{تفكيرُ ساعة أفضلُ مِنْ عبادةِ سبعينَ سنة}
لأنّ التفكيرَ يقودُ إلى العبادةِ، والعبادةُ لا تقودُ إلى التفكيرِ، بل هي بحاجة ماسّةٍ للتفكّرِ لتكونَ عبادةًً حيّةًً،ذاتَ روحٍ.
{والفكرُ مِرآةٌ صَافيةٌ}
إِذْ فيها تنعكسُ حقائقُ الأشياءِ بصفاءٍ و وُضوحٍ.
{الفِكْرُ يُنِيرُ القُلُوبَ}
ليس الفِكْرُ جَمْعَ المعلوماتِ، وإنَّما هو غَرْبلةُ تلك المعلوماتِ وتحليلُها وتركيبُها لتنتجَ فَهْمًا ووَعْيًا وإحاطةً بمُدركاتٍ جديدةٍ.
التَّفكُّّرُ نُورٌ و هو أولُ الخطواتِ لتحصيلِ العلمِ
ليس العلمُ هو المعلومات، العلم هو الإحاطة بالشيئ، أو هو وجدان القلب للشيئ {ماذا فقد من وجدك}
{وجدتك بعضي بل وجدتك كلي}
{وو جد الله عنده}
نعم المعلومات تشكِّل لبنات العلم كما أنَّ الطوب لا تشكل بيتًا و لكن منها يتشكل البيت ويُبنى، والفكر هو عملية البناء والتشكيل.
والعلم ينسب للقلب والفكر ينسب للعقل..
العقل لا يعلم ولكنَّه يفكر ويلقي بنتائج تفكيره إلى القلب والقلب يعقلها ويفقهها ويعلمها، والقلب إنَّما يعلم ويفقه الحقائق إذا اعتدل واستوى حاله، أمّا إذا لم يكن كذلك فإنَّه يعمي عن الصواب، فالمحب المفرط في حبِّه لا يدرك عيب محبوبه، وكذلك المبغض بالنسبة لمن أبغضه، وعلى ذلك قس بقية أحواله والتي ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلمة له وردت في كتاب نهج البلاغة وغيرة من كتبنا الروائية.
قال (عليه السَّلامُ): “لقد عُلّق بنياطِ هذا الإنسانِ بضعةٌ، هي أعجبُ ما فيه، وذلك القلبُ. وله موادُّ من الحكمةِ، وأضدادٌ من خِلافِها. فإن سَنَح له الرجاءُ، أذلّهُ الطمعُ، وإن هاج به الطمعُ أهْلكَهُ الحرصُ، وإن مَلكَه اليأسُ قَتلَهُ الأَسفُ، وإن عَرضَ له الغَضبُ اشتدَّ بهِ الغيظُ، وإن أسْعدَهُ الرضا نَسِيَ التَّحفُّظَ، وإن نَالهُ الخوْفُ شَغلَهُ الحذرُ، وإن اتَّسعَ له الأَمْنُ اسْتَلبَتهُ الغِرَّةُ، وإن أفاد مالًا أْطغاهُ الغِنى، وإن أصابَتهُ مُصيبةٌ فَضحهُ الجَزعُ، وإن عضَّتهُ الفاقةُ شَغَلَهُ البلاءُ، وإن جَهدَهُ الجُوعُ قَعدَ بِهِ الضَّعفُ، وإن أَفْرطَ بِهِ الشّبعُ كظَّتْهُ البَطْنةُ، فكلُّ تقصيرٍ بِهِ مُضرٌّ وكلُّ إفراطٍ لهُ مُفسِدٌ”.
صالح جعفر آل جواد الجمري
25 من ذي الحجة 1439 للهجرة