ليس من حركة في مسيرة الإمام الحسين (عليه السلام) إلَّا وكانت تجسيدًا حقيقيًا للعقل والتعقل والحِكمة، وجدير بمن يُحيون أمره (عليه السلام) الإصرار على التمسُّك بالعقل والتعقل والحكمة..
في هذه الحلقات أحاول تحسُّسَ شيءٍ من مُطيِّبات العقل والتعقل والحكمة..
ينقل بعض المؤرِّخين لواقعة الطفِّ أنَّ مقتلةً عظيمةً وقعت في جيش العدو مع كلِّ فارس حسيني يبرز للدفاع عن حريم أبي عبد الله (عليه السلام)، وقد بلغت أعداد القتلى حدًّا يستنكره البعضُ ويسلِّم له بعضٌ آخر.
المشكلة ليست هنا، ولكنَّها في تبادل التهم بين المُنكرين والمُسلِّمين، فهذا يقول لذاك: أنت جاهل، وذاك يقول لهذا: أنت لا تعرف الحسين!
لا تليق هذه الانتهاءات الاستعدائية بالعقلاء، ففي الأمور سعة من هدوء وتعقل وحكمة، فلندقق قليلًا..
من السعة أن نقولَ مثلًا:
يذهب المُنكرُ إلى أنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) يعمل بالأسباب وفي ضمن الأطر الطبيعية، وبحسب موازين الطبيعة فإنَّ هذه الأعداد بعيدةُ الصِدق.
يذهب المُسَلِّمون إلى أنَّ هذه الأعداد الضخمة كانت من باب إتمام الحجَّة على القوم، وذلك بأن يشهدوا بأمِّ العين هذه القدرات الخارقة عندَّ الحسين (عليه السلام) وأولاده وأصحابه، فلا يكون لهم عذر في عدم التسليم بموضع الحقِّ.
هذا مبنى وذاك مبنى، وهذه رؤية وتلك رؤية، والبناء المنطقي قريب منهما صورةً، كما وأنَّ المادَّة غير مرفوضة، فلِمَ التنازع أيُّها الأحِبَّة؟
ملاحظة:
قد يناقش البعض في نظرة الآخرين إلينا ونحن ننقل ما لا تقبله موازين المادَّة.
أقول: هذا بحث آخر تأتي الإشارةُ إليه في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى.
* تعالوا لنحب بعضنا البعض ونحترم التوجُّهات الفكرية في أطر والقيم العالية.
مع صادق الدعاء
السيد محمَّد علي العلوي
23 من ذي الحجَّة 1437 هجرية
25 سبتمبر 2016 ميلادية