مقالات عاشوراء
عندما ندرس واقعة الطف والأحداث التي وقعت قبلھا وبعدھا ونسأل أنفسنا: من ھو أول من نصر الإمام الحسین (علیه السلام)؟ فإن أول ما یتبادر في أذھاننا أن أول من نصر الإمام الحسین (علیه السلام) ھو سفیره الشھید مسلم بن عقیل (علیه السلام)، لكن لو عدنا بالزمن الى أیام رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) لوجدنا أن أول ناصر للإمام الحسین (علیه السلام) ھو شخص آخر غیر مسلم بن عقیل (علیه السلام).. ھو شخص لم یكن یبلغ من العمر سوى قرابة السنتین ونصف عندما فدى الإمام الحسین (علیه السلام).. ھو: السید إبراھیم ابن رسول الله محمد (صلَّى الله علیه واله).
قال ابن عباس: “كنتُ عند النبي (صلَّى االله علیه وآله) وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراھیم، وعلى فخذه الأيمن الحسین بن علي (علیھما السلام)، وھو تارةً يقبّل ھذا، وتارةً يقبّل ھذا، إذ ھبط جبرائیل بوحي من ربّ العالمین، فلمّا سُر ِّي عنه قال (صلَّى االله علیه وآله): أتاني جبرائیل من ربّي فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرأُ علیك السلام ويقول: لستُ أجمعھما فافْدِ أحدھما بصاحبه. فنظر النبي (صلَّى االله علیه وآله) إلى إبراھیم فبكى، وقال: إنّ إبراھیم أُمّه أمةٌ ومتى مات لم يحزن علیه غیري، وأُمّ الحسین فاطمةٌ، وأبوه علي ابن عمّي لحمي ودمي، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمّي وحزنتُ أنا علیه، وأنا أُوثر حزني على حزنھما، يا جبرئیل، يقبض إبراھیم فديته بالحسین. قال: فقُبض بعد ثلاث.”
فكان النبي (صلَّى االله علیه وآله) إذا رأى الحسین مقبلاً قبّله وضمّه إلى صدره، ورشف ثناياه وقال (صلَّى االله علیه وآله): “فديتُ مَن فَديتُ بابني إبراھیم”.
من خلال ھذه الروایة نستطیع أن نقول أن السید إبراھیم (علیه السلام) ھو أول من فدى الإمام الحسین (علیه السلام)، نعم لقد اختار رسول الله (صلَّى الله علیه واله) فقد ابنه إبراھیم (علیه السلام) لیبقى الحسین (علیه السلام) لنصرة الدین و إحیاء الشریعة و إلى یومنا ھذا ونحن نشعر ببركات الإمام الحسین (علیه السلام)، وكذلك نستفید من ھذه الروایة مشاركة رسول الله (صلَّى الله علیه واله) في نصره سبطه الإمام الحسین (علیه السلام) وذلك من خلال التضحیة بابنه في سبیل سید الشھداء (علیه السلام) وھذا مصداق قوله (صلَّى الله علیه واله): “فدیت من فدیت بابني إبراھیم ” ، لقد شارك رسول الله صلى الله علیه واله في نصرة الإمام الحسین علیه السلام كما شارك أمیر المؤمنین (علیه السلام) بنصرة ولده الحسین؛ وذلك بالزواج من أم البنین (علیه السلام) التي أنجبت له أربعة أقمار على رأسھم قمر بني ھاشم العباس (علیه السلام) وكلھم ذھبوا فداءً لسید الشھداء (علیه السلام)، وكما شارك الإمام الحسن المجتبى (علیه السلام) بنصرة أخیه الحسین (علیه السلام) وذلك بتقدیم ابنه القاسم (علیه السلام) في یوم عاشوراء.
إن أقل ما یمكننا تقدیمه للسید إبراھیم ابن رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) أن نقوم بإحیاء ذكرى وفاته في كل عام، لا فقط لأنه ناصر للإمام الحسین (علیه السلام) بل أیضًا لما جرى علیه من مظلومیة بالرغم من صغر سنه حیث صار ھو وأمه السیدة ماریة القبطیة (علیھا السلام) ضحیةً لقصة الإفك ومن یقرأ ماجرى على ھذا السید الجلیل حري به أن یتألم و یحزن علیه.
ونختم بقول رسول الله صلى الله علیه واله : “تدمع العین ویحزن القلب ولا نقول ما یسخط الرب ولولا أنّه وعد صادق وموعود جامع وأنّ الآخر تابع الأوّل لوجدنا علیك یا إبراھیم أفضل ممّا وجدنا وإنّا بك لمحزنون”.
محمود العرب
1 من المحرَّم 1440 للهجرة
بني جمرة – البحرین