– لا أرى الموت إلا سعادةً، والحياة مع الظالمين إلا برمًا..
– ماذا يا حسين؟
– إن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا مُحصوا بالبلاء قل الديانون.
خذني معك يا حسين.. سيدي أقسم عليك بحق جدتك الزهراء (عليها السلام) وضلعها المكسور إلا ما أخذتني معك بعيدًا عن هذه الدنيا التي تغطي معالمها أسراب الذباب.. ذباب الموت القذرة..
سيدي خذني معك، فدنيا الآدميين موحشة كئيبة لا أكاد أطيق لا ريحها ولا قطر سمائها..
سيدي يا أبا عبد الله أنت إيمان المؤمنين.. أنت تقوى المتقين.. أنت زهد الزاهدين.. أنت ورع المتورعين.. سيدي أنت جمال المتجملين..
أنت يا سيدي حلواء الإله في هذا الوجود، فكنت هدفًا لقذارة الذباب التي لا تهنئ بالطاهر النظيف.. ولذلك حامت الأسراب على روحك النقية حتى أردت جسدك التراب.. لتموت هي ويسمو في العلا صفاؤك الصفي..
سيدي.. عاد الذباب متجلببًا متنقبًا.. عاد الذباب في صور حمائم الخير والتقوى.. نعم… عاد الذباب
ذباب ما إن يشم رائحة حلوى حتى تُستَفَز في داخله ذبابيته فتظر منه زرقة وخضرة تهدد بتلويث كل جميل..
كَثُرَ الذباب سيدي يا أبا عبد الله.. ذباب بربطة عنق.. ذباب بعمة عالم الدين.. ذباب بلحية متدينين.. ذباب بعين الجواسيس.. ذباب وذباب وذباب.. حتى بات وكأننا نعيش في دنيا الذباب..
سيدي وبالرغم من ثقل الذنوب على ظهري.. وبالرغم من طول السفر وقلة الزاد إلا أنني أرجو رحمة الله تعالى في رحلة الموت والخروج من دنيا الذباب.. فخذني معك سيدي فإن الموت أمسى لي مطلبًا..
أبا عبد الله.. لبيتَ في العاشر من المحرم نداء الرحيل.. ولبى الإله نداك فعرجت ببهاء النور متجاوزًا غباوات البشر بعد أن صرحت بأن الدين لعق على ألسنتهم..
سيدي لا تتركني.. خذني معك…
فوحَقِّكَ.. إنني اليوم للموت طالب..
السيد محمد علي العلوي
9 محرم 1432 هجرية
15 ديسمبر 2010