تفضَّل عليَّ أحدُ الأحِبَّةِ بـ(سُبَّاگِ) رُطَبٍ مِنْ مزرَعَتِهِ الواقعة في قريةِ الشاخورة..
احتضَنَ (السُبَّاگُ) في قلبه ثلاثةَ أصنافٍ من الرُطَبِ.. .
تناولتُ شيئًا مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، ثُمَّ ازددتُّ منها..
أردتُ التأكُّدَ؛ فاستطعمتُ المزيدَ..
لم يتغيَّر الرُّطَبُ!!
طالما بحثتُ في بِطِّيخِ اليوم عن طعمِه اللذيذ الذي لا يزال عالقًا في شيءٍ منِّي.. منذُ عقودٍ مضَتْ، ولكنَّ بحثي طال ولم أستطعم اليوم غير فسادِ يدِ الإنسان في البِطِّيخِ وفي البرتقال وفي الموز.. وفي كلِّ شيءٍ تحوَّل جشَعًا لمفرخَةِ دراهم ودنانير!!
إلَّا الرُّطَب!!
تواصلتُ مع أحدِ الإخوة الأحِبَّة من أهل الزراعة والفِلاحة.. سألتُه:
هل وصلتْ يدُ الجشع إلى النخلة لتطمَّ خيرها بالأسمدة الكيماوية وما في حكمها؟
قال صاحبي: لا، وحتَّى الإسمادُ بالعُوم (سمك صغير يستعمل في الإسماد) لم يُستعمل قديمًا للنخلة.. وأضاف:
“كلُّ ما فيها (يقصد النخلة) يستفاد منه لغاية اليوم، وهي وما فيها، حيًّا كان أو بعد موته يستفاد منه.. كل ما فيها بلا استثناء”.
نظرتُ إلى الرُّطَب، ودعوتُ اللهَ بقلبٍ يعتصر ألمًا على حياةٍ أُنهِكَتْ وهي تُقاومُ القتلَ ذبحًا وخنقًا..
قلتُ.. اللهم أدِم يدَ العِصمَةِ لتحفظ النخلَةَ عن عبث الخاسرين..
قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
أمَّا في النخلة العظيمة ورطبها، فقد جاء:
(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا)
عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: “استوصوا بعمَّتِكم النخلة خيرًا، فإنَّها خُلِقَتْ من طينة آدم؛ ألا ترون أنَّه ليس شئٌ مِنَ الشجر يلقح غيرها؟”
عن أبي جعفر أو عن أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: “فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ”، قال (عليه السلام: ” أزكى طعامًا” التمر”
تاريخ المنشور: 3 أكتوبر 2019 للميلاد