لا مشاحَّة في الاصطلاح
قاعدةٌ محلُّها رفع البأس عن الاختلاف في الاصطلاح بعد الاتِّفاق على المعنى أو المقصود، ولذا قال يعضُهم: “لا بُدَّ من تقدير تتمَّة لهذه القاعدة وهي: (بعد الاتفاق على المعنى)”، فتكون:
لا مشاحَّة في الاصطلاح بعد الاتِّفاق على المعنى.
ينبغي الانتباه جيِّدًا إلى أنَّ إطلاق (لا مشاحَّة في الاصطلاح) إثباتٌ للاتِّفاق على المعنى (المدلول) من جهة، ونفيٌ لأيِّ مفسدةٍ علمية تترتب على نفي المشاحَّة بين لفظين أو أكثر، وتحصيل ذلك ليس بالأمر الهيِّن؛ إذ أنَّ تصورَ المعنى واللفظ مقدمةٌ للوضع الأعم من الاصطلاحي التخصصي وغيره، والتصور العلمي تصورُ الموضوع وحيثياته ليوضع له اللفظ المناسب.
لذلك نرى -مثلًا- أنَّ حيثية رقَّة الحد مأخوذة في وضع لفظة المهنَّد للسيف، فيما نرى أنَّ حيثية القطع والبتر مأخوذة في وضع لفظة البتَّار له.
وكذا في العقلي والعقلائي والعقلاني، وغير ذلك..
ولذا قالوا:
“إنَّ هذه القاعدة ليست على إطلاقها، بل هناك شروطٌ لا بُدَّ من اعتبارها وتقييد القاعدة بها، وهي أربعة شروط:
1- وجود مناسبة مُعتَبَرة تجمع بين الاصطلاح ومعناه.
2- ألاَّ يكون في هذا الاصطلاح مخالفةٌ للوضع اللغوي أو العرف العام.
3- ألاَّ يكون في هذا الاصطلاح مخالفةٌ لشيء من أحكام الشريعة.
4- ألاَّ يترتَّب على هذا الاصطلاح الوقوع في مفسدة الخلط بين المصطلحات.” (المصدر: قاعدة لا مشاحَّة في الاصطلاح، د. محمد بن حسين الجيزاني، مجلة الأصول والنوازل – السنة الأولى – العدد الثاني – رجب 1430 هـ – يوليه 2009)
عندما يصرف علماؤنا الكثير من الجهود في مناقشة المصطلح ومدى مناسبته للمعنى محل البحث، فهذا ليس من الترف أو تضييع الوقت، بل هو من أهم مراحل إحكام المباني والبناءات.
إنَّ التصريح بنفي المشاحَّة تصريحٌ بنفي الخلاف وإمكان البناء، وهو بذلك تصريح علمي في حكم الإقرار، وهذا لا يصح ما لم يُتَيقن الاتِّفاق على المعنى من جهة، وعدم وجود حيثية فارقة بين الألفاظ من جهة أخرى، ولذا هو تصريح خطير.
تاريخ المنشور: 7 مارس 2020 للميلاد