الهجوم على الدار.. البراءة والبتر

بواسطة Admin
0 تعليق

 

7hn75564

نفي الوقوع شيء وبحث الإمكان شيء آخر، وقد بدت في بعض البحوث غفلة عن مغبة البناء على نتيجة عدم الوقع دون مراعاة إلى موضوعية الإمكان، مما انتهى بنا إلى صراعات جامدة دورانها بين الوجود والعدم، ومن الطبيعي أن تتحول هذه المنهجية غير الصحيحة إلى ثقافة انتشرت بين الكبار والصغار، ومن آثارها السلبية ما نحن فيه اليوم وما نعانيه من ظلم وجور متغلغل في مفاصل الحياة بشكل أقل ما يقال عنه أنه مرعب، هذا وقد حذر القرآن المجيد من خطوات كل من تثبت شيطنته (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)، ومن الواضح أن الخطوات تسبق الوقوع، ولذلك فإن البناء على شيطانية الخطوات حكمة، وانتظار الوقوع مع العلم بشيطانيتها فهو سفه بلا شك.

في قضية هجوم القوم على دار الزهراء (عليها السلام) طلبًا –بحسب الظاهر- لأمير المؤمنين (عليه السلام) شبه اتفاق إن لم يكن اتفاق تام، ولكن الكلام وقع في تفاصيل الهجوم، وهل حرق باب الدار أم لا، وهل ضربت الزهراء (عليها السلام) أم لا، وهل عصرت بين الباب والحائط أم لا، وهل سقط جنينها أم لا، وهذا كله بحث في الوقوع، ومن حق الباحث علميًا الانتهاء إلى ما ينتهي إليه بحثه إذا كان بحسب الموازين العلمية، ولذلك فإنني لا أحبذ الخوض في مثل هذه النزاعات إلا في حدود طرح الدليل والدليل الآخر، وما أنا بصدده الآن إنما هو إثارة بحث الإمكان، فأطرح السؤال التالي:

بحسب المقدمات الموضوعية، فهل من المستبعد أن يقدم القوم على ضرب الزهراء (عليها السلام) وعصرها بين الباب والحائط مما أدى إلى تسقيط جنينها المحسن (عليه السلام)؟

هنا نحتاج إلى استيفاء حق أبعاد ثلاثة:

البعد الأول: أخلاقياتهم وما يحملون من ثقافات تجاه أهل بيت النبي وخصوصًا علي والزهراء (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

البعد الثاني: الأجواء التي رافقت رحيل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) عن هذه الدنيا، وأجواء السقيفة وما بعدها، والأجواء التي لازمت رفض أمير المؤمنين (عليه السلام) للسقيفة وما كان فيها وما انتهت إليه.

البعد الثالث: البحث عن العلل من خلال معلولاتها، والمؤثرات بالآثار، وهذا ما يعبر عنه بالطريق الإني، فنحن اليوم نعيش واقعًا طاغوتيًا مزريًا قد تحققت في واقعها الكثير من الإثباتات التي عايشناها كبارًا وصغارًا وبنفس المستوى، وينبغي لنا تتبعها إنيًا لغاية الوصول إلى محطات عللها.

ومن الأبعاد الثلاثة:

هل كانت مصادرتهم لفدك اجتهاد شخصي؟ وهل من المعقول أن ترد شهادة علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟

ينقل السيد ابن طاووس في الطرائف أن أبا بكر هم بكتابة كتاب إلى فاطمة الزهراء (عليها السلام) في فدك “فاستوقفه عمر بن الخطاب وقال: إنها امرأة فادعها بالبينة على ما ادعت، فأمر أبو بكر أن تفعل، فجاءت بأم أيمن وأسماء بنت عميس مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) فشهدوا لها جميعا بذلك، فكتب لها أبو بكر، فبلغ ذلك فأتاه فأخبره أبو بكر الخبر، فأخذ الصحيفة فمحاها فقال: إن فاطمة امرأة وعلي بن أبي طالب زوجها وهو جار إلى نفسه ولا يكون بشهادة امرأتين دون رجل.

فأرسل أبو بكر إلى فاطمة (عليها السلام) فأعلمها بذلك، فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو أنهم ما شهدوا إلا بالحق. فقال أبو بكر: فلعل أن تكوني صادقة ولكن أحضري شاهدًا لا يجر إلى نفسه. فقالت فاطمة: ألم تسمعا من أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أسماء بنت عميس وأم أيمن من أهل الجنة؟ فقالا: بلى. فقالت: امرأتان من الجنة تشهدان بباطل! فانصرفت صارخة تنادي أباها وتقول: قد أخبرني أبي بأني أول من يلحق به، فوالله لأشكونهما، فلم تلبث أن مرضت فأوصت عليًا أن لا يصليا عليها وهجرتهما فلم تكلمهما حتى ماتت، فدفنها علي (عليه السلام) والعباس ليلًا”[1].

هذه حادثة من ضمن حوادث تدل مباشرة على حالة ثقافية سلوكية بارزة منهم تجاه أهل البيت (عليهم السلام)، وليست فدك إلا مظهر من مظاهر تلك الحالة التي في قبالها أعلن المعصومون (عليهم السلام) براءتهم الأصيلة من القوم حتى أن الزهراء (عليها السلام) ماتت وهي واجدة عليهم كما يذكر ذلك البخاري في كتابه الموسوم بـ(صحيح البخاري)، فعن عائشة “أن فاطمة (عليها السلام) بنت النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإنى والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم فأبى أبو بكر ان يدفع إلى فاطمة منها شيئًا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرتهفلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها على ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر[2].

ولو أننا نغادر تلك الحقبة الزمنية الحافلة بالمواقف الغريبة التي تبناها بل وثبت عليها لون من الصحابة ممن قال فيهم الله تعالى في محكم الذكر الحكيم (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) وننتقل إلى المرحلة التي تجرأ فيها الحكام على ارتكاب مخالفات صريحة لأصول البناء الإسلامي التي قررها رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظريًا وعمليًا، وقد تبلورت تلك المخالفات والتجاوزات بحجر الركن الذي دشن له معاوية بن أبي سفيان عندما قرر حصر الحكم في قبيلته وعرقه مهما كانت الظروف، بل وحتى تكون الفاتحة فاتحة حسم فإنه أوصى بكرسي الحكم إلى ابنه يزيد المعروف بين الموالف والمخالف بجوره وفسقه وفساده، ويكفينا تصريح السبط الشهيد (عليه السلام): “ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله”[3].

وأقول هنا، بأن البراءة لو أنها أعلنت بشكل صريح وعملي منذ حادثة يوم الخميس التي يصفها عبد الله بن عباس بالرزية لكان حالنا اليوم غير حال وموقعنا من العالم غير موقع.. قال مسلم في كتابه (صحيح مسلم): “عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم: هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلون بعده. فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم كتابًا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم: قوموا. قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه و(آله) وسلم وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم”[4].

فلابد من ملاحظة ما وصف به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الكتاب الذي أراد كتابته (لن تضلوا بعده)، أي أنه كتاب عاصم من الضلال مؤبدًا، ثم فلنلاحظ موقف عمر بن الخطاب في قوله (حسبنا كتاب الله)، هذا وليس مما يحتاج إلى فقاهة أن يعرف (الصحابي) معنى قول الله تعالى عن رسوله المعصوم (صلى الله عليه وآله): (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)، إلا أنه حال (بحسب تعبير عبد الله بن عباس) بين الرسول (صلى الله عليه وآله) وبين أن يكتب ذلك الكتاب الذي يتكفل عصمة الأمة من الضلال مؤبدًا، وفي الواقع أن هذا الموقف ليس إلا من مظاهر الثقافة السلوكية للقوم والتي أشرت إليها سابقًا، ولو أن المؤمنين أعلنوا البراءة صريحًا وبشكل عملي لما آل أمر الإسلام إلى سقيفة بني ساعدة ثم معاوية ويزيد إلى الدوانيقي مهندس الخلافة العباسية وصولًا إلى اليوم.

أمواج من الإنحرافات الضلالية المقصودة انطلقت دقيقًا مع انطلاق الدعوة المحمدية، ومما يؤسف له أن الحالة الجماهيرية لم تكن بمستوى إعلان البراءة في شكلها العملي وإن أضمرها البعض، وقد يكون واضحًا موقع حادثة الهجوم على دار الزهراء (عليها السلام) من مجمل الأحداث التاريخية الفارزة للمؤمنين عن غيرهم من المسلمين والمتأسلمين (قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، فهي من المنظور السياسي (كسر عظم)، أي أننا لا نتوقف عند خط أحمر أو عنوان مقدس، وبذلك فلا تعولوا على حرمة تحميلكم، وهذا هو ما انعكس في صور عديدة على يد البعث العفلقي العراقي عندما سجل سابقته باعتقال آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) وقبله وبعده الكثير من العلماء الفقهاء المجتهدين وارتكاب أشد أنواع التعذيب عليهم حد الموت، ولم تتوقف الجرائم عند الرجال فقط، بل شملت النساء والأطفال، والمعيار دائمًا هو الموقف مع النظام الحاكم، ولم يكن الحال إلا كما كان قبل مفصل الرسالة المحمدية وبعده!!

ولو رجعنا –عرضًا- إلى حادثة هجوم الدار وتوقفنا قليلًا عند الإشكال المشهور وهو عدم تعقل سكوت الإمام علي (عليه السلام) وهو المعروف بالشجاعة والبأس والبطولة، فإننا لن نواجه صعوبة في رده حلًا، كما وأن الرد بالنقض مما تنطق به صفحات التاريخ، ومنها اصطحاب الإمام الحسين (عليه السلام) للنساء والأطفال في رحلة كربلاء مع علمه بما يجري عليهم من سبي وألوان العذاب، ناهيك عن إصراره على مواجهة جيش متوحش قوامه (بحسب بعض مصادر العامة) أربعة آلاف جندي مجهز بكامل عتاده، في الوقت الذي لم يصل فيه جيش الحسين (عليه السلام) إلى المئة رجل!! أوليس هذا رمي للنفس وباليد في التهلكة؟

لن أتوقف كثيرًا عند حادثة الهجوم على الدار، فالغاية من هذه السطور قد تجاوزت التحقيق الذي لم يقصر فيه كبار العلماء والمحققين، وإنما كان انطلاقي منها لتسجيل نقطة نظام واضحة على دعوات معينة سوف أشير إليها تاليًا إن شاء الله تعالى.

  • في البراءة ومسألة (البتر):

عن سدير قال: “دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ومعي سلمة ابن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النواء وجماعة منهم، وعند أبي جعفر (عليه السلام) أخوه زيد بن علي (عليه السلام)، فقالوا لأبي جعفر ( عليه السلام ): نتولى عليًا وحسنًا وحسينًا ونتبرأ من أعدائهم. قال: نعم. قالوا: فنتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم. قال: فالتفت إليهم زيد بن علي (عليه السلام ) وقال لهم: أتتبرؤون من فاطمة (عليها السلام) بترتم أمرنا بتركم الله، فيومئذ سموا البترية”[5].

على مر تاريخ التشيع وموجة البراءة من أعداء الله وأهل البيت (عليهم السلام) لن تتوقف، فهي في واقعها نتيجة لثقافة الولاية من جهة وإحياء أمرها من جهة أخرى، إلا أنها براءة كتلك التي تلبستها شريحة من المؤمنين في يوم الخميس (يوم الرزية بحسب تعبير عبد الله بن عباس)، وتواصل إلى يوم السقيفة وما أعقبها من الأيام والدول.. براءة نظرية فقط لا تغني ولا تسمن من جوع، وبالرغم من قيامها نظريًا إلا أنها تنقلب بترًا صريحًا على المستوى العملي، فالقضية ليست في لعن فلان وقرع الطبول في وجه فلان، ولا هي بالتغني وإيهام النفس بالقوة والبأس في الوقت الذي يكون فيه عمله على قدم وساق لتقوية وجود ما تبرأ من علته بالقول والصراخ!!

إنه يعمل وبدوام كامل على تقوية البناء التاريخي للخط المعادي لله ورسوله وأئمة الحق (عليهم السلام)، وعندما يطلب منه تفعيل البراءة عمليًا فإنه يتعذر بمليون عذر بل ويوظف القرآن الكريم وسيرة المعصومين (عليهم السلام) لخدمة موقفه (البتري) وهو نفسه ممن يحاربون البترية ويضربون يمينًا وشمالًا خلطًا وخبطًا!

نحتاج أن نلتفت إلى أن الكثير جدًا من المؤمنين قد غفلوا عن المعنى الدقيق للبراءة، وهذا يدل على خلل في فهم الولاية، ومن هذا المفصل الثقافي انطلقت دعاوى التقريب غير المتوازنة، وهنا أسجل نقطة مهمة، هي أن التشيع لا يعارض التعايش مع الآخرين، وليس هو من المذاهب المثيرة للمشاكل والفتن، ولكنه يشترط أمورًا للتعايش، من أهمها المحافظة تمامًا على الخط الفاصل بين التعايش وأدنى تنازل عقدي أو فقهي، ولأن التشيع لا يرفض قاصديه فإنه مذهب لا يعاني مشاكل نفسية ضد الآخرين ممن يريدون التعايش مع أبنائه، ولا يشعر التشيع بحاجته للغير إلا في حدود المحافظة على حيوية التعاطيات الثقافية بمختلف أنواعها وألوانها وما ينتج عنها من سعة أفق.

ينبغي أن يكون واضحًا أمرُ الولاية وما تقتضيه من طلاق بائن لكل سبل دونها، وسبيلها الأوحد هو أهل البيت (عليهم السلام)، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، والشيعي يوالي أهل البيت (عليهم السلام) ويتبرأ نظريًا من أعدائهم، ولكنه يتوالهم عمليًا بمجرد الدخول مع أوليائهم في مشاريع التقارب التي لم ولن تؤتي أكلًا طيبًا وإن جللت بالوعود وزينت بأحلى العناوين، ولنا في الأحداث الأخيرة خير مثال عندما تعرض الشيعي لأبشع صنوف الظلم والجور والتعذيب، ولم نرى منهم موقف خير على الإطلاق، بل وحتى من كنا نتغنى بالتعايش معهم في وطن واحد ونعلن للقاصي والداني عن التناسب بيننا وبينهم، لم نجد منهم غير التشفي والسب والشتم والدعاء علينا بالحرق والخسف.. لماذا؟ لأننا سعينا لتحصيل القليل من حقوقنا، وأكثر من ذلك أنهم يكذبون ما عشناها واقعًا وحقيقة من تعذيب وتقتيل، بل أنهم جعلوا من المقتول قاتلًا ومن المظلوم ظالمًا، أما البعض منا فلا يزال مراهنًا على شعارات أبعد ما تكون عن الواقعية مثل عناوين الأخوة ووحدة الصف وما شابه.

لست أدعو لمعاداة الآخرين، ولكنه واقع له جذور تاريخية في أرضية واقع ديني عقدي، وإنكاره يعني إنكار لجوانب من الدين والعقيدة، وهذا متحقق وإن كان خفيًا متواريًا، وفي نفس الوقت فإن البراءة العملية والتي من الممكن جدًا أن تكون هادئة متزنة ضرورة دينية بامتياز، بل هي من مقدمات النصر من الله سبحانه وتعالى، إذ أنها –وبلا شك- من مصاديق الإنتصار لله سبحانه وتعالى، ولكنها –قطعًا- البراءة العملية والتي لا ترفض ذاتًا من أن تكون بلا صوت جعجعي يثير الفوضى وغالبًا أنه لا يبني قاعدة ولائية تعي موقع قدمها.   

 

السيد محمد علي العلوي

28 صفر 1434هـ/ 11 يناير 2013م

  

[1] – الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف – السيد ابن طاووس – ص 248 – 249

[2] – صحيح البخاري – البخاري – ج 5 – ص 82

[3] – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 44 – ص 325

[4] – صحيح مسلم – مسلم النيسابوري – ج 5 – ص 76

[5] – من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق – ج 4 – ص 544

 

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.