نسمعُ كثيرًا عن فضيلة المشورة وضرب الرأي بالرأي طلبًا لتولد الصواب، ولكن ثمَّة آفة ترد على هذه الفضيلة فتحيلها منقصَةً ورذيلةً..
يقول اللهُ تعالى:
(كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى)
ويقول أميرُ المؤمنين (عليه السلام):
“من استغنى برأيه هلك”
هناك من يطلب المشورة صادقًا، فيُعدِّل على رأيه ويُصححه، وربَّما عَدَلَ عنه بهدوء وعن قناعة تامَّة.
ولكن هناك من يطلب المشورة ليُمضي رأيَه هو، فيقول: استشرتُ ولم أقتنع.. فيبرر استبداده ويُظهِره في ثوب كاذب!
والواقع أنَّ الحمل عنده مُسبَقٌ، ولم يستشر إلَّا ليُروج نفسه بقميصِ أهلِ الحكمة والفضل!
والأعجبُ من ذلك أنَّه قد يغير رأيَه ويأخذ برأي من أشار عليه، ولكنَّ أخذه ذاك ليس من باب الإيمان بتفعيل فضيلة المشاورة، ولكن ليقول:
ها أنا كما أدَّعي!
لا شَكَّ في أنَّ عموم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) يستوعب مثل هذه الحالات..
نسألُ اللهَ تعالى أن يجعلنا من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)، فنكون من (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ).
السيد محمَّد علي العلوي
6 من ذي القعدة 1437 هجرية
11 اغسطس 2016 ميلادية