وما دخلي أنا إن كان من أهل الجنة أو من أهل النار؟!!
الجنة لله تعالى يدخل فيها من يشاء، والنار له جلَّ في علاه يرمي فيها من يشاء، وقد وضع الموازين القسط وهو أعلم بها، وليس منَّا من يتمكن إدعاء الإحاطة التامة بحقيقة كل إنسان ما لم يرد فيه نص من الله عز وجل أو من المعصوم (عليه السلام).
ثم لماذا (نبحبش) وراء فلان وعلَّان فقط لنثبت أنه من أهل النار؟
أوليس من المحتمل أن يكون عاصيًا تاب توبة نصوحا قبيل موته فتاب الله تعالى عليه وشمله برحمته وعادل أعماله واقتص منه بطريقته الخاصة؟
من أين نقطع أنه لا توبة لفلان ولا أوبة لعلَّان؟ ولماذا من الأصل نصر على سلبه فرصة التوفيق للتوبة والأوبة؟ وثم لماذا يجتهد البعض لإدخال جماعة في النار وآخرين في الجنة؟
لا أفهم هذه المعادلات النفسانية الغريبة التي تجتاح صدور البعض وتعصف بأمزجتهم حتى تمكنت من معاقد الإنسانية فيهم فحولتهم إلى تنانين يصبون النار من أفواههم وكأن الله تعالى قد أوكل لهم أمر العباد؟
ربما أنصرف عن نفسي لتتبع الخلق مقدمة لإصدار الأحكام على كل واحد واحد منهم، فأدخل الجنة من أريد وأطرد إلى النار من أريد، ولكن هذا بعد أن أضمن الجنة لنفسي أولًا وأحقق لها مُؤّمِّنًا عن العديلة عند الموت، وهذا متعذر تمامًا وممنوع عن كل أحد، أوليس الأولى والحال هذه أن يهتم كل واحد منَّا بنفسه ويوطنها على حب الخير للجميع بدل أمراض الشر الآخذة في الانتشار وخصوصًا في أوساط (المتدينين)؟
إن لله سبحانه وتعالى موازين دقيقة جدًا، ومعادلاتها أكثر دقة منها، ويكفي في المقام جدًا جدًا جدًا ما يثيره في النفس من خوف وجزع، قوله تعالى:
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).
وقوله تعالى أيضًا (أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ).
إننا بالفعل في حاجة ماسة إلى مراجعة هادئة لأنفسنا.. نفسياتنا.. مواقفنا.. أخلاقياتنا.. اجتماعياتنا.. تربوياتنا، فانتشار الأمراض النفسية بات مما لا يطاق فعلًا، ولا نجد له نتاجًا غير إشاعة الكره والبغضاء بين المؤمنين وتنفير عموم الناس من سماحة إسلامنا العظيم..
السيد محمد علي العلوي
14 جمادى الآخرة 1435 هجرية
14 إبريل 2014 ميلادية