الحقُّ الذي ينبغي أن يتَّبع واحد لا يتعدّد، وهو ما أراده الله تعالى، أمّا ما هو بخلافه فهو باطلٌ غير مطلوبٍ من الله تعالى دون شك، لذا لزم أن نعرف الحق ونتَّبعه ونجتنب الباطل، ولزم أن نتوحّد حول الحق، وهو ما يثبته القرآن الكريم ورسول الله (ص).
قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)[المائدة/٥٥]. وهي آية واضحة في الدلالة على تعيين الوليّ، والتشخيص واضحٌ في الروايات، والمقصود بمن يؤتون الزكاة وهم راكعون هو علي ابن أبي طالبٍ (ع).
عن أمّ سلمة (رض) قالت: سمعتُ رسول الله (ص) يقول وهو آخذٌ بكفّ علي: الحق مع عليّ يدور معه حيث دار. [أمالي الطوسي].
قال رسول الله (ص): إن الله يبغضُ من عباده المائلين عن الحق، والحقّ مع علي وعلي مع الحق، فمن استبدل بعليٍّ غيره هلك وفاتته الدنيا والآخرة. [الروضة].
وقال (ص): سيكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا عليَّ بن أبي طالب، فإنه الفاروق بين الحقِّ والباطل. [كشف الغمة].
يتضح مما مرّ أن الحق مع علي (ع)، فهو يوحدنا على الحق، أما من يخالفه فهو على باطلٍ دون شكٍّ أو ريب، وذات المعنى ثابت لباقي الأئمة من ولده (ع) من بعده حتّى الإمام القائم (ع)، فهو ثابت للإمام الحسين (ع)، فالحسين مع الحق والحق مع الحسين.
بناءً عليه أقول أن الحسين (ع) يوحّدنا بالحق كما كان رسول الله (ص) وعلي والحسن وفاطمة (ع)، لا بالبعد عن الحق، فمن أراد أن يعيش الوحدة الحقيقية فهي في دائرة الحقّ الذي يمثِّله الحسين (ع)، أما الشعارات فهي واجهةٌ لا تمثل الحقيقة دائمًا، فهي شيءٌ والواقع شيء آخر.
دائرة الوحدة التي يمثلها الإمام الحسين الشهيد (ع) هي ذات الدائرة التي مثَّلها رسول الله وعلي (ص) ويمثِّلها المنتظر (ع) في المستقبل، فهي معروفةٌ واضحةٌ ومفتوحةٌ لمن أراد الدخول، أما من أراد البعد عنها فذاك شأنه، ولا يحق لي ولا لغيري إدخاله في الدائرة ما لم يكن منها فعليًّا، وعلى ذلك فالإنسان هو من يجب عليه التحرك من أجل الوحدة في دائرة الحسين (ع)، دائرة الحق، أما إدعاء حبّه بكلمات أو أبيات شعر أو ما شابه لا تغني صاحبها شيئا، فالطريق واضحٌ وباتباعه تدخل في الدائرة، وبمخالفته أنت في ضلال وأنت تسلك طريق الباطل.
الإمام الحسين (ع) إذًا يوحّد المؤمنين الذين عرفوا الحقّ فاتبعوه، أما من عرف الحقّ وخذله أو نأى عنه فهو ليس ممّن توحَّد بالحسين (ع) مهما قلنا من كلماتٍ وزرعنا من شعارات.
الحسين مع الحق، والحقّ مع الحسين؛ وطريق الوحدة -الحقيقية- الوحيد هو الدخول هذه الدائرة.
ليست المسألةُ طائفيةً كما قد يتوهَّم البعض، فمن أراد أن يستفيد من مدرسة الإمام الحسين (ع) له ذلك، فكل البشرية يمكن أن تستفيد مما قدَّمه في حياته كلّها وفي كربلاء، لكن الوحدة الحقيقية شيءٌ آخر لا يصح أن نخلط بينها وبين غيرها.
محمود سهلان
٢٨ من ذي الحجة ١٤٣٩هـ
٩ سبتمبر ٢٠١٨م