آسيوياتٌ بأزقة القرية ll مقالة لسماحة الشيخ محمود سهلان

بواسطة Admin
0 تعليق

بينما كنتُ خارجًا من القرية في حدود الساعة العاشرة ليلا -في ليلة الحادي عشر من محرم- لفت نظري مرور ثلاث فتياتٍ من إحدى الجاليات الآسيوية في أحد شوارعها، وهنَّ يرتدين لباسًا مخالفًا للمتعارف في قرانا، ومضيت وكأن شيئًا لم يكن في تلك اللحظات..

مع طلوع هذا الصباح تذكَّرت المنظر وأخذتُ أفكِّر فيه مليًّا، فهو منظرٌ لم أكن أتصور أن أجده في قريتي أو أيّ قريةٍ محافظة، لكن هذا الظنّ خاب، وهذا المنظر الغريب عن مجتمعنا قد تحقّق فعلا..

قبل فترةٍ ليست بالبعيدة تكررت عليَّ مثل هذه المشاهد في إحدى القرى المعروفة بالتزام أهلها فكتبت عن تلك الظاهرة، حيث صرتُ أشبِّه أحد شوارعها بشارع المعارض ذي الصيت السيء جدا، وهذه المشاهد في ازدياد وتكثُّرٍ دائم، ولا تبدو في الأفق أي حركة باتجاه التقليل من هذه المظاهر السلبية من أيّ جهةٍ من الجهات.

بالإضافة لمشهد البارحة دخل في قلبي الريب من إحدى العاملات كخادمةٍ كما يبدو، وهي من جاليةٍ آسيوية كذلك، حيث خرجتُ من المسجد بعد صلاة العشائين في إحدى الليالي الماضية وجلست بالسيارة، فوجدت تلك العاملة تعبث في هاتفها كثيرًا وهي تمشي وتلتفت يمينًا وشمالًا بشكلٍ لم يكن عاديًا حسب تقديري، وقد أكون مخطئًا..

على أيّ حال.. وجود هذه المشاهد وتكثّرها له الكثير من السلبيات، من أهمها اعتياد المجتمع على مثل هذه المشاهد فيتحول هذا الأمر -الغريب- إلى أمر عاديٍّ جدًا لا إشكال فيها، فيما يترك أثرًا في نفوس الفتيات المؤمنات من القرية لما يرينَ من تحرّرٍ عند نظائرهنَّ من الدخيلات على المجتمع، فيجعلهنَّ عرضةً للتأثر بهن، كما يشكل خطرًا على شباب القرية، فمن جهةٍ لا نأمن النظرة الحرام إذا كثرت هذه المناظر، ولا نأمن ما هو أكثر من ذلك -والعياذ بالله- مع وجود المغريات من جهة، وفي ظل صعوبة الحلال من جهةٍ أخرى..

هذه بعض الآثار المحتَملة، لكن الأمور قد تكون أسوء من ذلك لو استمر الحال على ما هو عليه، وتذهب الأمور لسلبياتٍ خطيرةٍ جدًا، أسأل الله أن يقينا والمؤمنين شرّها.

أوجبتِ الشريعة على المرأة ستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وحرّّمت عليها إظهار الزينة وترقيق الصوت وما إلى ذلك، كلُّ ذلك مراعاةً للحالة المجتمعية بعد حمايتها ورعايتها، فلو قال قائلٌ بأن هذه الفتيات غير مسلمات، قلت فأين هو حقّ المجتمع المؤمن الذي جعله الله له، فهؤلاء غريبات عن ثقافاتنا ويحقّ لنا أن نفرض بعض القيود التي نحمي المجتمع من خلالها، ويجب عليهن وكذلك على الرجال من الأجانب أن يحترموا قوانين وأعراف المجتمع، لا أن يُتركوا بحجَّة أنهم ليسوا مسلمين..

مشكلة هذه الأمور التي نعتبرها صغيرةً -وهي في واقعها ليست كذلك- أنها تتحد مع صورٍ وعللٍ أخرى لتشكل ظواهرَ ومعلولاتً ما أنزل الله بها من سلطان، ثم نأتي لمحاولة حلِّ الظاهرة فنجدها معقدةً لا تفسير لها لدينا، أو أن أسبابها متشابكةٌ تحتاج لتفكيكٍ وعملٍ طويلٍ حتى نتخلص ممّا أحدثت، وما أصعب ذلك وأشقَّه حينها.

 

 محمود سهلان

١١ محرم الحرام ١٤٤٠هـ

٢١ سبتمبر ٢٠١٨م

قرية العكر – البحرين

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.