الإرشاد مِنْ خلال مَنْ! ll مقالٌ لسماحة الشيخ عبد الرضا الداروغة

بواسطة Admin
0 تعليق

مقالات عاشوراء

دائماً وعلى طول مسيرة الإنسان في هذه الحياة تَعرُضُ لهُ الأحداث، التي يلتفتُ إلى حلها تارة ولا يلتفتُ تارةً أُخرى، فيحتاج إلى النُصح والإرشاد والعلمِ بتجارب الآخرين حتى يحصل على إِجابياتها ولا يكررُ أخطائها في حياته، ومن هذه الحيثية كان لا بُد من الإنسان السوي أن يستنصح مَن يكون أهلاً للإستنصاح وهم أصحابُ الحكمة.

ونحن كشيعة نمتلك ميراثاً روائياً لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وقد أتى عليها وهو عن أفضلِ وأعلمِ مخلوقاتِ الله سبحانه وهم المعصومون من أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، وتمسكنا بهم وتنفيذ أقوالهم -إذا عرفنا أن بهم يسلك الإنسان إلى مدارج الكمال- فيه مصلحتنا وأي إنسانٍ لا يطلب لنفسه المصلحة ويدفع عنها المفسدة ليرتقي بها عن الدنائة إلى الرِفعة؟

لكن بسبب ابتعادنا عن لغتنا وتباعد الزمان بيننا وزمن النص أدى إلى خلق حاجزٍ عن فهم إرادة الإمام بالنسبة لكثيرٍ منا خاصةً مع الإبتعاد عن مطالعة ومُداومة قراءة نصوص الأحاديث الشريفة، وأيضا لعددها الكبير الذي يصَّعِب على الكثير الإلمام بالصورة كاملةً والتي توافق مجموع قول المعصوم في العنوان الواحد، و من الطبيعي رجوع غير العالِم إلى العالِم في طلب الحكم الشرعي وفهم روح الحديث الشريف وحل المشاكل الحالية و اتقاء المستقبلية وقراءة الأحداث بشكل واضح، وهذا لا يعني تغييب العقل بل هو قمة التعقل، قال تعالى(إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)).

ومع ظهور وسائل التواصل الرقمية وبالخصوص برامج الرسائل والمقاطع المرئية القصيرة(تويتر،إنستجرام،سناب شات) غشتنا ظاهرة الرسائل والمقاطع المرئية (الهادفة) على حد تعبير أصحابها والكم الهائل من التوجيهات في مختلف المجالات الفقهية والنفسية والاجتماعية وغيرها، فأصبحت هذه البرامج منبر من لا منبر له وماجت صفحاتها الرقمية بلقالق الناس من غثٍ وسمينٍ وصالحٍ وطالح، والجدير بالتأمل أن كثير من أصحاب الأقوال والإرشاد مجهولون لا تُعرفُ شخوصُهم هل هم رجالٌ أم نساءٌ، طفلٌ أم راشدٌ، وربما نُسِبَ قولٌ لشخصٍ لم يكن هو قائِلهُ!!
وأما من يُعرفُ منهم شخصُه ففي الغالب لا يكون أهلاً لتوجيه الناس وحل مشاكلهم، فالبعض منهم ينتقدُ بعض الممارسات وهي ليست خاطئة، وهذا بسبب القياس الباطل والإستحسان الذوقي الراجع لنفس الشخص لا للعرف والعقل وربما اعترض على الشرع من حيث يعلم أو لا يعلم، وهذا طبعاً باسم الإصلاح وإشاعة الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكنه في حقيقة بعضه خلافُ توجيهات أهل البيت صلوات الله عليهم.

وعلى ذلك وجب على كل ذي عقل أن يفحص ويعرف عمن يأخذُ دينه وإرشاداته، فلرُبَّ قولُ حقٍ يُرادُ به باطل، ولرُبَّ قول زورٍ خالط حقٍ فلم يعرف الحق من الباطل.

فإذا عرفت أن كمالك مع المعصوم، فالتزم قوله وفعله ولا تأخذ إلا عنه، واعلم أن طريقك إليه هم الفقهاء والعلماء لا أصحاب الصفحات التجارية فتأمل.

عبدالرضا الداروغة
١ محرم ١٤٤٠ للهجرة
قرية عراد- البحرين

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.