المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول

بواسطة Admin
0 تعليق

المبادئ التصورية والتصديقية

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلَّى الله على محمَّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

مراجعة على كتاب:
(المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول)
للسيد مرتضى الحسيني الشيرازي

ينطلق المصنِّفُ السيد مرتضى الحسيني الشيرازي في كتابه من فكرة “ضرورة تدوين (علمٍ) يكون بمثابة رابع علوم (الفقه) و(الأصول) و(القواعد الفقهية)” وهو علم المبادئ التصورية والتصديقية، وذلك بعد أن تمَّ بالفعل فرز علم الأصول عن علم الفقه، والقواعد الفقهية عنهما. وقد فهمتُ أنَّ تلك الضرورة التي يراها (حفظه الله) ناشئة من تأثير الاستطراد بشكل سلبي في نيل المبادئ “حقها في البحث والدراسة كما ينبغي“.

أتصور بأنَّ السيدَ المُصنِّف قد أجاد النظر، وأعتقد بأنَّ هذا الفرز لا ينبغي أن يقتصر على علمَي الفقه وأصول الفقه فقط، بل من المهم جريانه في علوم أخرى بما يكفل التأهيل لفهم أوسع من جهة وأكثر عمقًا من جهة أخرى.

اختار السيد مرتضى الشيرازي كلامَ الشيخ الأعظم الأنصاري (قدِّس سرُّه) في مبحث القطع من رسائله ليكون المحور لعناوين بعض البحوث والمسائل التي يطرحها، وأمَّا كلام الشيخ فهو:
فاعلم أنَّ المكلَّف إذا التفت إلى حكم شرعي، فإمَّا أن يحصل له الشكُّ فيه أو القطعُ أو الظنُّ، فإن حصل به الشكُّ فالمرجع فيه…”.

ومن هذه العبارة ذهب مُحلِّلًا، فقال:

(المكلَّف) وأطرافه الثلاثة اللاتي يتقوم بها، بما هو مكلَّف، أي بوصفه، وهي: (المُكلِّف) و(المكلَّف به) و(التكليف) وهو (الحكم) و(الشرعي)، و(الالتفات)، والحالات الثلاث) العارضة للمكلَّف، وهي (الشكُّ) و(القطعُ) و(الظنُّ)، بل ورابعها وهو (الوهم) أيضًا، و(الحجج) على التكاليف، و(المخاطب) بها، و(المبادئ التصورية والتصديقية) لخصوص عِلمَي الفقه والأصول“.

هذا وما ذهب فيه من تحليل وتفريع، يقع كلُّه في أصول محاور البحث، قبل تحديد محور المباحث وهو المردد بين: المكلّف/ التكليف/ الحجَّة عليه، ويحدد الغاية من هذا التحليل في حصر مصبِّ مباحث الأصول والفقه.

بعد هذا المدخل التأسيسي، يقسِّم الباحثُ الكتاب في ستة مباحث، هي:

١/  مبادئ العلوم وأجزاؤها (البناء الداخلي للعلوم).

ويبحث فيه ثمانية عناوين تشكل بناء المبادئ، أو فلنقل: أركان المبادئ، وهي من بعد تعريفها وتقسيمها إلى تصورية وتصديقية:
الأدلة وأقسامها، ثمَّ المبادئ الأحكامية، ومن بعد ذلك بيان معاني: القضية، والمطلوب، والنتيجة، والمبدأ، والمقدمة، والمسألة، ويختم ببحث موقع المبادئ التصورية والتصديقية في الأصول.

٢/  بحوث في الموضوع.

وفيه خمسة فصول بحث فيها (الموضوع) من حيث كونه معروضًا للذاتي والغريب، ثُمَّ ناقش الأقوال في موضوع الأصول وتردده بين كونه الحجَّة أو الأدلة الأربعة، مرجحًا الأوَّل بعد مناقشة بالإيراد والحل.
ومن بعد ذلك ناقش تعريف علم الأصول، والموضوع المستنبط، وختم ببحث الموضوع الصِرف مع القطع عن أي حيثية أو اعتبار.

٣/  بحوث في الحكم والتكليف.

وبعد مناقشته لمعنى التكليف، قسَّم بحوث الحكم والتكليف على فصول ثلاثة، ناقش فيها المراد بالحكم الأعم من الشرعي والعقلي، وشمول الحكم للوضعي، وإطلاقاته، وشرائط التكليف.

٤/  بحوث في الحجَّة.

بكل موضوعية أقول: لقد أبدع المُصنِّف أيما إبداع في خصوص هذا المبحث، وقد يكون ذلك لمصنَّف سابق بحث فيه خصوص عنوان (الحجَّة)، وناقش هنا عنوان (الحجَّة على الحجَّة) في الإجماع بقسميه المنقول والمحصَّل، والشهرة، وحجية اجتهاد المجتهد لنفسه وغيره

٥/  بحث عن المكلَّف.

ناقش أوَّلًا في أصل العنوان، وهل هو (المكلَّف) أو (البالغ)؟
ناقش الباحثُ عدول الآخوند الخرساني (قُدِّس سرُّه) من (المكلف) في كلام الشيخ الأعظم (قدِّس سرُّه) إلى (البالغ الذي وضع عليه القلم)، ورجَّح عدم صوابية ذاك العدول، وإن كان فإلى (المُميز) لا (البالغ).

وهذا البحث ليس في المخاطب بالتكليف، ولكنَّه في كون الموضوع معروضًا للقيود، وهذا ما يتضح في بحثه للمُميز وإجراء الأصول العملية، وذلك من حيث إمكان عروض الحالات الثلاث عليه (القطع، والظن، والشك.
وأهميته في بحث لو كان الصبي المُميِّز مجتهدًا وجواز أن يعمل بفتواه، بل وأن يكون مقلَّدًا ولو في الجملة، وغير ذلك من البحوث المهمَّة.

٦/  بحث في (المخاطَب) في الآيات والروايات.

أمَّا محور البحث فينطلق من الإجابة على سؤال:
هل مطلق (المكلَّف) هو (المخاطَب)؟

وللإجابة على هذا السؤال وجد الباحث التقديم بتحديد المراد بـ(المكلَّف)، وذلك بتحديد عنوانه العلمي (مقدِّمة، أو مبدأ، أو مسألة)، وموضوعه إن كان المجتهد أو الأعم.

وقد شكَّل هذا المبحث السادس سنام البحث، وظهرت فيه قوَّةُ الباحث وحِدَّةُ نظره بمناقشته الزامات القيود وحلها.

* في تصوري أنَّ هذا الكتاب قادر على إحداث نقلة نوعية في الذهنية العلمية لطالب العلوم الدينية لو أنَّه يتوسط في المنهج الحوزوي بين أصول المظفر وكفاية الآخوند، وذلك لما فيه من رقَّة التفكيك ومتانة التركيب على أسس علمية قام عليها بحثٌ خالٍ تمامًا من أدنى إنشائيات أو حشويات أو مصادرات، فهو كتاب علمي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

وأشير هنا إلى أنَّ المسألة ليست مسألة فقه وأصول فقه بقدر ما هي مسألة قوة في الحضور العلمي عند المناقشة وخصوصًا في مرحلة التحليل، كما وأنَّ الوقوف الدقيق على المبادئ تصوريةً وتصديقيةً ينبغي أن يكون معيارًا في تشخيص الذهنية العلمية للباحث الأعم من الطالب المبتدئ وغيره.


السيد محمَّد علي العلوي
4 جمادي الأولى 1437 هجرية

13 فبراير 2016 ميلادية

http://www.goodreads.com/review/show/1526278019

 

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.