انهارت دولتهم.. هذا صحيح تُثْبِتُه الخريطة الجغرافية المعتمدة عالميًا، فلا وجود لما سمي بالاتحاد السوفيتي، وكذلك انهارت غيرها من الدول (الشيوعية)، ولكن دعوتي في هذه السطور أن يبذل القارئ الكريم شيئًا من الوقت في قراءة الفكر الماركسي ويتثبت جيدًا من أدبياته، ثم فلتكن منه نظرة رأسيه للعالم ثم لمجتمعاتنا الشرقية وخصوصًا في العقد الأخير، ومن بعدها فليعرض النتائج على انتمائنا الديني والمذهبي!!
أترك هنا طرحًا عامًا جدًا..
أقول عن قناعة، أن الفكر الماركسي يفرض نفسه بقوة لم أكن لأتصورها، حتى صار داخلًا في مفاصل مختلف المدارس الفكرية في عموم المجتمع العالمي، والمسلم منه ليس مستثنى، ومن شدة أمره أنه قَبِلَ التخلي عن مظهره الخارجي ليكون في مخبر مظاهر أخرى يعتقد أصحابها أنهم في أمن وسلام من الاختراقات، ولكن الحال أنهم يتنفسون بيان ماركس وإنجلز (بيان الحزب الشيوعي)، بل وأكثر من ذلك أن العالم وفي صيغته الرأسمالية يتحرك وبشكل مخيف على سكة الماركسية في ظل غياب التنظيم الفكري الخالص والمستقل للمدارس الأخرى.
وهنا أطرح مشهدين وبشكل عام أيضًا..
يتحدث الفكر الماركسي عن طاحونة الصراع الطبقي ويقدمه في فلسفة جريئة جدًا، وهي – كما أفهم – منطق إبليسي هو الحاضر حتمًا إن لم يواجهه منطق النقض الصحيح، وفي نظرنا هو منطق السماء في الثقلين الكتاب والعترة.
ومن مظاهر ومراتب ومراحل الصراع يتحدث ماركس وصديقه عن مرحلة يتحول فيها الطحن إلى طحن بين (الأدنى) و(عدو) عدوه، وهنا تأتي اللعبة، وقد أطلق عليها البعض عنوان (لعبة الحرب بالوكالة)، فالعدو اليوم ونتيجة لدراسات ومخططات وأدوات تنفيذية متقدمة جدًا، وفي ظل تخلف المجتمعات عن قراءة الآخر وفهم لغته، تمكن وبجدارة من أن يكفي نفسه شر القتال بعد أن فَرَّغَنا لمقاتلة بعضنا البعض جسديًا ونفسيًا وماديًا ومعنويًا وعلى مختلف الأصعدة والميادين، وقد تحدث المذكور عن من أسماهم بالرجعيين والعقائديين ودورهم في إدارة الطاحونة تمهيدًا لعهد الطبقة الواحدة وبالتالي انتشار الأمن والسلام!!
هذه رسالة، فافهمها..
وأما الأخرى:
أَصَّلَ ماركس وإنجلز وبشكل قوي جدًا إلى نظرية (الثورة) بحسب موازين طاحونة الصراع، وقدماها على أنها طبيعة بشرية لا يمكن التخلص منها إلا بعد تحقق العنوان الأسمى وهو انصهار الطبقات في طبقة واحدة، ومما وجها وأصَّلا إليه، أن (الثورة) حالة قهرية يشعلها فرد فتعم الطبقة (الأدنى) وهي طبقة الناس الذين يؤجرون عقولهم وطاقاتهم وجهودهم مقابل (الراتب الشهري)، ولذلك فهي لا يمكن أن تكون متعقلة أبدًا، بل من يحاول الترويج لخلاف ذلك فهو خارج دائرة الفهم أصلًا!
وكانت ثانية، فافهم..
القضية أن الفكر الماركسي أصبح العجينة المخترِقة والممتزِجة التي تقوم عليها مختلف الصيغ الثقافية والفكرية، فسين ماركسي من حيث لا يشعر ومثله صاد وعين وغين..!
همسةٌ، والفهم دورك: (وقالوا اليوم: يساري..!! فأهلًا وسهلًا)
في نظري أننا مؤهلون وقادرون على تصحيح الوضع وصناعة واقع جديد، ولكن هذا رهين المكاشفة التامة ومواجهة الحقيقة بلا مداراة، فإن كنتُ مُصيبًا في فهمي، فنحن مخترقون يمينًا وشمالًا وفي العمق، وهذا يحتاج منَّا إلى مواقف جادة لتصحيح المسار، وإن كنت على غير صواب، تبقى ضرورة التوقف قائمة للنظر في مواطن الخلل.
فلندقق قليلًا لنعرف كثيرًا..
السيد محمد علي العلوي
28 جمادى الآخرة 1435 هجرية
28 إبريل 2014 ميلادية