إننا في زمن أصبح فيه للآلة الإعلامية الدور الأكبر والأبرز في الترويج وتسليط الأضواء والإظهار بأقل التكاليف وأزهدها، ومثال ذلك أن ينوي جماعة رفع شخص وجعله من أصحاب الشأن، فالمطلوب حينئذ أن يفرغوا شخصًا أو شخصين لجمع كلماته المسموعة والمقروءة مع صور له مميزة، ومن بعد ذلك ينتقل العمل إلى المرحلة الإعلامية بمنتجة فيلم لمسموعاته تتخلله خلفيات صوتية مؤثرة، مع باقة من التصميمات الأخاذة لصوره مع كلمات موجهة، ويستمر العمل في هذا الاتجاه مع بعض الفعاليات الضرورية المصاحبة حتى تختزل هذه الشخصية عند محبيها في جانب واحد هو جانب الجمال والحسن وربما الهيبة والإباء!!
ومع نفس هذا الاسم اللماع تتحلق مجموعة أخرى مضادة للأولى، فتجمع كل زلة وسقطة صوتية أو مرئية أو مقروءة له وتقوم بما قامت به تلك السابقة ولكن في الاتجاه المعاكس حتى تختزل نفس الشخصية عند جماعة أخرى في جانب واحد هو جانب السوء والقبح والغلط والضلال، والنتيجة أن كل مجموعة منغلقة على نفسها متمترسة للدفاع عن ما هي عليه وإبطال ما عليه الآخرى بأي شكل من الأشكال..
المشكلة أن كل ما يُقَدَّم من المجموعتين سوف يكون موضوع توارث لمن يأتون في مقبل الأيام، وهو بالفعل ما لاحظته شخصيًا عندما أقرأ لأسماء كبرى وهي تتحدث عن تيار أو طائفة أو دين فتنقل ما تناقلته الكتب حتى أصبح من المسلمات، وعندما قصدت المصادر الأصلية لذلك التيار أو تلك الجهة أو الطائفة وجدت أن بعض ما نُقل لم يكن دقيقًا، بل أن بعضًا منه كان على عكس الحقيقة تمامًأ، والسبب أن الاعتماد كان على من لا يُتَوقع منه غير الدقة والتثبت!
وفي مشهد آخر وجدت من يتناقل مقاطع مرئية لشخصية ما هي في الواقع تتحدث عن مسألة علمية معينة تثبتها في بداية البحث ثم تبدأ بالإيراد عليها حتى تنقضها في آخره، إلا أن المصدر (المجرم) الذي يروج فإنه قد اقتطع فقرة الإثبات ليروجها على أنها رأي المتحدث، ليبدأ التشنيع عليه وضربه من تحت الحزام ومن فوقه، ومثل هذا المشهد ما يُقتطع من الكتب والمقالات وما نحوها..
أي دين؟؟ أي إسلام؟؟ أي تشيع؟؟ أي أخلاق؟؟ أي إنسانية هذه التي تدعو إلى مثل هذه الثقافات الهادمة لكل جميل في المجتمع؟!!
كم من شخصية عُلِّبت لتقدم إلى الناس في أحد صورتين مركزتين.. إما صورة الحسن المطلق، وإلا فهو القبح المطلق؟؟!!
على أية حال فإن أمثال هؤلاء المرضى لن يغادروا دنيا الإنسان إلا على يد صاحب الراية الإلهية القائد المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)، فهو الذي سوف يقوم بسيف الحق لينشر طمئنينة العدل على رؤوس المؤمنين، وينزلها على جماجم آخرين صرصرًا..
ولذلك، فإنه لا حل ولا نجاة من مثل هذه المزالق التي يصنعها الخبثاء إلا بالانفتاح على التحقيق والتخريج والمراجعة المجردة بروح إنسانية متألقة، والحذر كل الحذر من الاشتراك في جرائم التدليس بالترويج والنشر، فاستسهال عملية (Copy & Past) قد جرت علينا الكثير من الويلات..
السيد محمد علي العلوي
24 ربيع الثاني 1435 هجرية
26 فبراير 2014 ميلادية