أكثر من ثلاثين كليوجرام وزناً تتحول إلى ما يزيد على عشرة ملايين دينار عداً، وفي البين يحصد الأخطبوط ارواحاً ويتلف عقولاً ويسحق شباباً ويدمر بيوتاً، أنه بلاء العصر، ومصيبة الدهرالتي صنعها الإنسان ليقتل بها إنسانيته، فبفعل فاعل أراد فرعون لحجّاجية المخدرات من هيروين، وأفيون، وحشيش أن تنتشر في المجتمع ليبقى هو فرعون على عرشه آمناً من فكر شاب هنا أو عقول شباب هناك.
قبل أيام قليلة تمكنت قوات الأمن من ضبط قرابة 35 كيلوجرام من المخدرات يحاول أحد الحقراء أن يدخلها إلى البلد عبر المنافذ البرية.. أتدرون ماذا يعني هذا الرقم؟
أننا أيها الأحبة لا نناقش قضية إدخال المخدرات إلى البلد، ولا نريد أن نفكر في ضمائر أولئك الكلاب الذين يجمعون النجس من الأموال من خلال المتاجرة بأرواح الشباب، ولكننا نريد أن نفهم أمراً واحداً فقط.. هل من الطبيعي أن يتوحّل شيعيٌ في وحل المخدرات متاجرة أو إدمانا؟
في مناطقنا نتميز بمساجد وحسينيات تنتشر في كل طريق وربما في كل زقاق أيضاً، فذكر الله ورسوله ووصي رسوله ينطلق من أعلى المنائر، وذكر المجتبى الحسن والشهيد الحسين والتسعة المعصومين من ولده صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يملأ الأسماع من مكبرات الصوت بالحسينيات والمجالس، ففي هذه الأجواء من المفترض أن نكون رجالاً ونساءاً وشباباً وأطفالاً من أكثر الناس قرباً إلى الله سبحانه وتعالى عن طريق الكتاب والعترة، إلا أنني وعلى المستوى الشخصي أسمع من بعض الأخوة المؤمنين أن ظاهرة تعاطي الحشيش آخذة في الإنتشار بين شبابنا الذين هم دون العشرين من عمرهم..!
صعقت من هذا الخبر وأعتصر قلبي ألماً ودمعت عيناي لأنني لا أفهم لماذا هذا يكون.. وأين الخلل والقصور..! حتى جاء هاتف يقول بأنكم المجرمون..
أنت وأصحابك.. الأباء والأمهات.. المجتمع بأكمله.. أين عملكم في ميدان التوجيه والتوعية.. أينكم من قوانين القرآن.. أينكم من سيرة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام؟
أين أنتم من المساجد.. أين أنتم من الحضور الفعلي وليس الشكلي في الحسينيات ومجالس أهل البيت عليهم الصلاة والسلام؟
أينكم من فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. أينكم من طموح العودة إلى مقام (خير أمة أخرجت للناس)؟
أنني هنا ألوم نفسي وألومكم جميعاً دون أن استثني أحدا، فشبابنا ليسوا محلاً للمساومة ولا موضوعاً للمزايدة، شبابنا هم الأمل، شبابنا هم التطلع، ولكن في ظل غياب الإحساس والشعور بالمسئولية نرى الأمل يتلاشى والتطلع ينطفئ، ولا يزال (الكبار) يتنازعون التيارات المرجعية والفكرية، ولا تزال الأمهات مشغولات في مجالس الغيبة والنميمة، وفي المجمعات واللهث وراء الموضات وآخر التسريحات، ولا يزال الآباء في ملاحقة خلف الدرهم والدينار مع غياب القناعة، ولا تزال المدرسة محلاً لقضاء وقت مفروض وليس أكثر من ذلك، فلا الكبار كبار، ولا الأمهات أمهات، ولا الآباء آباء، ولا المدارس مدارس، فانفتح الطريق أمام الأخطبوط الفرعوني الحجّاجي ليدمر شبابنا ويقضي على آمالنا في سبيل أن يبقى هو على عرشه وإنسانيتنا تحت قدميه.
أيها الكبار، أيتها الأمهات ، أيها الآباء، يا أرباب العلم أقبل أقدامكم وأيديكم راجياً إياكم أن تراجعوا حساباتكم، وتلتفتوا لأسباب المجتمع قبل أن يقضي عليه الأخطبوط.
السيد محمد علي العلوي
29 شعبان 1430هـ
21 أغسطس 2009