لو كان للسَّماء (كبد)..!!

بواسطة Admin
0 تعليق

لانبطَّتْ.. لانفقعتْ.. لفَقَعَتْ..

يقول العلماء: إنَّ لحركة الحيوانات في ما يسمى بالصراع من أجل البقاء موازين ومعايير دقيقة جِدًّا، فهي تفترسُ وتأكلُ بحسابات تحافظ بحفظها على موازين القوى في عالمها الحيواني والنباتي، ولو تُرِكَتْ دون تدخلات خارجية لما احتاجت لتدخلات أخرى بحجة المحافظة عليها ومحاربة انقراض بعضها!!

تتحرك الحيوانات في نظام دقيق لا تتعداه وترفض الجور عليه؛ لما في ذلك من تهديد مباشر لحياتها، ولذلك نرى في المرئيات الوثائقية كيف أنَّ السباع تعيش بشكل طبيعي إلى جانب الغزلان والضباع وغيرها مادامت شبعة، ولو أنَّها تواصل الهدوء في ما بينها لفسد مجتمعها!

هكذا هي الحيوانات.. هكذا هي العجماوات.. هكذا هي البهائم، ونحمد الله تعالى حمدًا كثيرًا أنَّها لم تُرزق كما رُزِقَ الإنسانُ عقلًا!

أمَّا الإنسان ففساده في التناحر والتقاتل والتعدِّي على بيئته الطبيعية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ).

  • مشهدٌ:

نظام بِيئِّي دقيق يمتَّد بجذوره في عمق التاريخ، إنَّه مسطحاتٌ مائيةٌ عذبةٌ في العراق يصل عمرها إلى ستَّة آلاف سنة، تسمَّى (الأهوار)..

تعرَّضتْ (الأهوار) لمحاولات تجفيف متعدِّدة كان يقوم بها الملوك والسلاطين لأغراض مختلفة كُلُّها تصبُّ في المصلحة الشخصية والأطماع النفسية، غير إنَّ واحدة منها لم تنجح حتَّى جاء مهندِّسو الطغيان البعثي تحت قيادة صدَّام التكريتي بمشروع (النهر الثالث)..!!

إنَّه (نهر صدَّام) الذي أراد به تجفيف الأهوار للقضاء على بؤرة المقاومة وتسهيل الطريق أمام الجيش البعثي للدُّخول وفرض السيطرة بشكل أسرع وأكبر.

تصرُّف حزبيٌّ مقيت أدَّى إلى تشريد الآلاف من الأسر العراقية التي كانت تعيش على الثروتين المائية والزراعية من الأهوار، والأكثر بؤسًا أنَّ هذا التجفيف الإجرامي سوف يؤثِّر بعد حين على إمدادات المياه الجوفية التي تصل إلى النجف وكربلاء حيث حقول الحبوب والأرز، ناهيك عن ما سبَّبه من إضعاف لمنطقة الجنوب العراقي برمَّتها، ولو كان في المقام سعة لاستطردتُّ بذكر جانب من الآثار الاجتماعية والثقافية والتربوية لجريمة تجفيف الأهوار على العراق والدول التي تتأثر بتغيراته وخصوصًا على الصعيد الثقافي.

هلك صدَّام، وإلى هلاك حزبه بحول الله وقوته، ولكنَّ المآسي لا زالت في توالد وتراكم، فقرارات وأفعال النظام الصدَّامي لا تنتهي آثارها بانتهاء حزب البعث المجرم، وكذلك حال كُلِّ فعل له مثل هذه الصفة الوجودية.

كلمة واحدة تجد طريقها بين الجماهير، فإنَّها كفيلة بتغيير موازين ومعادلات بحسب قوة وضعف مسؤوليتها وبعد نظرها، فكيف بقرارات وأفعال من منطلقاتِ قوة واستبداد؟

لم يُقصِّر الله تعالى معنا، وحاشاه التقصير سبحانه ربّ العزة الذي قال (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ)، ولكنَّ الإنسان يتحدَّى القرآن.. يتحدَّى الله تعالى، فيدفن البحار ويسوي الغابات ويطمُّ العيون!!

يتعدَّى على كُلِّ ما تطاله يداه وكأنَّه الحالة العملية الفرعونية (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)، وهل رأيتم مخلوقًا يدمِّر إنسانيته ومجتمعه وبيئته وكُلَّ ما هو جميل بين يديه مثل الإنسان؟

لو كان للسماء (كبد)، أوليست اليوم في خبر كان (بطًّا وانفقاعًا)؟

(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، اللهم اجعلنا من القلة الثابتة على العمل الصالح والتواصي بالحقِّ والصبر، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

 

السيد محمد علي العلوي

18 محرم 1436 هجرية

12 نوفمبر 2014 ميلادية

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.