مقالات عاشوراء
الساحةُ العاشورائيّة من حيث الزّمن لديها المُكنة والقُدرة على إيصال المؤمنين إلى أعلى مستوياتِ القُرب من الله تعالى والمعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين)، وفيها عدّة عناوين ومصاديق، أبرزُها الإحياء؛ إحياءُ أمرِ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) هو إحياءٌ للإسلامِ وللتعاليم الإلهيِة في النفوس والقلوب.
المؤمنون العارفون يريدون بلوغ مستوى القُرب من الله تعالى والمعصوم، لا تحصيل الثواب فقط، لأنّ الأخير هي عبادةُ التجار كما في الرواية، تجاوز مرحلة الثواب والأجر حالة عباديّة متقدّمة، جبرئيل (عليه السّلام) وهو أعظمُ مَلَكٍ مقرّب موطنهُ عالم الملكوت إستأذَن الله تعالى أن يهبِط إلى الأرض ويكون تحت الكساء بالقرب منهم (صلوات الله عليهم أجمعين، فالقضية ليست أجرٌ وثواب فقط، القُرب نفسه وفِي حدّ ذاته حالة عالية ومتقدّمة جدًا.. تتمكّن عاشوراء الزمن -أيام العشرة- من تحقيقها.
الطريق الموصل لها هو الحسين (عليه السّلام) من خلال إحياءِ أمرهِ وتعظيم شعائرهِ على أساسِ الصدق والإخلاص، فمن كان ذلك حالهُ بَلَغ، وكان من الذين يُدعوْنَ بالحسينين في المحشَر، تقول الآيمة المباركة {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ} الإسراء ٧١، وفِي الآية تعبير في غايةِ اللّطافة، قالت: كلّ أُناس، وليس: كلَّ ناس أو النّاس؛ لأنّ النّاس اسم جمع لا مفرد له، وهو مأخوذٌ من النْوس ويعني التذبذب أو الإضطراب [١]
أما أُناس فهي مأخوذةٌ من الأُنس وتعني الموافقة والإتباع، أي الذي يُدعوْن يوم المحشَر بإمامهم الذين اتبعوه ووافقوه..
إذن الإتباع من خلال الإحياء المبني على الصدق والإخلاص في بعده الزمني محقّقٌ للكون مع الحسين (صلوات الله عليه) وفِي مستوى عالٍ من القُرب منه وحينها تُدعى معه (صلوات الله عليه).
١)موقع معجم المعاني على شبكة الإنترنت.
محمَّد مسلم الصائغ
١ محرّم الحرّام ١٤٤٠ هـ
الموافق ١١-٩-٢٠١٨
المحرّق – البحرين