لا يختلف عاقلان في أن إمامنا الحسين (عليه السلام) يمثل في العقل الشيعي حالة فكرية متكاملة الأبعاد تامة الزوايا، فالحسين (عليه السلام) إمام من حيث هو خليفة لله تعالى، وهو خليفة من حيث هو مُمارس بدقة متناهية لكل تعاليم السماء وأدب الإله، وهو عين الالتزام الشرعي والأخلاقي والأدبي من حيث هو نور الله تعالى في الأرض، وهو نور الله تعالى من حيث هو ميزان الحق ومعيار وجوده..
هكذا هو الحسين (عليه السلام) كمال في كل أبعاده، لا يتخلف عن جانب لصالح جانب آخر ولا يندفع في اتجاه على حساب اتجاه آخر من اتجهات الحق السماوي الواضح، وبذلك فهو (صلوات الله وسلامه عليه) حجة أبدع الحق تبارك ذكره بلاغتها فَبَلَغَتْ بعد أن أَبْلَغَتْ، ولا إله إلا الله الملك الحق المبين..
إن لهذا المقام الحسيني الفارد خطورة بالغة لا يستهين بها عاقل، فالحسين (عليه السلام) كجده رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين، ولكنه في جبهة أخرى نقمة على من يعاند من العالمين، وحتى نستوعب هذه المعادلة جيدًا، تعالوا نتأمل هذه الحادثة بين الإمام الحسين (عليه السلام) وبين عمرو بن قيس المشرفي وابن عمه عندما التقى بهما في قصر بني مقاتل وهو في طريقه إلى كربلاء..
قال الحسين (عليه السلام) لهما: جئتما لنصرتي؟
قالا له: إنا كثيرو العيال وفي أيدينا بضائع للناس، ولم ندر ماذا يكون ونكره أن نضيع الأمانة.
فقال لهما (عليه السلام): انطلقا فلا تسمعا لي واعية، ولا تريا لي سواداً، فإنه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يجبنا أو يغثنا كان حقاً على الله عز وجل أن يكبه على منخريه في النار.
انظر –أيها المؤمن- ببصيرة، فالحسين (عليه السلام) ليس مجرد اسم نعشقه ونهيم في حبه، ولكنه كما هو كذلك فهو أيضًا صوت جهاد وتضحية إن سمعناه ولم نجب كان حق على الله تعالى أن يكبنا في النار –والعياذ بالله-..!!
بالقياس على هذه القاعدة الحسينية يمكننا استيعاب الصورة الولائية جيداً لنفهم بأن صوت الحسين (عليه السلام) كما أنه صوت دعوة للجهاد فهو أيضًا صوت دعوة للصلاة، وهو صوت دعوة للأمانة، وهو صوت دعوة لحفظ حقوق الناس، وهو دعوة للمحبة، والألفة، واحترام الآخرين.. إنه (صلوات الله وسلامه عليه) صوت دعوة لكل قيمة سماوية زاهرة..
من هنا –أيها الأحبة- نطرح السؤال التالي في محاولة لاستلهام حكمة حسينية أولى في ليالي عاشوراء المقدسة:
هل من يسمع نداء الصلاة الفريضة ولا يلبي يكون في خط مواز لذاك الذي يسمع صوت نداء النصرة من الحسين (عليه السلام) ولا يلبي؟
أترك الإجابة لكم، ولنلتقي ليلة غد –إن شاء الله تعالى- مع حكمة حسينية جديدة..
السيد محمد علي العلوي
الأول من محرم 1432 هـ
7 ديسمبر 2010