جاء عن الإمام الحُسين (عليه السلام) أنَّه قال:
إنَّ الناسَ عبيدُ الدُنيا، والدينَ لعقٌ على ألسِنَتِهم، يَحُوطُونَهُ ما دَرَّتْ معائِشُهم، فإذا مُحِّصُوا بالبَلاءِ، قَلَّ الديَّانُونَ”.
عندما يُقَالُ عن الدين أنَّه (هَويَّة) فليستِ (الهويَّة) هَهُنا بمعنى ما يُعرَفُ به الشخص.. هذا غلط، بل هذه مصيبة أن يُشبَّه الدينُ ببطاقة (الهويَّة) التي يُعرِّفُ بها الفردُ عن نفسه، فيُعرَف بها حتَّى لو كان اسمه ليس الاسم المدوَّن فيها!!
(الهويٍّة) في كلامنا عن الإسلام، هي ما يَعرِفُ الإنسانُ نفسَهُ بها.. هي العقيدة الراسخة التي يتمحور حولها الإنسان ويدور في فلكها وإن لم يعرفه الناسُ بها لسبب أو لآخر..
عندما تكون العقيدةُ في النفس (هويَّةً) يزن حاملها مُدخَلاته ومخرجاته عليها فهو حينها لا يخاطر البتَّة بمغادرة شاطئ الاحتياط مهما تلامع اللؤلؤ من صدفه على وجه الماء، ومهما تراقص خيالُ المرجان من أعماق البحر على صفحات الأمواج..
أمَّا إذا كان الدينُ (هويَّةً) ليظهر بها حاملُها أمام الناس، فهو حينها لا يتردَّد عن تشكيلها وتلوينها بحسب تشكلات وتلونات الدنيا.. فيوم يخرج بين الخلائق بشعارات الذوبان في الإسلام وقِيَم الزهد وما نحوها ممَّا يناسب أحوال الحياة وتوجُّهات الناس.. ويوم يُرَى وهو يصول ويجول في ميادين مساواة النساء بالرجال ورفع القيود (بحسب زعمه) عن المرأة لتمارس دورها الريادي في المجتمع!!
وفي جميع الحالات يدعو ويتحدَّث ويُنَظِّر باسم الدين متقمِّصًا التدين والالتزام..
هذه تيَّارات وتوجُّهات موجودةٌ على مرِّ التاريخ.. مرَّة بقيادة بلعم بن باعوراء، وأخرى تحت راية السامري.. وثالثة يتزعَّمها الشلمغاني..
انحرافات كثيرة، وهذا الذي أشرنا إليه واحدٌ من خلفياتها..
فلنحذر الوقوع في مهاوي تزيينات الشيطان وتنميقات جنوده، ولنكن على يقين تام بأنَّ وجودنا في هذه الحياة (ليس مزحة)، فلنُحسن الاختيار، ولنكن دقيقين في احتياطاتنا عند تقدير الأمور..
تاريخ المنشور: 5 فبراير 2020 للميلاد