في منظومة العمل الرسالي يتكامل القائد بالقاعدة الجماهيرية، فلا هو يُتصور بدونها ولا هي تسترشد من غيره؛ إذ أن استقامة العمل مشروطة بالتقارب والترابط ومتانة الثقة بين القائد وجماهيره، ومن أبرز وأهم المقدمات المحققة لهذا النوع من التواصل الإيماني أن تكون القيادة وجماهيرها على نسق فكري متقارب في متغيراته مترابط في ثوابته، وهذا هو معلم نجاح العمل الرسالي الصادق.
إن هذه القاعدة العملية رسخ لها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو قوله (عز وجل): (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، وهذا هو سر قوله (سبحانه): (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) فإنه من الواضح الجلي أن الروح الرسالية الصادقة قد استجمعها الله (جل شأنه) في كلمة واحدة هي (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، وهذا (التبليغ) هو التحدي الحقيقي الذي كان من شروطه ذلك التقارب الفعلي بين القيادة والجماهير.
إن ما أريد قوله هنا هو أنني وأنت وهو وهي، ليس منا أحدٌ يمكنه (بالنظر الرسالي) أن يعيش حياته منفرداً ويمارس حرياته (العصرية) كما يحلو له؛ والسبب هو انه جزء من التركيبة الجماهيرية التابعة للقائد المعظم إمامنا المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)، ولسانه (صلوات الله وسلامه عليه) يردد ما قاله جده الإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام) لواحد من شيعته: (يا هذا الحسن منك أحسن لقربك منا والسيئ منك أسوء لقربك منا)، فأنت أيها الشيعي الموالي وبمجرد أن ترفع صوتك قائلاً: (أشهد أن علياً ولي الله) تكون قد وضعت نفسك في مقام السفارة عن أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وبالتالي فإن كل ما يصدر عنك من أقوال أو أفعال تسحب على مذهبك وطائفتك الموالية، وهذا لأن تشيعك جعلك قريباً من أئمتك (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) ونتيجة ذلك أن الحسن يكون منك أحسن، وبالمثل فإن القبيح يكون منك أقبح.
أيها الأخ الكريم، أيتها الأخت الفاضلة .. كونا مثلاً طيباً لأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وحققا سفارة رسالية تنطلق بالمجتمع نحو منظومة (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
السيد محمد علي العلوي
18جمادى الآخر 1430هـ
12 يونيو 2009