وثيقة التغيير الرسالي

بواسطة Admin
0 تعليق

هكذا هي معادلة التغيير المسيطرة في القرآن الكريم..

أولًا: قرب من الله تعالى، فاصطفاء واجتباء واختيار.

ثانيًا: تكليف بتحريك جبهة الدعوة إلى عبادة الواحد الأحد وإقامة أمره وإحياء أسمائه ثقافة وفكرًا وسلوكًا.

ثم ثالثًا: تفويض الأمر إلى الله تعالى بعد أداء المهمة على الوجه الذي يريده تبارك ذكره.

عندما نتحدث عن التغيير وخصوصًا على مستوى المجتمعات والشعوب وعلى مستوى أنظمة الحكم، فإن الحركة لا بد وأن تُبنى على هذه الأصول الثلاثة ثم تنطلق منها..

  • (وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ)

فالأنبياء والأئمة الأطهار (عليهم السلام) هم المصاديق التامة الكاملة في معادلة التغيير وحركة الإصلاحات الشاملة، وعلى هداهم ينبغي لكل قاصد أن يسير، وقد يكون هذا جانبًا من قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)، والقضية هنا لا تبدو لي شخصية فردية، فإن موضوع التغيير هو المجتمع (مَا بِقَوْمٍ)، ثم (مَا بِأَنفُسِهِمْ)، وأفهم التغيير الأول أنه الحركة للكون على خطى الأنبياء والرسل والأئمة الميامين (عليهم السلام) لتتحقق درجة من الاصطفاء والاجتباء والاختيار، ويعين على هذا المعنى قوله تعالى (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، غير أن هذا الطريق لا تحققه الكلمات ولا الشعارات وما في فلكها من قصائد ومدائح واناشيد وما نحوها، ولكن المحقق لمثل هذه الدرجات هو الانضباط الحقيقي على واقع مضامين شامخة مثل:

  • عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: “كثيرًا ما كنت أسمع أبي يقول: ليس من شيعتنا من لا تتحدث المخدرات بورعه في خدورهن، وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم من خلق لله أورع منه”
  • قال أمير المؤمنين (عليه السلام): “ليس من شيعتنا من أخذ غير حقه، ولا من ظلم الناس، ولا من تناول ما ليس له”
  • قال الصادق (عليه السلام): “ليس من شيعتنا من لم يصل صلاة الليل”
  • قال أبو عبد الله (عليه السلام): “ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا، أولئك شيعتنا”
  • عن أبي عبد الله (عليه السلام): “ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقه من رافقه، وممالحة من مالحه، ومحالفة من حالفه”
  • عن أبي الحسن الماضي (صلوات الله عليه) قال: “ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنًا استزاد الله، وإن عمل سيئًا استغفر الله منه وتاب إليه”
  • قال أبو عبد الله (عليه السلام): “يا شيعة آل محمد، اعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صحبة من صحبه ومخالقة من خالقه ومرافقه من رافقه ومجاورة من جاوره وممالحة من مالحه، يا شيعة آل محمد، اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلا بالله”

وغيرها الكثير من الروايات التي تحث على البناء الأخلاقي والروحي والمعنوي الداخلي للمجتمع الشيعي المتزن كمقدمة أساسية بل أصيلة لممارسة التغيير، ولا أنسى هنا وإلى جانب النهضة الروحية التي تفيدها الروايات السابقة الذكر أن أضع بين يدي القارئ الكريم حديثًا شريفًا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تأتي في إثره طائفة من الروايات تتحدث عن محور أصيل آخر من محاور البناء التغييري في المجتمع الشيعي..

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: “سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم في مظانه، واقتبسوه من أهله، فإن تعلمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالي، لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل في السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء.

يرفع إليه أقوامًا فيجعلهم في الخير قادة، تقتبس آثارهم، ويهتدى بفعالهم، وينتهى إلي آرائهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسهم، وفي صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه.

إن العلم حياة القلوب من الجهل، وضياء الابصار من الظلمة، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، ومجالس الأبرار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الرب ويعبد، وبه توصل الأرحام، ويعرف الحلال من الحرام، العلم إمام العمل والعمل تابعه، يلهم به السعداء ويحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه الله منه حظه”.

إنه محور العلم والمعرفة وضرورة السعي الجاد للتوفر عليه ليكون سمة ومعلمًا في المجتمع الشيعي الصحيح، بل هو مقدم على كل المحاور لتوقفها عليه، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لكميل بن زياد: “يا كميل، ما من حركة إلا أونت محتاج فيها إلى معرفة”، والمعرفة هي أن يكون الأمر واضحًا بحدوده حتى يتحقق الإتصال بينه وبين العقل، وهذا سهل يسير إذا ما توفر المؤمن على مقدمات الفهم والعلم والمعرفة، ولا إمكان إلا بالدراسة والقراءة والمباحثة والتوسع في المطالعات وكل ما يمت للعلم والمعرفة بصلة.

  • (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

ينبعث الإنسان انبعاثًا ذاتيًا في اتجاه الخير والصلاح وممارسة الدعوة إلى الحق بعد أن تقوم شخصيته على أصلي العقل والروح، وإذا كان بناؤه محاطًا بالصدق والإخلاص ونية التقرب إلى الله تعالى، فليس ببعيد، بل هو الأقرب أن تكون المحركة له عنايةُ الله تعالى ورعايةُ الإمام المنتظر (أرواحنا فداه)، فقد قال الله تبارك ذكره (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ).

وعلى أية حال فإن الإستمرار على طريق الدعوة إلى الله عز وجل، والعمل الجاد الصادق لإقامة أمره جلَّ شأنه تكليف واقعي ملازم لخلق الإنسان، وهذا ما أفهمه من قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، وهي موجبة في مطلق الإنسان، ورهينة الأساس الأول وهو أساس البناء الروحي والمعرفي، بل ما أعتقده هو وجوب القيام بمهام الخلافة المتوقفة على تحقق البناء الروحي والمعرفي، وبالتالي فإن هذا الأخير لما قبله يكون مثل الوضوء للصلاة.

  • آلة العلم:

عندما نتحدث عن البناء العلمي فلما يستدعيه أمران:

الأول: هو ما تقدم من شرط المعرفة للحركة (يا كميل، ما من حركة إلا أونت محتاج فيها إلى معرفة).

الثاني: أن العلم هو المادة الأصل والسلاح الحق الذي أقره الله تعالى لمواجهة الشياطين بمختلف درجاتهم وألوانهم وتخصصاتهم، فقد قال المولى جلَّ شأنه (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)، وقد فرغنا من أن العبد الصحيح الذي عليه المعول والرهان إنما هو ذاك الذي يقيم بناءه الذاتي الشخصي على محوري الروح والمعرفة، وبالتالي فإن الشخصية الرسالية المؤمنة هي تلك الشخصية القادرة على تحقيق الإنتصارات الثقافية والفكرية في مواجهة الشياطين وما يروجون له، فالأصل في الانتشار إنما هو القدرة على إحداث التوجه الثقافي في المجتمعات، وبقدر ما يعمل الإنسان ثقافيًا وبقدر حرفيته وعلميته في هذا الميدان فإنه يقوى ويتمكن من فرض الواقع الذي يريده سواء كان واقع خير أو واقع شر، فالغلبة الغربية اليوم ما كانت لتكون لو لا السيطرة على مصادر النشر الثقافي بعد السيطرة على موارد القوة الاقتصادية، وهكذا نرى أن اللغة العالمية لغتهم، واللبس لبسهم، وطريقة الأكل طريقتهم، بل وحتى الأكل من عندهم وبالكيفية التي يريدونها، والسبب في تمكنهم الكبير منَّا هو بعدنا عن منابع العلم وأدواته ومقدماته.

ما نحتاجه اليوم هو نهضة ثقافية علمية معرفية تستغرق المجتمع وتستمر فيه لأكثر من جيل حتى تتمكن من مفاصله الجماهيرية، وهذه علة اجتماعية ينتج عنها انحسار الباطل والظلم والجور وضعفه عن مقاومة المظاهر الثقافية العلمية القوية، أما من لا يمتلك العزم على مثل هذه التأسيسات فإنه يسخر منها ويروج إلى مثل ما روجت له النخبة الشيوعية في (ثورتها) البلشفية التي تحرك بعدها الأسطول الماركسي على أشلاء أطنان من البشر الذين (استُعْمِلُوا) لبروز وحكم تلك النخبة، فما كانوا ينادون به لم يخرج عن الأطر العامة لعناوين الدم والتضحية وما نحو ذلك من توصيفات حماسية تدفع الجماهير لتسليك الطريق أمام النخبة التي تتخذ دور الموجه الذي يعزف على وتر (التعبئة) في سمفونية صاخبة تسيطر على العقول وتغيبها في حالة جماهيرية (مُوَجهة).

نعم، فالدم مطلوب والتضحية قيمة عالية، ولكن هذا مقنن في حكمة الإسلام تحت راية واعية تقوم على أصلي الروح الزاكية والعقل المستنير، ولذلك وجدناها محدودة في خيارات تاريخية مصيرية جسدتها كربلاء مع الحسين المعصوم (عليه السلام)، ولتكررها فلا بد من تكرر الحسين (عليه السلام) في المجموع كما تمت الإشارة إليه في السطور السابقة.

وعلى أية حال، فإن التأصيل ثابتة زمانًا ومكانًا، وهي ثابتة الروح والعقل.. العبادة والأخلاق والقيم على أسس الفهم والعلم والمعرفة.

  • إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا * مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا * قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالا * مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا * وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا).

إنه وبعد المضي على طريق الدعوة إلى الله تعالى وإقامة أمره المقدس على هذه الأرض، وبعد أن يستفرغ المؤمن الرسالي تمام جهده طلبًا لرضى الله سبحانه وتعالى وقيامًا بوظيفته الإلهية، فإنه يذهب إلى مرحلة استجماع قواه المعنوية للانفتاح على الله تبارك ذكره وأظهار حقيقة الخوف على المجتمع الإنساني من انتشار الفساد ببقاء الظالمين، وهذا متوقف تمامًا على أمرين أصيلين:

الأول: الصدق العميق في الخوف على الإنسان من الفساد، وبالتالي الصدق الأكثر عمقًا في الدعاء والتوسل إلى الله جلَّ جلاله.

الثاني: ما تراه الحكمة الإلهية وما ينبغي أن يكون في خصوص المرحلة.

ومن الواضح توقف هذا تمامًا على أصلي الروح الزاكية والعقل المستنير، فلا يكون الدعاء كلمات ترددها الألسن ثم تغيب القلوب عن باقي الواجبات بل والمستحبات أيضًا، وليس من الصعب ملاحظة (الضعف الشديد) في حضور مثل الأمسيات الدُعائية وصلاة الجماعة (وخصوصًا في الفجر) وما نحو ذلك مما يشير بوضوح إلى وجود خلل عميق في الأصلين الأولين فلحقهما الثالث بالضرورة.

خلاصة القول، أن النصر الحقيقي الذي يطلبه الثقلان المقدسان متوقف تمامًا على أصول ثلاثة هي:

1/ القرب من الله تعالى بما يحقق درجات من الاصطفاء والاجتباء والاختيار.

2/ تحريك جبهة الدعوة إلى عبادة الواحد الأحد وإقامة أمره وإحياء أسمائه ثقافة وفكرًا وسلوكًا.

3/ تفويض الأمر إلى الله تعالى بعد أداء المهمة على الوجه الذي يريده تبارك ذكره.

 

السيد محمد علي العلوي

27 ربيع الثاني 1435 هجرية

27 فبراير 2014 ميلادية

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.