ظالمون.. عديمو الإحساس، هكذا قال الأول، ثم أردف:
إنَّه ينوح صائِحًا ويبكي مُعْوِلًا، وأنتُّم –أيُّها الحمقى- تتمايلون تحسبُونه يُغرِّدُ مُغنِّيًا؟
تحبِسُونه في قفصٍ وترقصون على جِراح حرِّيَتهِ المسلوبة؟
أطلقوه.. أطلقوه.. أطلقوه..
…….
سَمِعَ العُصفُورَ آخرٌ فتبسَّم، ثُمَّ قال:
ما أسعده مِنْ طَائِرٍ صغير، فهو يرى روعة حياته في هذا القفص الجميل.. إنَّه قفص الحريَّة بالنسبة له، ولو أنَّه يُطْلَقُ لمات حزنًا، ولرُبَّما كُسِرَ جناحُه بجدار يرتطم به، فهو لا يفهم هذه الحياة.. لا يفهم حياة الطيران خارج القفص، وهو سعيد هكذا فيغرِّدُ مسرورًا شاكِرًا لسيِّده اهتمامه به..
ما أجمله من عُصفُور..
…….
ثالِثٌ سمِعَ العُصفُورَ، فقال:
يَشْكُرُ اللهَ تعالى في السرَّاء والضرَّاء، فهو طائِرٌ يعيشُ فِطرَتَه بكلِّ مفرداتها، ولا يهمُّه القفص ولا تُؤثِّر في تديُنِه شجرة..
مخلوقٌ رائِعٌ يُسَبِّحُ ربَّه على أية حال وكيفما يكون..
إنَّني أسمعُ تسبيحَه فيزداد شوقي لأن أكون في تديني بمشاعر عُصْفور..
……
أمَّا الرابِعُ فقد كان مشتغلًا بدراسة العصفور في مختلف أحواله وحالاته، حتَّى إنَّه عرض مبلغًا من المال لشرائه من صاحبه ليراقبه في القفص ثُمَّ طليقًا، وسوف يكرِّرُ العملية مع عشرات العصافير، والغاية هي الخروج بنتائج (علمية) دقيقة..
……
تلك رؤى أربع، ولستُ بِصدَدِ التعليق عليها، فما يهمُّني فِعلًا أن أتأمَّلها والقارئُ العزيزُ، ثُمَّ إنَّ من يُحِبُ إتحافي برأيه، فأنا له إنْ شاء اللهُ تعالى مِنَ الشاكرين، وللهِ عَزَّ وجَلَّ مِنَ الحامدين.
السيد محمد علي العلوي
25 محرم 1436 هجرية
19 نوفمبر 2014 ميلادية