المباني في إثبات الهلال، وإشكال اعتماد الحسابات الفلكية في إثبات مثل مواقيت الصلاة

بواسطة Admin
0 تعليق

هذا مجرَّد مُختصر..

كيف يصحُّ تحديد الظاهرة الفلكية مثل الخسوف والكسوف عن طريق الحسابات الفلكية، وكذا تحديد أوقات الصلوات، ولا يكون كذلك في إثبات الهلال؟

هذا سؤال يتداوله بعضُ المؤمنين مستفهمين لا مُستنكرين، فالمؤمن العاقل يعي جيِّدًا ما يبذله فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) من جهود عظيمة للوقوف على مرادات الشارع المقدَّس، ويكفي لفهم منظومة انتاج المباني العلمية والأحكام الفقهية ما يدور بين المجتهدين من مناقشات معمَّقة تبرز في شخصية الفقيه عند تصديه للبحث الخارج، فالأمر ليس بالسهولة التي قد يتصورها البعض، بل هي صعبة وفي غاية التعقيد.

نسأل الله تعالى أن يرحم الماضين في فقهائنا العظام، ويحفظ لنا الباقين..

ينبغي الإلفات أوَّلًا إلى اختلاف الموضوع المطلوب إثباته، فبالنسبة إلى دخول وقت الصلاة فالموضوع هو موقع الشمس، وبالنسبة إلى الكسوف فموضوعه موقع كل من الأرض والقمر والشمس، ويحصل عند التعامد بحيث يحجب القمر ضوء الشمس عن الأرض، وأمَّا الخسوف فعندما تحجب الأرض ضوء الشمس عن القمر.

مَنِ اندفع في القياس تصور أنَّ الموضوع واحد، وهو (الفلك)، وهذا خطأ علمي خطير جدًّا، فهو يرمي مباشرة في مزالق القياس المنهي عنه في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)

نحتاج إلى التأكيد على أنَّ الفقيه عندما لا يأخذ بالحسابات الفلكية في خصوص إثبات الهِلال فليس لعدم ثقة فيها، ولكن لعدم موافقة الحساب الفلكي لمبناه الفقهي في خصوص إثبات الهِلال.

يبحث الفقهاء أمر إثبات الهلال من عدَّة جهات، منها: هل المِلاك هو ولادة الهِلال ومجرَّد وجوده، أو أنَّه في الرؤية؟ وإن كان في الرؤية فهل للإثبات بالباصرة موضوعية خاصَّة، أو أنَّها طريق للإثبات لا يمنع تقديم طريق آخر عليه؟ وكلُّ ذلك يرجع إلى الوارد في النصوص الشرعية.

إذا أردنا اعتماد الحسابات الفلكية في إثبات الهِلال، فينغي أن يثبت عندنا كون المِلاك هو الولادة ومجرد الوجود الفعلي، فتكون الرؤية طريقًا في الإثبات ولا خصوصية موضوعية لها، وكلُّ هذا ليس بالاستحسان وتحكيم الواقع الاجتماعي، بل بما يُفهم من الدليل وما يوافق منظومة المباني للفقيه.

وأخيرًا.. فالإنسان إمَّا أن يكون مجتهدًا، أو مُحتاطًا، أو مُقلِّدًا، وعلى أساس موقعه الحقيقي يطرح رؤاه، وما لم يكن مجتهدًا ولا محتاطًا فلا بدَّ له من الرجوع إلى الفقيه العالِم، سواء كان ممَّن يرى الاجتهاد بحسب المصطلح المعروف، أو أنَّه يأخذ من الفقهاء المحدِّثين، ولا مُبرِّر للاندفاع بطرح رؤى ناقصة دون وقوف على مفاصل مهمَّة في المسألة العلمية.

وينبغي احترام المباني والآراء العلمية لكافَّة فقهائنا الأعلام..

تاريخ المنشور: 2 ديسمبر 2019 للميلاد

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.