ذَكَّرَني حَدَثُ اليوم برسومات الأمس.
تذكرتُ الدينماركي ورسوماته المسيئة للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ولم يغب عن بالي الموقف البالي لعموم الإمة الإسلامية، ذلك الموقف الذي لم يتجاوز حدود البيانات والاستنكارات والمظاهرات وبعض الملصقات!
طرحتُ حينها فكرةً استثمار الحدث لمصلحة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)، و(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وذلك بتكثيف الجهود للكتابة العلمية الرصينة حول شخصية الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وسيرته المباركة، ثم طباعة ما يُكتب مُتَرْجَمًا إلى الانجليزية والدينماركية والهولندية والفرنسية والألمانية وغيرها في ملايين النسخ وتوزيعها حول العالم مجانًا، خصوصًا وأن الناس في وقتها كانوا متأهبين لاستقبال المعرفة بسبب ما أثارته الرسومات من ردات فعل صنعت جوًّا خاصًا.
تكررت اليوم طبيعة الحادثة في صورة أخرى، قد أساء بعضهم إلى عقيدة الشيعة الإمامية في الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)، والعاقل يعلم جيدًا أن الإساءة تعود على صاحبها أولًا وأخيرًا، وهو (العاقل) يعلم أيضًا أن قوته إنما هي في القدرة على استثمار مثل هذه الحوادث.
نحتاج اليوم إلى هَبَّةٍ علمية مهدوية تحول العالم إلى أمواج من الطرح العقائدي الرصين على مستويات مختلفة وبصور شتى، فمن البحث العلمي إلى الكتاب السردي، ومن المحاضرة إلى الندوة، ومنها إلى العمل المسرحي والمناظرات الداخلية وغيرها من الأنشطة الثقافية الفكرية الجادة.
كم عدد الجمعيات والمؤسسات والهيئات الإيمانية المنتشرة في قرانا ومدننا البحرانية؟
لو أن كل واحدة منها تتبنى مشروعًا مهدويًا يقوم في بنيانه على أسس علمية صحيحة، لكنا على الطريق الصحيح نحو ثقافة إسلامية رسالية واضحة المعالم.
لقد فتح الكاتب المفتري آفاقًا رحبة أمام المؤمنين للعمل الجاد على نشر الثقافة المهدوية في المجتمع ودعوة العالمين لخير الدنيا والآخرة عبر ضرب أرقى أمثلة الالتفاف حول راية الحق الإلهية والعمل تحت ظلالها في تناغم وتناسق بين مختلف التيارات.
نمتلك في مجتمعنا الصغير الكثير من الطاقات الكبيرة الرائعة، ونطالبها اليوم بعقد العزم على نظم برامج علمية متدرجة لتستغرق ما لا يقل عن عشر سنوات قادمة، ولا ننسى أبدًا أن الخير كل الخير في البناء الذي يقوم على عقيدة صحيحة تمتد من التوحيد إلى المعاد مرورًا بالعدل والنبوة والإمامة، ولا طائفية في هذا، ولكنها عقيدتنا. وكفى.
السيد محمد علي العلوي
25 من شهر رمضان 1435 هجرية
23 يوليو 2014 ميلادية