في الوجاهة بالحسين (عليه السلام)-2

بواسطة Admin
0 تعليق

في الوجاهة بالحسين (عليه السلام)-2

  • الدلالة والمعنى:

كان من الممكن أن يقول في الزيارة: (اللهمَّ اجعلني عندَّك ذا وجهٍ بالحسين في الدنيا والآخرة)، ولكنَّه قال “وجيهًا”، وقالوا في دلالات هذه الصيغة (فعيل) أنَّها تفيد التحقُّق على جهة الثبوت والدوام، فيكون المعنى كالتالي:

(اللهم اجعلني عندَّك ذا وجهٍ محقَّقًا ثابتًا دائِمًا بالحسين)، فالوجيه صيغة مبالغة لصاحب الوجه.

الوجه هو ما يُعرف به الإنسان معرفةَ تميُّزٍ في الخير، فمن يُعرف بسبب ماله يكون وجهًا به، وهكذا، أي أنْ يكون ما يُعرف به طاغيًا على باقي صفاته وأوصافه وسماته، ولو عندَّ الناظر.

يقال: فلانٌ وَجُوهٌ.

ويقال: مَوجُوه.

ويقال: وجيه.

في الأولى تدلُّ على كونه ذا وجهٍ حالًا، وقد لا يكون كذلك مُستقبلًا، وفي الثانية قد يكون ذا وجهٍ حالًا وقد لا يكون، فصيغة مفعول أعمُّ من الحدوث حالًا ومستقبلًا.

أمَّا الثالثة فتدلُّ على التحقق والثبوت والدوام.

والوجهُ المنزِلَةُ ورِفعَةُ الشأنِ، وهي بين الناس وعندَّهم قد تكون بسبب المال أو النسب أو الأمانة أو الإقدام أو ما شابه، فيكون الرجل وجهًا بماله أو بأمانته أو بنسبه أو بإقدامه.

  • البناء:

في زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) نقف على مشتركات مفاهيمية ثابتة:

1- الارتباط بالأنبياء والرسل والأوصياء من لدن آدم (عليه السلام) إلى أخيه الإمام الحسين (عليه السلام)، وياقوتة التاج السيدة الزهراء (عليها السلام).

2- التأكيد على مظلوميته خاصَّةً وما جرى عليه من جورٍ سافر.

3- التأكيد على البراءة الكاملة التامَّة من كلِّ من شارك في ظلمه (عليه السلام) ولو بمجرَّد الرضا.

4- لعن، وتكرار لعن الظالمين لآل محمَّد (عليهم السلام) على وجه العموم، ولأبي عبد الله (عليه السلام) خصوصًا وتأكيدًا.

5- إظهار الاستعداد لنصرة الإمام المهدي (أرواحنا فداه) وهو الآخذ بالثأر الأكبر.

6- إظهار الاستعداد للفداء بالغالي والنفيس، وإن كان الأب والأم والولد.

يأتي البناء في: ” اللهم اجعلني عندَّك وجيهًا بالحسين في الدنيا والآخرة”.

ما أفهمه هو أنَّ الوجاهة بالحسين (عليه السلام) يمنُّ بها الله تعالى على من قامت فيه تلك الأصول، وهي أصول للوجاهة، ولكنَّها بناء على أصول أخرى محورها الوَلاية، ولذلك قال: “عندَّك”، ومن ثمارها تجنُّب الوقوع في أخطاء البشر عندَّ توزيع الوجاهة االحسينية وسلبها متى ما اقتضت مصلحةٌ أو ما شابه.

“اللهمَّ اجعلني عندَّك وجيهًا بالحسين في الدنيا والآخرة”.

والمعنى -بحسب فهمي القاصر- كالتالي:

اللهمَّ أكمل أركان ولاية أهل البيت (عليهم السلام) في نفسي عقيدة وعملًا، حتَّى أستحق أن أكون بين يديك معروفًا وذا منزلة وشأن بالحسين (عليه السلام) في الدنيا فأُكرمُ وأنجو من الشيطان وجنوده، وفي الآخرة فيؤذن لي بالشفاعة.

  • بالحسين (عليه السلام):

يقول الله تعالى (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)، وقد كانت كربلاء من أعظم مظاهر المواجهة بين الحقِّ المحض والباطل المحض، فهي سنام التاريخ وجهة الإشراف العليا، ومنها الشهود على خط الزمن من:

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ* إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

وحتَّى:

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ).

فكربلاء هي قِصَّة الحياة ومحور الابتلاء، ومن يكون على طول خطِّ الزمن مع الحسين (عليه السلام) بالشروط التكوينية الثابتة، فهذا كاشف عن كونه على الوَلاية كمالًا وتمامًا، فهو المستحقُّ للوجاهة عندَّ الله تعالى في الدنيا والآخرة.

فالوجاهة عندَّ الله تعالى بالحسين (عليه السلام) في الدنيا والآخرة مقامٌ رفيعٌ وطريقٌ عزيزٌ هو يمين الثلَّة من الأوَّلين والقليل من الآخرين.

السيد محمَّد علي العلوي
4 من المحرَّم 1438 هجرية

6 أكتوبر 2016 ميلادية

 

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.