لا ينبغي قياس الشيعي الموالي على غيره، ولا تصح المقارنة؛ فولاية الموالي مرَّت ولا زالت بصنوفٍ من الابتلاءات منذ عالم الذر، فلنكن رحماء بيننا ما استطعنا..
اللهم نسألك البصيرة في تدبراتنا لنور أهل بيت العصمة (عليهم السلام)..
عن عبد الله بن سنان، قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
جُعِلتُ فداك، إنِّي لأرى بعضَ أصحابِنا يعتريه النزق (الخِفَّة عند الغضب) والحِدَّةُ والطيشُ، فأغتم لذلك غمًّا شديدًا، وأرى مَنْ خالفَنا فأراه حسنَ السمتِ.
قال (عليه السلام):
لا تقل حسنَ السمتِ؛ فإنَّ السمت سمت الطريق، ولكن قل حسن السيماء؛ فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود).
قال: قلتُ:
فأراه حسن السيماء وله وقار فأغتم لذلك.
قال (عليه السلام):
لا تغتم لما رأيت من نزق أصحابك، ولما رأيت من حُسن سيماء من خالفك.
إنَّ الله تبارك وتعالى لمَّا أراد أن يخلق آدم
خلق تلك الطينتين، ثُمَّ فرقهما فرقتين، فقال لأصحاب اليمين كونوا خلقًا بإذني، فكانوا خلقًا بمنزلة الذر يسعى، وقال لأهل الشمال: كونوا خلقًا بإذني، فكانوا
خلقًا بمنزلة الذر، يدرج، ثُمَّ رفع لهم نارًا، فقال: ادخلوها بإذني، فكان أوّل من دخلها محمَّدٌ (صلى الله عليه وآله)، ثُمَّ أتبعه أولو العزم من الرسل وأوصياؤهم وأتباعُهم، ثُمَّ قال لأصحاب الشمال:
ادخلوها بإذني، فقالوا: ربَّنا، خلقتنا لتحرقنا؟ فعصوا، فقال لأصحاب اليمين: اخرجوا بإذني من النار، لم تكلم (تجرح) النار منهم كلمًا، ولم تؤثر
فيهم أثرًا، فلمَّا رآهم أصحابُ الشمال، قالوا:
ربَّنا، نرى أصحابنا قد سلِموا فأقِلنا ومُرنا بالدخول.
قال: قد أقلتكم فادخلوها، فلمَّا دنوا وأصابهم الوهج رجعوا، فقالوا:
يا ربَّنا، لا صبر لنا على الاحتراق، فعصوا، فأمرهم بالدخول ثلاثًا، كل ذلك يعصون ويرجعون، وأمر أولئك ثلاثًا، كل ذلك يطيعون ويخرجون، فقال لهم:
كونوا طينًا بإذني، فخلق منه آدم.
قال: فمن كان مِنْ هؤلاء لا يكون من هؤلاء، ومن
كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء، وما رأيت من نزق أصحابك وخلقهم فمما أصابهم من لَطْخِ (قليل مما عند) أصحاب الشمال، وما رأيت من حُسن سيماء مَنْ خالفكم ووقارهم فمما أصابهم من لَطْخِ أصحاب اليمين.
(الكافي، ج٢، كتاب: الإيمان والكفر، باب أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله، أول من أجاب وأقرَّ لله عزَّ وجلَّ بالربوبية، ح٢).
……………….
السيد محمد علي العلوي
20 نوفمبر 2015 ميلادية
8 صفر 1437 هجريَّة