متَى يُرتِّبُ الإنسانُ أثرًا بفعلٍ أو إجراءٍ معيَّن تِجَاه أمرٍ ما؟
لا شكَّ في أنَّ العِلمَ سببٌ لترتيب الأثر، ونقصد بالعلم التصديق بنسبة الحكم للموضوع..
مثال:
التصديق بثبوت نسبة النبوة (الحكم) لمحمَّد صلَّى الله عليه وآله (الموضوع) في (محمَّد نبي)، يقتضي ترتيب الأثر بإطاعته وامتثال أوامره والتصديق بما يقول..
يقعُ شيءٌ من الضعف في التفريق بين العلم والظن، والاطمئنان.. والوهم، فيُحسَبُ الظن أو الوهم المخالط للخوف أو التدافع النفسي علمًا، وهنا تظهر المشكلة في ضعف ترتيب الأثر وجدية العمل بمقتضى الحالة!!
يحصل العلمُ بطرق خاصَّة، منها التواتر المُضبط بمجموعة من الشروط التي لا يصح التهاون في مراعاتها، ومنها المشاهدة مع الإحاطة العلمية بالأسباب والمسببات، وسلامة الحواس والذهن من المؤثِّرات المُشَوِّشة والصارفة عن الموضوعية..
ما لم تتحقَّق طُرُقُ العلم بشكل واضح فالأمر حينها ينتقل إلى الظنِّ، ولهذا أيضًا شروط وضوابط خاصَّة، منها وثاقة المِخبِر، فخبره حينها لا يمكن أن يفيد أكثر من الظن القوي إذا كان هو في أرفع درجات الوثاقة، إلَّا أن يحتفَّ خبرُه بقرائن تُفيد القطع بالوقوع..
دعوني أضرب مثلًا، وهو في الواقع مثلٌ مُهِمٌّ جدًّا..
ورد خبرٌ من عشرين جهة مختلفة، وكان موضوعُه نسبة الفاحشة (والعياذ بالله) إلى امرأةٍ!!
زاد المُخبِرُونَ عن العشرين، فقال جمعٌ، متوهمين، بتواتر الخبر، وبذلك حصل العلم!!
دققوا أيُّها الأحبَّة..
بعد أيَّام انكشف أنَّ مصدرَ الخبر شخصٌ واحِدٌ نشره في أفراد متفرِّقين، فصار هو بعد حين متواريًا تمامًا خلف جمهرة من المُخبرين وبشكل أشبه بالطوفان!
على من وقع الضرر؟؟ .
وقع على المرأة، أمَّا الناس فأغرقهم التذبذب؛ لوقوعهم بين ضغط الأخبار، وبين مخالفة الحال لأصل نفسي تكويني، هو ترتيب الأثر بحسب الواقع العلمي (علم .. ظن .. شك .. وهم)..
عندما يُطلب من الناس ترتيب الآثار العملية المناسبة لمقتضى الحال، فلا بُدَّ من مخاطبتهم بما هو واقع فعلًا.. دون إفراط ولا تفريط.. ودون مبالغات ولا تسخيف..
وقبل ذلك لا بُدَّ من تقديم بعض المفاهيم المهمَّة في صِيَغٍ بيانية تُناسب عامَّة الناس..
نسبة الاحتمال وقوَّة المُحتَمَل.. ترتيب الآثار بناءً على العلم أو الظن أو الطمأنينة.. أو الخوف، ولذلك علاقات وجودية وثيقة بالاحتمال والمحتمل، وما ينبغي أن يُعلم وما ينبغي أن يُعمَل..
عندما يُخاطَبُ الناسُ بهدوء العقل وقوَّة الحِكمة، فإنَّ النتائج حينها أقرب إلى الاتِّزان والصواب..
ولننتبه جيِّدًا..
إنْ نَفَعَ الهيجان والتدافعل الخطابي في مرحلة، فإنَّ آثاره تخلُّفًا في مرحلة تالية.
أنشرُ اليوم إن شاء الله تعالى مقالًا موسَّعًا في هذا الأمر وما يتعلَّق بإسقاط الأحاديث الشريفة على واقع الأحداث..
تاريخ المنشور: 25 مارس 2020 للميلاد