كيفُ الإحياء في ذكرى سيّد الشهداء (صلوات الله عليه) ll مقالة لسماحة الشيخ محمَّد مسلم الصائغ

بواسطة Admin
0 تعليق
مقالات عاشوراء
مع إشراقةِ صباحِ اليوم الأخيرِ من شهر ذي الحجة، تستعد الشمس لسطوعِ شعاعها على قمرٍ لا يقبل الإضاءة، لا استعداد له لتلقي ذلك، يُفضّل أن لا يُرى، يبقى ما كثًا خلف الظلام، مكتسٍ بحلّة السواد، معلنًا عن دخولِ المحرّم.
تكتسي الطرقات والبيوت بالسواد حدادًا على ما جرى في كربلاء على سيّد الشهداء (صلوات الله عليه) وعلامةً على الحزنِ والأسى، وهو ما تعارف عليه البشر؛ من أنّ لُبْس السوادِ بكيفيّة معيّنة يدلُ على المصيبة.
إظهار المصيبة والجزع على سيّد الشهداء مأمورٌ به من المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) وفِي ذلك عدّةُ شواهد منها:
١/ عن الإمام الرضا (عليه السلام): “يا بن شبيب! إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، فإنّه ذُبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيهون” -عيون أخبار الرضا ج٢ ص٢٦٨-
٢/ عن مسمع بن عبد الملك قال: قال لي أبو عبد الله (ع) -في حديث:- أما تذكرُ ما صُنع به يعني بالحسين (عليه السلام) ؟  قلتُ : بلى، قال : أتجزعُ ؟ قلتُ : إي والله ، وأستعبِرُ بذلك حتى يَرى أهلي أثرَ ذلك عليَّ ، فأمتنعُ من الطعام حتى يستبينَ ذلك في وجهي ، فقال (ع): ” رحِمَ اللهُ دمعتَك ، أما إنَّك من الذين يُعدُّون من أهل الجزعِ لنا، والذين يفرحونَ لفرحِنا، ويحزنونَ لحُزننا، أما إنَّك سترى عند موتِك حضورَ آبائي لك ، ووصيتَهم ملَكَ الموتِ بك ، وما يلقونَك به من البِشارة أفضل، ولَملكُ الموتِ أرقُّ عليك وأشدُّ رحمةً لك من الأُمِّ الشفيقةِ على ولدِها… -كامل الزيارات ص ١٠٩ ، الباب الثاني والثلاثون-
٣/ عن صالح بن عقبة، عن مالك الجُهني، عن أبي جعفر الباقر (ع) في حديث زيارة الحسين (ع) يوم عاشوراء من قرب وبعد – قال: ثم لِينْدِبْ الحسين (ع) ويبكيه، ويأمرْ مَن في دارِهِ بالبكاءِ عليه، ويقيم في داره مصيبتَه باظهارِ الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاءِ بعضهم بعضًا بمصاب الحسين (ع)..” -كامل الزيارت ص١٨٣ ، الباب الواحد والسبعون-
يستفاد من هذه الروايات وغيرها التركيز على إحياء أمر الإمام الحسين (عليه السّلام) من خلالِ إظهارِ المصيبة والجزعِ عليه، وفِي ذلك سرٌ قد نبلغهُ وقد لا نبلغهُ، بحسب الروايات ينبغي الإجتهاد في إظهار الحزن والجزع على سيد الشهداء (صلوات الله عليه)، ويُبنى على مسألةِ الحزن في خصوص إحياء أمر الإمام الحسين (عليه السّلام) الفكر الصحيح والثقافة السليمة تاليًا، وذلكَ فيما يُحدِثُهُ البكاءُ في نفسيّة الإنسان وروحهِ وقلبهِ وعقلهِ ، والأخير يُطلبُ في محله.
محمّد مسلم الصائغ
٢٣ ذو الحجة ١٤٩٣
الموافق ٤/٩/٢٠١٨

مقالات مشابهة

اترك تعليق


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.