تصدَّى أعلامُ الطَائِفَةِ، في قُرونِ مُتَعَاقِبَةٍ، لتجنيبِ المُؤمنين ذوي الأفهام والعقول، الوقوع في مهاوي اتِّباع خطوات الشيطان الذي ما استكان ساعةً عن تشكيك العباد في الثِقل الأعظم، وعدل الكتاب الأفخم، حديث العِترة الطاهرة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ومن الذين برزوا في هذا المِضمار المُقدَس، فمِن المتقدِّمين، شيخنا محمَّد بن الحسن الطوسي (علا برهانه)؛ في كتابه المُركَّز: الاستبصار فيما اختُلِف من الأخبار، بعد البسط في كتابه الكبير تهذيب الأحكام؛ فبيَّن الوجوه العلمية الرصينة، التي من فهمها فهم ضبطٍ واستيعاب، وقف على انحسار دائرة التعارض بين الأحاديث الشريفة، وبان له أنَّ زواله رهين الفهم القويم لمقاصد ومخرجات أحاديث الأطهار (عليهم السلام).
ومِنَ المُتَأخرين، ارتفع وانتشر علَمُ شيخنا المُحقِّق، صاحب التدقيقات الواعية، الحِبر المُحدِّث محمَّد بن الحسن الحر العاملي (علا برهانه)، فأبدع الوسائِلَ إبداعًا، أخشى الاستطراد في وصفه فأقع في محذور الغلو، فأُمسِكُ عن ذلك؛ وكفى به ناطقًا بعلو شأن نفسه دون حاجة إلى مدح وإطراء. وبعد الوسائل تفتَّقتْ القريحة العلمية لشيخنا الحر (طاب رمسُه) عن كتابٍ، لو أنَّنا نُعرِضُ عن كلِّ شيءٍ ما عداه، لكفانا إلى يوم يبعثون في استنباط أحكام الحياة بما يُبنى عليه الفِكر القويم المُحكم على وفق القوانين التي جعلها الله تعالى جعلًا تكوينيًا، من سار على هديه رشُدَ، ومن زاغ عرَّضَ نفسه لسقطات تتلوها سقطات.
عقدتُ العزمَ متوسِّلًا إلى الله تعالى بسادتي الأطهار، محمَّدٍ وآله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، أن أكون تحت نظره تعالى وعنايتهم (عليهم السلام)، فأُوفَّق للكتابة في الكليات الثابتة، والأصول الراسخة، للأئمة (عليهم السلام)، شرحًا لبعض أحاديث السِفر العظيم، الموسوم بـ: الفصول المهمَّة في أصول الأئمة (عليهم السلام).
نلتقي إن شاء الله تعالى مع مقالٍ أُسبوعي يتناول قاعدةً كلية مستنبطة من أحاديث هذا الكتاب الجليل.
لا تنسونا من الدعاء، كما لا ننساكم إن شاء الله تعالى
السيد محمَّد علي العلوي
5 شعبان 1440 للهجرة
البحرين المحروسة