أقول ما أريد أن أقول، وليفهموا كما يريدون!
لستُ مستعدًا لتضييع وقتي في انتقاء الكلمات، وليفهم السامع ما يفهم!
لا..
هذا خطأ، وهو مخالِفٌ لأدب وأدبيات إسلامنا العظيم من جهتين:
الجهة الأولى:
استغلال الآخر للمشتركات اللفظية لغاية ضربك والنيل منك والتشنيع عليك.
قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
قال الإمامُ موسى بن جعفر (عليهما السلام):
“وكانت هذه اللفظة (راعِنا) من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسولَ الله (صلَّى الله عليه وآله)، يقولون: راعنا، أي ارع أحوالنا، واسمع مِنَّا كما نسمع منك، وكان في لغة اليهود معناها: اسمع، لا سمعت.
فلما سمع اليهودُ المسلمين يخاطبون بها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) يقولون: راعنا، ويخاطبون بها، قالوا:
كُنَّا نشتم محمَّدًا إلى الآن سِرَّا، فتعالوا الآن نشتمه جهرًا.
وكانوا يخاطبون رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ويقولون: راعنا، يريدون شتمه”.
فينبغي لنا تحرِّي الدقة في انتقاء كلماتنا خصوصًا عند يصل خطابنا لمتصيدين لا يراعون الله تعالى في أفعالهم.
الجهة الثانية:
تنفير الناس وإبعادهم عن المقاصد الشريفة للثقلين المُقدَّسين.
قال تبارك ذكره:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)
وما أكثر الخيرات التي ضاعت بين عواصف اللسان وفظاظة الكلام.
نعم، تحتاج بعض المقامات لشِدَّة في القول، فقد قال عزَّ وجلَّ:
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا)
ولكنَّ هذا في موارد خاصة، وأمَّا الأصل فهو اللين وانتقاء الأجمل من الكلمات..
لقد ضيعنا الكثير بسبب استغنائنا باجتهاداتنا عن القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، وقد آن الأوان لوقفات مراجعاتٍ جادَّة.
* شعار السلسلة:
(ينبغي لنا ضبط ثقافاتنا وأعرافنا على نصوص الثقلين المقدَّسين، وليس العكس).
مع صادق الدعاء
السيد محمَّد علي العلوي
22 من ذي القعدة 1437 هجرية
26 أغسطس 2016 ميلادية