مساؤكم وثبة الحزن السامي وشموخ الألم القاهر..
في موضوع أهل الكوفة مع مسلم بن عقيل (عليه السلام) اخترتُ التعبير عن حالتهم بـ(التراجع) طلبًا للأعمِّ من الانقلاب والتخاذل والخوف وما شابه، وقد تواردت إبداعاتُ تفكُّراتكم رائعة وازنة، دارت حول عناوين ثلاثة:
١/ عدم جاهزية المجتمع الكوفي ثقافيًا لخوض التحدِّي ضدَّ الدولة الأموية.
٢/ طبيعة الإنسان وميله للدعة والراحة.
٣/ الخوف من بطش السلطة.
هناك عناوين أخرى، ولكنَّها ترجع في النهاية إلى أحد هذه الثلاثة.
أطرح وجهة نظري، وهي جزء مكمِّل لما تفضَّل به الأحبَّة..
المجتمع الكوفي، وغيره من المجتمعات التي لا يتَّسم أفرادها في أجوائهم الثقافية العامَّة بالاستقلال الفكري في قبال العقلية الجماهيرية، مجتمعات سهلة التقلُّب والانقياد، والانقياد المضاد.
دعوني أفترض التالي:
في تصوري، أنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان في مقدوره قلب الطاولة على الجيش الأموي بخطاب جماهيري يذيب العقول في عقل جمعي واحد تسيطر عليه اللغة الخطابية، فهذا سهل عندَّ أهل اللغة وعلومها والخطابة وفنونها، غير أنَّ هذا لا يبني مجتمعًا واعيًا، ولكنَّه يؤسِّس لمجتمع منقاد وإن تسمَّى واعيًا!
في مثل هذه المجتمعات المتغيِّرة التابعة، يكفي بخمسة أشخاص صناعة رأي عام أو توجُّه جماهيري، وخصوصًا إذا كانوا تحت إدارة سلطةٍ بيدها أدوات العصا والجزرة!
أعلنوا في مسجد الكوفة المطالبة الأمنية بمسلم بن عقيل، وهذا يكفي تمامًا لتراجعات جماهيرية كبرى ولأسباب يصعب حصرها، فالقضية ليست مجرَّد خيانة ونكوص، ولكنَّها، وفي عمقها، راجعة إلى كون المجتمع لم ينجَّح في استيعاب جوهر الإسلام، وهو الاستقلال الفكري عن غير الله ورسوله وأهل البيت (عليهم السلام).. إنَّما وليكم..
السيد محمَّد علي العلوي
7 من المحرَّم 1438 هجرية
9 أكتوبر 2016 ميلادية