قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رجع من صفين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة:
“يَا أَهْلَ الدِّيَارِ الْمُوحِشَةِ وَ الْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ وَ الْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ، يَاأَهْلَ التُّرْبَةِ يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ يَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لَاحِقٌ.
أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ، هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى”..
كم جنازة شيعنا أو لا أقل سمعنا بتشييعها؟ وكم من ميت وسدناه التراب في قبر ضيق مظلم ليس معه غير قطعة قماش بيضاء سرعان ما تأكلها أرض عطشى، وأسرع من ذلك نتن الريح يملأ زوايا القبر؟؟
هذا والمآل ليس إلى غيره وإن طالت الأعمار وتزينت الدنيا وتحلت العزة وهي تأخذ صاحبها بالإثم.. فليس إلا القبر وعصرته حتى يخرج المخ من بين الظفر واللحم!!
لِمَ هذه الأحقاد؟ ولِمَ يحمل الإنسان نفسه وزر اتهام مؤمن أو إهانته أو التعريض به؟؟
القبر وقبله سكرات الموت وما أدراك أيها الإنسان ما هي.. وبعده يوم النشور (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)..
ثم الساعة ويا عظم هولها، والموقف بين يدي جبار السماوات والأرض..
يومها.. (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)..
وقفة نتأمل فيها أحوال قلوبنا..
محمد علي العلوي
29 ربيع الأول 1434 هجرية
10 فبراير 2013 ميلادية