قالوا عن المرأة في الغرب أنها نصف المجتمع، وأقول هنا أنها تكاد أن تكون كل المجتمع، كيف لا وهي مصنع الرجال والنساء؟ كيف لا وهي التي إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق؟ كيف لا وهي الأم؟
عندما نتحدث عن المرأة فإننا نتحدث عن منزل من منازل كل إنسان، ونتحدث عن محل سكن كل رجل، ونتحدث عن الحاضنة، والمرضعة، والساهرة .. عندما نتحدث عن المرأة فإننا نتحدث عن آية من آيات التضحية.
إنني هنا لا أوجه كلامي للرجل حتى يعي قدر المرأة، ولكنني أخاطب المرأة وأطالبها وحقي أن أطالبها بأن تعي قدر نفسها وتعلم أنها صمام أمان في هذا المجتمع، فهي التي إن صلُحت سرى صلاحها في الأمة، وإن فسدت (والعياذ بالله) ضاعت الأمة.. هكذا هي المرأة.
أختي الفاضلة، اعلمي جيداً أننا اليوم نعيش زمناً تحوطنا فيه المخاطر من كل حدي وصوب، فلا نحن في أمان، ولا أولادنا في أمان، ولا بناتنا في أمان بعد أن شَمَّرَ الشيطانُ عن ساعديه وتَأَخْبَطَتْ جنودُه من الجن والإنس فامتدت أذرعهم في كل بيت، بل وحتى في غرف نومنا رافعين إفسادهم بشعارات خداعة يحققون بها تحديهم (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ).
وفي الجانب الآخر نحن موعودون بوراثة الأرض (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)، وبملاحظة الواقع مع الوعد الإلهي نفهم أننا في حاجة إلى حماية أنفسنا من الشيطان وجنوده والبعد عن خطواتهم (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) من جانب، وإعداد العدة لوراثة الأرض على يد صاحب الأمر بقية الله الأعظم الإمام المهدي المنتظر (عجل اللهم فرجه الشريف)، وهذا لا يمكن أن يكون ولا يمكننا أن نحقق إنجازاً إلا عبر المرأة الصالحة إذا ما هي عقدت العزم على صناعة جيل من المؤمنين والمؤمنات المتدينين والمتدينات الذي يحملون هم الرسالة ويكونون على أتم الاستعداد لتحمل مشقة الطريق في سبيل الإعداد لدولة الحق المهدوية.
ها نحن أيتها الأخوات نحتفل في مثل هذه الليالي بذكرى مولد المنقذ الوارث الإمام المهدي (عليه الصلاة والسلام)، وقد نجعل من احتفالنا هذه المرة احتفالاً بك أنت أيتها الأم الصالحة؛ فليس من بناء صالح إلا بصلاحك وإصلاحك، وما أجمل أن تعلمي بأنك أم سواء تزوجت أم لا، وسواء أنجبت أم لا، فأنت أم لهذه المجتمع تؤدين أسمى الرسائل السماوية بحجابك وسترك وعفافك، وهذا ما ننتظره منك في طريقنا ونحن نقصد راية الظفر المهدوية.
سيدتي الجليلة ..
لا تغفلي أمراً مهماً، وهو أن سورة كاملة في كتاب الله العزيز سجلت باسمك، وهي سورة النساء، ولا ينسينك الشيطان أن المولى (تبارك ذكره) قد ركز على سلوكك ووجهه في خاطب خاص أخذ حيزاً من سورة الأحزاب، فالمرأة كانت زوجة وأمَّاً للرسول وللأئمة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، فالرسالة الموجهة إليها هي متعدية إليك، وهذا أمر ينبغي لك أخذه بعين الاعتبار دائماً.
ننتظرك –أيتها المرأة- الفاضلة صانعة لرجال ونساء يمهدون الطريق لدولة هي أمل المستضعفين وتاج المتدينين، فهلمي بسترك وخذي مكانك الرسالي مربية وحامية لجيل طلائعي لن نهدأ حتى يكون شاخصاً في كل بقعة من بقاع الأرض.
السيد محمد علي العلوي
14 شعبان 1430هـ
6 أغسطس 2009