الإِعْتِذَارُ الصَادِقُ جُنَّةٌ، يَاكِبَار فَاسْمَعوا..

بواسطة Admin
0 تعليق

بداية أسأل الله تعالى أن يجعلنا من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) فيشار إلينا مع (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ).

الطبيعي أن يخطأ الإنسان ليتعلم من خطأه ويتحول بأريحية البشر من الوراء إلى الأمام في رحلة التكامل الفكري التي خلق من أجلها (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)، ولأن الخطأ ضرورة تنموية للإنسان نرى الله سبحانه وتعالى وهو يفسح المجال أمام الملائكة ليحاوروه بأدب، وأمام إبليس ليحاوره بصلافة وتحدٍّ، أما الملائكة فقد تعلموا من خطأهم، في الوقت الذي وقع فيه إبليس في شر أعماله، وكلامي هنا عن الملائكة وكيف بينوا موقفهم بعد أنكشاف الحقيقة بالدليل والبرهان، قالوا: (سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).

وفي ميدان الأرض وبعد أن فعل أخوة يُوسُف بأخيهم الأفاعيل حتى ذهب بصر أبيهم عليه حزنًا جاؤوا و(قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) فأجابهم (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)..

الوضع الطبيعي إذًا أن يخطأ الإنسان فيراجع نفسه ويكتشف خطأه ويعتذر ليواصل دربه بكل سلاسة، أما غير الطبيعي فأن تمر عقود من الزمن على شخص أو كيان له وجوده الجماهيري في الساحة ولا نسمع بأنه قد أخطأ يومًا، والأنكى أنه إذا لاحت علامات وقوعه في خطأ ما انبرت الأقلام والصحف مبررة بل وموجهة إلى أن الأمر كان في أعلى درجات الحكمة بحيث أن (عامة) الناس لم تفهمه فحسبته خطأ!!

أعلم جيدًا بأن مجموعة من القراء الأكارم ينتظرون على أحر من الجمر اسمًا قد أذكره على بعض السطور، وإن لم يجدوه فإنهم وبسرعة شديدة سوف يزعمونه بين السطور ليتركوا كل الحديث ويصطنعوا توجيهًا من عندياتهم ممارسين البتر واللصق على (أسس علمية) لست في قوتها على الإطلاق، وعلى أية حال.. بسم الله..

من مصاديق عدم الاعتراف بالخطأ والعمل على تبريره بما يلبس على الكثير جدًا من الجماهير ما مارسته الغالبية العظمى من قوى المعارضة السياسية للدفع نحو القبول بما يسمى (ميثاق العمل الوطني) وحث الناس للتوقيع عليه، ولن أذكر ما رافق (واقعة) الميثاق من احتفالات وندوات ومهرجانات وما دار في فلك ذلك..

على ماذا وقع الشعب؟

جاء في الفصل الثاني من (ميثاق العمل الوطني) – نظام الحكم:

“أولا : الأمير

نظام الحكم في دولة البحرين ملكي وراثي دستوري ، على الوجه المبين في الدستور والمرسوم الأميري الخاص بالتوارث. والأمير هو رأس الدولة، وذاته مصونة لا تمس، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وهو رمز استقرار البلاد، والركيزة الأساسية التي يرتكز عليها نظام الحكم في دولة البحرين.

نفهم أن الملكية (الوراثية) الدستورية لها وجه يبينه الدستور، فلم تترك هكذا للفهم العام فيفسرها كل بحسب تصوراته، وأوليًا لسنا في حاجة للرجوع إلى الدستور، فقد فسرت الفقرة التالية من نفس الميثاق معالم (الملكية الوراثية الدستورية):

“ويباشر الأمير سلطاته بواسطة وزرائه. والوزراء مسئولون أمام الأمير، وهو الذي يعيّن رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ويعفيهم من مناصبهم، وفقا لسلطاته المبينة في الدستور.“.

ألم يوقع الشعب على أن تعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء وإعفاءهم إنما هو حق للأمير (وحاليًا الملك) ووظيفة من وظائفه؟؟!!

صرحت بعض القوى السياسية بغلطتها ولكن ليس في قضية التوقيع على الميثاق، وإنما في أنها وضعت الميثاق الذي وقع عليه الشعب في (أيدي غير أمينة)!!!

من حقنا (كبشر) أن نسأل: لماذا كانت نسبة الموقعين على الميثاق 98.4%؟ على ماذا وقعت قوى المعارضة السياسية؟ أليست طبيعة (الملكية الوراثية الدستورية) مبينة في نفس الميثاق؟

منذ 2002م وحتى قبيل 14 فبراير 2011م حينما تحرك الدم الناهض في شريان البحرين، ماذا كنا نصنع سياسيًا؟ وعلى أي مدى ساهمنا في استقواء الظالم علينا؟

كلها أسئلة من حقنا أن نحصل على إجاباتها دون اتهامنا بالخيانة أو عدم الحكمة وما شابه مما يضيق منه الصدر ولا يرضاه الله سبحانه وتعالى..

أعيد نفس السؤال: لماذا عندما نخطأ لا نعترف ونلتمس العذر ممن أخطأنا في حقه؟ هل يقلل ذلك من شأننا؟ هل يعتبر منقصة أو ماشابه؟

وأكرر أيضًا: نحن مقبلون على مرحلة تاريخية وأيام حبلى بمفاجآت قد لا تخطر على بال الكثيرين، وإن لم نتمكن من تقويم سلوكياتنا الفكرية والأدبية فأخشى ما أخشاه أن نعود إلى الوراء كما أعادنا (البرلمان) إلى الوراء.. وقد تحدثت عن هذا الأمر كثيرًا..

وختامًا أقول و(مع الفارق طبعًا): عند الجماعة طاعة ولي الأمر واجبة، وهم يرون بأنه يرى ما لا يرى غيره، ولذلك يحرم الرد عليه إلا من باب النصيحة فإن قبلها كان بها، وإلا فطاعته تبقى واجبة.

وبين ضلوعك أيها اللبيب أرمي كلمتي. 

  

السيد محمد علي العلوي

29 صفر 1433هـ / 23 يناير 2012م

 


 

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.