والاعتداد بالنفس. نلاحظ أنَّ جهود الفريق بأكمله تتلاشى على وجه قدمه عندما يسجل هدفًا. وفي الجملة هو أقلُّ التزامًا بالقوانين بشكل عام.
المهم في الأمر أنَّ هذه الشخصية (الكروية) هي في الواقع مظهر لشخصيةٍ أوسع من مساحة الملعب، فصفات المدافع المتأخر -مثلًا- موجودة في شخصيته مع أسرته وأصدقائه وغير ذلك، وتظهر في الملعب بما يناسب مقام اللعب، لذا، فإنَّ الباحث يقف على وحدةٍ عنوانية واضحة بين مختلف نشاطات اللاعب بما فيها مركز اللعب الذي يشغله.
النقطة الأهم في هذا الأمر هي لو أنَّ مُدرب الفريق ينقل اللاعب من مركزه الصحيح إلى مركز آخر، فإنَّ هذا النقل قد ينجح، وربَّما أبدع اللاعب في المركز الجديد، ولكنَّ هذا غير صحيح ما لم يتحقق الاتفاق على مستوى الصفات الذاتية، ولو لم يتحقق الشرط، وأصرَّ المُدرِب على إبقاء اللاعب في المركز الجديد، فمن الراجح جدًا ظهور مشاكل جادة مركزها نفس اللاعب وآثارها على نفسه وفريقه ونشاطاته الأخرى وعموم علاقاته الاجتماعية؛ والسبب في ذلك تعرضه لضغط مخالفات سلوكية ذاتية.
نعم، نحتاج إلى نقل لاعب من مركزه إلى مركز آخر في حالات الطوارئ.. (كخطْبَتَي السيدة الزهراء “عليها السلام”).
إنَّ نجاحَ شخصٍ في مجال ما، لا يعني مناسبته لهذا المجال، حتَّى لو زَعَمَ هو المناسبة، ولذلك يهتمُّ علماءُ النفسِ كثيرًا بحث الشخص على اكتشاف نفسه، ويُوفرون له الأدوات العلمية التي تعينه على الوصول لتلك الغاية المهمة. ولأنَّنا لا نولي هذا الأمر الاهتمام اللائق به، فنحن نعاني كثيرًا ضعفًا في الانسجام السلوكي في المجتمع، فظهرت الأمراض وانتشرت مجتمعات المتشبهين من الرجال بالنساء ومن النساء بالرجال، وما نحو ذلك من مشاكل معقدة غاية التعقيد؛ ومن أهم أسبابها..
أنَّنا توهمنا مناسبة الرجل لعمل المشاطة (الكوافيرة)، وذاك عندما وجدناه مبدعًا في هذا المجال!
هل وصلت؟
والسلام.. بداية الكلام…
السيد محمَّد علي العلوي
12 جمادى الثانية 1438 هجرية