كانت السجدة الواحدة من إبليس (اللعين) لله تعالى تستمر لسنوات طوال، هكذا ورد في الروايات الشريفة عن أهل البيت (عليهم السلام)..
عبادة إبليس (اللعين) لله تعالى أمر حسن جميل رائع يتمناه المؤمنون لأنفسهم، هذا ولا ننسى بأنه كان مقرب مرفوع الى صفوف الملائكة بسبب عبادته.. ولكن كل ذلك لا يصحح بل لا يمكن أن يصحح ما ارتكبه تاليًا من ذنوب، كما وأن ذنوبه لا علاقة لها بحسن عبادته، فهذا أمر وذاك أمر آخر، وكل من الأمرين يبقى على واقعيته، وفي قبالهما الحكم العنواني على إبليس بأنه مستكبر ملعون..
المشكلة إنما هي عندما نجعل من الإيجابيات عنوانًا حكميًا فتصحح الأخطاء به ثم يتحقق التقديس ورفض الآخر عمليًا وإن خالف النظر ذلك، والعكس أيضًا عندما نجعل من السلبيات عنوانًا حكميًا فتنقلب الآيات ويكون الصح خطأً ويتحقق الرفض!
عندنا شخصيات إسلامية أقل ما يقال عنها أنها عظيمة، ولكن عظمتها لا تمنع وقوع الخطأ منها فضلًا عن إمكانه، وهذا مثلما أن توكيل الإمام الكاظم (عليه السلام) لعلي بن أبي حمزة البطائني لم يمنع هذا الأخير من الوقوف وإنكار إمامة الرضا (عليه السلام) بل وتعمد الكذب أيضًا!!
نعم.. الحق حق، والصحيح صحيح، والصلاح صلاح، حتى لو كان صادرًا عن مجرم كذاب أشر..
ونعم.. الباطل باطل، والخطأ خطأ، والفساد فساد، طالما أن المنظور إليه ليس واحدًا من الأنوار الأربعة عشر (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)..
إنها انطلاقة الفكر بعد التخلص من أغلال التقديس الواقع وإن أنكر قولًا..
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
محمد علي العلوي
28 ربيع الأول 1434 هجرية
9 فبراير 2013 ميلادية